الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يخفى على المُشتغلين بالتجارة أن العمليات اللوجيستية صارت هي حديث اليوم والغد بالنسبة لعمليات التجارة الدولية ،وبالنسبة للمملكة العربية السعودية كذلك ،بل إن المملكة العربية السعودية من ضمن اهم دول العالم التى وهبها الله سبحانه وتعالى موقعا يساعدها على القيام بكافة أنواع التجارة الدولية فهى – كما هو ثابت جغرافيا – مفترق طرق للتجارة الدولية الهامة ،بين ثلاث قارات: آسيا وأوروبا وأفريقيا ،وتهدف المملكة إلى تحقيق أقصى قدرٍ من منافع حضورها الجغرافي الاستثنائي والاستراتيجي من خلال بناء مركز فريد للنقل والخدمات اللوجستية في المنطقة.،كما أنها تمتلك موانئ بحرية هامة على خارطة العالم العربى تضطلع بعمليات النقل البحرى التجارى سواء الداخلى او الدولى.
إذاً فمصطلح “لوجستيات” صار الآن مُتواتراً على لسان الحكومة السعودية ،كما هو على لسان التجار والمُشتغلين بعمليات النقل فى القطاعى العام والخاص ،وهذا مُؤداه أن الحكومة تعى أهمية المُشتغلين باللوجستيات أولوجستيات التجارة الدولية والذى يعد النقل الدولى خصوصا النقل البحرى والنقل المتعدد الوسائط محركا رئيسا لهذه الصناعة .
والمُصدِّرون أوالمستوردون ،لا يعبئون بمجرد عمليات نقل من الباب إلى الباب فحسب ،أومن نقطة إلى نقطة أخرى ،لكن ما يتطلعون إليه أكبر من ذلك ،فهم يهتمون بما يُطلَق عليه القيمة المضافة لعمليات الإنتاج أوبما يقومون بإنتاجه وذلك من خلال ضمان إنسيابية ومرونة حركة البضائع من خلال سلسلة نقل متكاملة بأنسب سعر وفى أدق توقيت تصل بها البضاعة إلى الأسواق العالمية ثم إلى المستهلك النهائى عبر وسائط النقل المختلفة ،وذلك بموجب خُطَّة إستراتيجية فى منتهى الدقة تؤلف بين عدة عوامل وهى توريد المواد الخام ،ثم الإنتاج ،ثم التوزيع متكئة على قاعدة بيانات وافية يُعمَل على تحديثها من حين لآخر مع فيض مستمر من المعلومات عن العوامل الآنف ذكرها .
والاقتصاد العالمى يعيش فى عالم لايكّفُ عن صناعة التقدم ،والتجارة الدولية ليست مجرد تبادل بضائع أو سلع دون أن يكـون هـناك خـدمة لوجستية والتى بدونها كـانت سـ تبقى المبادلات التجارية مَحض صورة بدائية من المقايضة التي لا تنطوي على أية قيمة إضافية اجتماعية أو اقتصادية أو حضارية، فكيف يمكن أن ينتقل دواء أوغذاء أوكساء أوكثيرمن الأغـــراض ومَهــمات المعــيشـة من مواقع الإنتاج إلى مــواقع الاستهلاك مالم تكن هناك أوعية أو أغـــلفة حـافـظة لـها ؟ وكيف لها أن تصل مُبقـيةً على قـيمتها وجودتها ما لم تكن هناك أوعية أو أغلفة مُستوعِبة لها ؟ وكيف تصل مُحافِظة على قيمتها وجودتها ما لم تكن هناك مخازن مناسبة وأساليب تداول و تناول عالية المستوى ؟ وكيف يمكن للدورات التجارية والصناعية أن تنتظم مالم تكن الدورات الخدمية كافية لمواجهة حجم الطلب ؟ الإجابة على هذه التساؤلات تتمثل فى تعبير”دولة لديها صناعة لوجستيات ،إذاً هى موجود على خارطة عصر العولمة “.
وعليه ،فإن اللوجستيات قد أصبحت مفهوماُ شاملاً يضمُّ عملية الإمداد والإنتاج والتوزيع ،والربط بينها فى منظومة متكاملة متشابكة يكون النقل عنصرا أساسيا فيها ،ومن ثَمَّ فهى تؤدى إلى تحسين الإنتاجية والكفاءة وتقليل التكاليف ؛نتيجةً لعدة عوامل منها تقليل حجم المخزون ومقابلة العرض بالطلب ،وبالتالى توجيه ذلك الجزء من رأس المال نحو استثمارات أخرى.
والنقل البحرى والنقل المُتعدد الوسائط خصوصا الذى تتخلله مرحلة بحرية يعد مُكوَّنا من مكوَّنات اللوجستيات ،بل إنه أهم هذه المكونات والمحور الرئيس الذى تدور حوله باقى خدمات اللوجستيات. فهذه الأنواع من النقل من الناحية الاقتصادية تستندُ إلى دعامتين رئيسيتين هما استخدام الحاويات فى النقل وتطبيق قواعد لوجستيات التجارة .
وقد استثمرت حكومة المملكة العربية السعودية بشكل كبير في بناء العديد من البُنَى التحتية للنقل والخدمات اللوجستية ،مثل الموانئ والسكك الحديدية والطرق والمطارات ومحطات للحاويات وللاستفادة الكاملة من هذه الاستثمارات، تدخل المملكة العربية السعودية في سلسلة جديدة من الشراكات الدولية، كما تعمل مع القطاع الخاص لاستكمال وتحسين وربط بنيتها التحتية داخلياً وعبر الحدود ؛وذلك من أجل تنويع اقتصادها بتوسعة أنشطة القطاع الخاص، إضافة إلى تحسين القدرة التنافسية ،وبناء مجتمع نابض بالحياة يمثل إطاراً لرؤية المملكة 2030 وخريطة طريق نحو مستقبل مزدهر.
وكما ان الاستثمار الاجنبى غاية فى الأهمية بالنسبة للمملكة العربية السعودية ، فإن الاستثمار الوطنى لا يقل أهمية ،ففى وسع الشباب السعودى توجيه أنظارهم للدخول فى مشروعات اقتصادية صغيرة برؤوس أموال غير مرهقة لهم ،فيما يتعلق بهذا القطاع الحيوى .
حيث تعتمد جميع قطاعات الاقتصاد الوطني على خدمات هذا القطاع لربط أسواق الإنتاج والاستهلاك معًا ، بالإضافة إلى الوصول إلى احتياجات المواد الخام والخدمات والتشغيل، فقطاع لوجستيات النقل – وبحق -الحصان الرابح للنمو الاقتصادى ليس فى المملكة العربية السعودية فقط بل للعالم العربى بأسره .ونقولها صريحة لا لبس فيها ولا غموض أن السلعة فى مكانها بلا نقل وخدمات تتعلق بهذا النقل ليس لها قيمة ،وإن بلد الحرمين الشريفين وبوابة العالم الإسلامي أولى بسواعد أبنائها للنهوض بهذا القطاع بجانب ما تبذله الحكومة من جهود كبيرة وملحوظة وجدية فى هذا المعترك اقتصاديا.
أما عن الشق القانوني فنوصى المشرع السعودي سن قواعد تشريعية تساعد المستثمر سواء غير سعودي أو سعودي الجنسية على إدراك الأبعاد القانونية للدخول فى هذا المجال تعطيه الضمانات والحوافز الاستثمارية الكافية فى هذا القطاع بصفة خاصة ،وهذا من خلال تضمين النظام البحرى التجارى الجديد لمثل تلك القواعد ،ولاسيما أنه أحدث نظام عربى حديث للتجارة البحرية فبهذه القواعد المبتغاة نرى أن قطاع النقل بصفة عامة والنقل البحرى بصفة خاصة قد يصل – بإذن الله-الى درجة التكامل المنشود.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال