الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لكل شيء أصل ولكل شيء مرجع وسبب ينتمي له، فسبب الاستدامة لشيء ما هي طريقة العناية الجيدة به والمعرفة الكافية في كيفية رعايته وتطويره والتعامل معه. كما تفعله الحوكمة تماماً عندما تحقق الأهداف والعدالة بين أصحابها والتطور والاستدامة والشفافية في كل مكان تستوطنه.
للحوكمة أسس ومعايير ومفاهيم كثيرة، يختلف تطبيقها من جهة لأخرى، لكنها نهايةً تسعى الى تحقيق أهداف متقاربة جداً وهي كيفية البقاء بأطول قدر ممكن مع تحقيق الأهداف والمصالح المبتغاة بطريقة سليمة.
من وجهة نظري أحب أن أشبه الحوكمة في حياة الانسان، يسعى الشخص إلى إبقاء جسده في أفضل أحواله ويسعى في الحياة لأجل العيش بصورة لائقة صحية محققة لرغباته، متزنة لاتخشى أي عارض، كذلك ما تفعله الحوكمة للقطاع، فهي تضع الأعمدة التي تستند عليها وتبني الأسس التي تحقق لها المصالح والاستثمارات وتعزز الثقة بين كل من له صلة ومتأهبة لكل عارض ولكل مخاطر قد تواجهها خلال مسيرتها في التقدم.
كثيراً مانسمع مؤخراً عن الحوكمة ومدى أهميتها في مختلف القطاعات لكنها حقيقةً ليست بجديدة فهي متواجدة منذ 1931م متمثلةً في صدور أول نظام تجاري، وصدور نظام الشركات 1965م، ونظام المحاسبين القانونيين 1974م. لكنها عُرِّفت كمفهومٍ مستقل في السعودية عندما اصدرت هيئة سوق المالية لإرساء القواعد والمعايير المنظِّمة لإدارة الشركات المساهمة المدرجة في السوق. وذلك لكي تحمي حقوق المساهمين وأصحاب المصالح من خلال سن بعض المسؤوليات والممارسات التي تقع على عاتق مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية.
تطورت الجهود والتوجهات إلى أن تفرعت مفاهيم الحوكمة وتطورت الى حد يمكن من خلالها الحفاظ على جميع المصالح المشتركة في كل قطاع.
كثيراً ما يتساءل بعض الأشخاص لماذا تحوكم الشركات؟
لطالما كانت غاية الشركات هي تحقيق أعلى مستويات النجاح والتوسع والثبات والاستمرارية في سوق العمل، ولكي يتحقق كل ذلك تأتينا الحوكمة. فهي تعزز رغبة المستثمرين في الاستثمار وتعزز لدى مساهميها أعلى مستويات من الثقة والاطمئنان لأن ذلك يعد مؤشراً على دراية مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بالمخاطر التي تحيط بالشركة وبالتالي قدرتها على إدارة هذه المخاطر والحد منها وتوفير العدالة والشفافية لجميع أصحاب المصالح.
ولكي نحوكم أي قطاع ينبغي التحديد بعناية عن من هم أصحاب المصلحة وأصحاب العلاقة بهم لكي يمكن للحوكمة أن تطبق تطبيقاً صحيحاً، فكلما تحققت المصالح والأهداف المرجوة من جميع الأطراف وجدت الحوكمة.
فالحقيقة لا توجد معايير موحدة في الحوكمة إلا في بعض الأمور لكن عند الرغبة فاختيار معايير معينة ينبغي أن نعي أنه ليس هنالك معايير ثابتة لتطبيق الحوكمة تطبّق على كل القطاعات، فلكل قطاع له كيانه واستقلاليته ومبادئه وقوانينه وصناعته لابد من مراعاتها.
ومن وجهة نظري أرى أن الحوكمة مهمة جداً خاصةً في الشركات العائلية فهي تجعل من كل شريك ومساهم في تلك الشركة على دراية كاملة بما يدور داخل الشركة وخارجها من خلال الشفافية التي تسعى الحوكة في وضعها فينتج عن ذلك قلة المشاكل وتوحد الأهداف وتستمر الشركة سنين طويلة لا تتأثر بغياب أحد أعضاء مجلس الإدارة أو تنحيه عن منصبه، وذلك لأن الحوكمة صنعت في الشركة ذاتها أساس يمكن لأي أفراد العائلة أن يأخذ زمام الأمور باتباع الأسس والمعايير والاستراتيجيات المتبعة مسبقاً. لذلك أصدرت وزارة التجارة دليل حوكمة الشركات العائلية وميثاقها الاسترشادي.
وأيضاً يمكننا أن نرى أهمية الحوكمة عندما كلّف مجلس الوزراء لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بأن يضع الآليات والأسس التي ينبغي اتباعها لتحقيق رؤية 2030 في أكمل وجه، حيث قام المجلس بتطوير نظام حوكمة متكامل لكي يرفع من كفاءة العمل وسهولة التنسيق بين الجهات ذات العلاقة والذي من خلالها يسهل عملية الرقابة على كل ذلك.
نهايةً أود أن أسلط الضوء على مقولة الدكتور بسام البسام “إن تبني وتطبيق نموذج الحوكمة ليس غاية في ذاته، ولكنه وسيلة لتعزيز جودة الخدمات العامة والسيطرة على الفساد وتحقيق العدل والمساواة في تقديم الخدمات لكل الأفراد من غير تمييز، والوصول إلى مستويات متقدمة في التنمية المستدامة”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال