الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كم هو مرعب ما يحدث لحراس الأمن من استغلال واضطهاد وظلم في اغلب الأحيان من قبل معظم شركات الحراسات الأمنية، رغم ان اهمية هذه المهنة بمفهومها الحقيقي تستوجب علينا القيام بعكس ذلك تماما. حيث تدفع لهم اقل الرواتب والتي لا يتجاوز معظمها 4000 ريال، ورغم ان نظام مجلس الضمان الصحي كفل لهم التامين الطبي، الا ان اغلب اصحاب العمل في هذا القطاع يتلاعبون في هذا الامر ويقدموا لحراس الأمن تأمينًا طبيًا لا يصلح للاستخدام الآدمي بل وتستقطع تكلفته منهم، وغير ذلك العديد والعديد من الممارسات اللااخلاقية لموظفي هذا القطاع حتى اصبح جلهم من المساكين (شرعًا).
ليس ذلك فحسب بل ان حتى تسجيلهم بالتأمينات الاجتماعية الواجب نظامًا، يتم بطريقة مخادعة وذلك بتسجيل حارس الأمن بمعاش اقل لخفض التكاليف على المنشاة ضاربين بعرض الحائط الأنظمة ومستقبل الحارس المسكين، بل ان بعض المنشات تمادت في ذلك وأصبحت تستقطع حتى مبالغ التسجيل بالتأمينات الاجتماعية من مرتب حراس الأمن، اضافة الى انه لا يتم تدريبهم بشكل صحيح ولا إكسابهم المهارات التي يحتاجوها ليتعاملوا مع المواقف التي تحيط بهم رغم وجود الأنظمة التي تستوجب ذلك التدريب، لذلك لا يتقدم لهذه الوظيفة الا من اضطر وضاقت به الحلول او من لا خيارات له ممن لا يحملوا اَي مؤهلات دراسية او مهارات شخصية.
فلا عجب ان يكون من بين من يقوموا بسرقة البنوك والمصارف وعربات نقل الأموال، حراس الأمن أنفسهم وذلك لشعورهم بالظلم والاضطهاد من جهة، ومن جهة اخرى بسبب الاختيار الخاطئ في توظيفهم كحراس امن لعدم توافر ابسط متطلبات الوظيفة لديهم، فهل السبب في كل ذلك هو اصحاب العمل من شركات الحراسات الأمنية؟ ام الجهات المنظمة لهذا القطاع؟ ام ثقافة المجتمع والتي لا ترى اهمية لتلك الوظيفة بل تنظر لها بدونية لا مبرر لها حتى فقد هؤلاء الحراس هيبتهم وتشوه مفهوم الأمن لدينا.
ترأس احد الأصدقاء احدى شركات الحراسات الأمنية وكان عازمًا على تغيير مفهوم حارس الأمن بالمملكة، فرفع معايير الاختيار وأصبح لا يقبل الا ذوي البنية القوية والذين يحملون طموحات ومؤهلات تشجع على الاستثمار بهم اكثر. فقدم لهم احدث التقنيات الحديثة من اجهزة ومعدات ومركبات ليقوموا بأعمالهم بكل احترافية، ورفع مرتباتهم وحفزهم بدورات تدريبية في التعامل مع الحشود والأزمات حتى أصبحت تكلفة حارس الأمن لا تقل عن 10,000 ريال شهريًا، فصدم حينها بعدم قبول تلك التكلفة من اغلب منشات القطاع الخاص من شركات كبرى وبنوك ومجمعات تجارية، كونهم اعتادوا على (ابو) 4000 ريال، فاصطدمت احلامه وطموحاته بثقافة ضحلة لمفهوم الحراسة الأمنية مما تسبب في اغلاق الشركة في وقت لاحق.
وعندما نحاول البحث عن تعريف لكلمة حارس امن (سيكيورتي) فهي بالغالب تعني ذلك الشخص المتمكن في حماية من هم حوله وهي المهمة الأكثر سموا، وتوجيههم بشكل صحيح بل هو الشخص الذي يتحمل كامل مسؤلية ما يحدث في محيطه لما يملك من تاهيل وخبرة وتدريب مميز وتقنية حديثة، بل ان حراس الأمن في الدول المتقدمة دائما ما يكونوا خط الدفاع الاول المساند لرجال امن الدولة، لما يتمتعون به من ثقة وهيبة واحترام من المجتمع اضافة لما يمتلكونه من خبرة وتاهيل وتدريب وتقنية.
وفي الختام ان كنا نرغب في تغيير مفهوم الحراسة الأمنية وهو قطاع واعد يستوعب الاف السعوديين، فنحن امام خيارين من وجهة نظري الشخصية، فإما ان نتحرك بشكل جاد في تغيير ثقافتنا تجاه هذه الوظائف وتصحيح مفهوم الحراسات الأمنية، وذلك لن يحدث الا بدعم من الدولة من خلال تأسيس شركة حكومية تنظم هذا القطاع وتطوره ولكن لا تنافس من هم فيه.
اما الخيار الاخر فان كنا لا نرى حاجة لحراس امن وكل ما نريده هو من يرشدنا على الاتجاهات ويعبئ لنا الاستمارات فلم لا نكون عمليين وواضحين مع أنفسنا حتى لا نخسر موارد بشرية اكثر، وذلك بالقيام بتحوير هذه الوظائف الى وظائف خدمة عملاء وبزي سعودي انيق وخدمة راقية ترضيهم وترضينا.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال