الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أحسنت وزارة الحج والعمرة حينما قررت عدم إلغاء موسم الحج هذا العام، بعد أن خرجت العديد من الشائعات بعد جائحة كورونا كوفيد 19 ، بانه سيتم إلغاء موسم الحج خشية أن تسبب في انتشار العدوى بين الحجاج، مع العدد الكبير الذين سيتواجدون على مشعر عرفات، لأداء فريضة الحج، وقررت أن تخوض التجربة هذا العام بثبات وثقة من خلال تطبيق البروتوكولات الاحترازية التي تضمن سلامة وصحة الحجاج، وأيضا تمنح الوزارة لتقييم تجربتها في إدارة الحشود في ازمه تعاني منها حاليا العديد من الدول وحصدت الجائحة الملايين من البشر.
وتأتي خطوة وزارة الحج والعمرة، امتداد للجهود السعودية في مواجهة الجائحة بالعديد من القوانين الصارمة والمبادرات المحفزة. وخلال المؤتمر الصحفي لوزير الحج والعمرة د. محمد بنتن الثلاثاء الماضي أوضح معلومات مهمة يبقى الحج هو الركن الخامس لأركان الإسلام وما كان بالإمكان منع هذه الفريضة، إنما مواجهتها مع تطبيق الإجراءات، لهذا حينما أعلنت أنها ستخصص موسم حج هذا العام لمختلف الجنسيات المقيمة والعاملة في السعودية وللمواطنين فقط وعدم السماح بدخول حجاج من الخارج، وهذا يأتي متزامنا مع تصريحات عدد من الدول الإسلامية عدم إرسالها للحجاج هذا العام لإداء الفريضة، فضلا عن أن الكثير من شركات الطيران العالمية لم تبدأ في تسيير رحلات دولية، ما كان سيسبب الكثير من المصاعب لضيوف الرحمن، وربما لو تم السماح لهم بالقدوم، كان سيستغرق وقتا طويلا حتى يتم الكشف عليهم في المطار أو موانئ القدوم، وكان سيسبب لهم إمضاء وقت طويل في صفوف الانتظار، خاصة وان السعودية اعتادت على خدمة ضيوف الرحمن وتسهيل الإجراءات بسرعة ويسر.
اقتصار الحج هذا العام على حجاج الداخل من السعوديين والمقيمين، لا يعني أن الخدمات سوف تقل أو تختلف، فخدمة لدى الحكومة السعودية لا تفرق بين حجاج الخارج أو الداخل فجميعهم ضيوف الرحمن، وسيجدون نفس الرعاية والاهتمام والعناية والخدمات والتسهيلات وسوف ينتشر رجال الأمن في كافة الطرقات المؤدية للمشاعر المقدسة، وستتوفر المياه في دورات المياه، ونفس الخيام المكيفة والمهيأة والنظافة الشاملة والمحلات التجارية وبيع الأطعمة التي يحتاجها ضيوف الرحمن، الى جانب الخدمات الصحية.
يعيش في السعودية اليوم نحو 13 مليون من جنسيات مختلفة من عمالة في القطاع الخاص أو العام وحتى مستثمرين ومنهم أصحاب الإقامات المميزة، يشكل المسلمون منهم الغالبية العظمى.
حرصا من الحكومة السعودية لحجاج بيت الله الحرام القادمين من الخارج كانت تمنحهم حصص اكبر ومساحة أوسع لهم من خلال 180 الف خيمة منتشرة في المشاعر المقدسة وكان يصل عددهم الى نحو مليوني حاج من الخارج، وخصصت لهم مؤسسات طوافة خاصة لهم لتقوم بخدمتهم، ومتحدثين بعدة لغات.
وكانت حصة حجاج الداخل طوال السنوات الماضية نسبتهم ضئيلة وخلال عشر السنوات الماضية قننت السلطات المختصة بالحج وربط أداء الفريضة لحجاج الداخل إلا بتصريح، وواجهت هذه التجربة الكثير من الاعتراض وعدم القبول من المواطنين والمقيمين، ورغم تشديد العقوبات وإيقاع الغرامات المالية عليهم إلا أن الكثير منهم كان يتسلل بطريقة أو بأخرى الى المشاعر المقدسة لإداء فريضة الحج.
البعض يتساءل كيف ستتعامل وزارة الحج هذا العام مع حجاج الداخل، هل ستعمل مؤسسة الزمازمة في توزيع عبوات مياه زمزم للحجاج، وهل تسمح مؤسسات الطوافة المخصصة لحجاج الخارج باستخدام مخيماتها، هل تغلق هذه المؤسسات أبوابها هذا العام لان حجاجها من الخارج غير موجودين، وأيضا يتساءلون هل تكفي مخيمات مؤسسات حجاج الداخل والتي كانت تمنح لهم بمساحات قليلة على اطراف منى وعرفات، وما مصير حافلات النقابة العامة للسيارات التي كانت مخصصة لنقل حجاج الخارج، هل سيتم الاستفادة من حافلاتها؟
أسئلة عديدة تدور في أذهان الناس وخاصة مؤسسات الطوافة الخاصة لحجاج الداخل والخارج أيضا، وربما السؤال الأهم الذي يبادر في أذهان حجاج الداخل الذين سيؤدون الفريضة هذا العام، كم قيمة استئجار الخيام؟، وماذا عن الأسعار؟، ولماذا يرتبط التصريح بضرورة الحجز من العروض الموجودة في موقع وزارة الحج؟، ولنفترض أن الأسعار الموجودة لم ترق خاصة البسطاء وذوي الدخل المحدود خاصة ونحن نعلم أن الكثير من الأسر تأثرت من جائحة كورونا وما نتج عنها من تعطل الكثيرين وركود اقتصادي.
بالتأكيد وزارة الحج معنية بأن تستغل موسم الحج هذا العام، وتراجع الكثير من أنظمتها وقوانينها وأيضا تعالج بعض الخلل بالنسبة لخدمات حجاج الداخل وتضبط انفلات الأسعار، حتى لا يكون الحج مخصص للنخبة والقادرة على دفع قيمة الحج باهظة الثمن.
بالطبع سوف تتأثر مداخيل العديد من الأنشطة التجارية وخاصة أصحاب العمائر السكنية والفنادق والنقل والمواصلات وحتى قطاع التجزئة والخدمات نتيجة عدم السماح لحجاج الخارج بالقدوم، خاصة وان حجاج الداخل 70 في المائة منهم لن ينفقوا كثيرا، وربما لجأوا الى أقاربهم ومعارفهم للسكن.
هذا العام هي فرصة لن تعوض، للقطاعات التي تخدم في الحج لمراجعة نفسها وطريقة عملها وأيضا جعل موسم الحج احد اكثر التجمعات نظافة وحفاظا على سلامة البيئة وتطورا في إدارة الحشود بطريقة مختلفة تماما عما كانت عليه قبل الجائحة وتجعل هذه الخطط مستدامة وليست فقط هذا الموسم بالطبع.
لا يهمنا العديد الكبير من الحجاج الذين يأتون من الخارج إنما يهمنا أن ينتهي الحج كما بدا منظما، وهي فرصة أيضا لاستبدال الخيام، إن كنا نريد زيادة عدد الحجاج سواء من الداخل أو الخارج، خاصة وان المشاعر المقدسة وخاصة منى وعرفات مساحتها محددة ولا يمكن توسعتها، وبالتالي استخدام الأبراج متعددة الأدوار يحتاج الى تفكير جاد فيه، مثلما أوجدنا حلا لحوادث رمي الجمرات بتوسعتها وعمل طوابق متعددة فخففت على ضيوف الرحمن التزاحم حولها.
من المهم أن تحدد وزارة الحج نسبة المواطنين والوافدين المقيمين من إجمالي الأعداد التي أعلنتها لاختيار حجاج هذا العام واقترح أن تكون نفس النسبة التي كنا نتعامل بها مع حجاج الخارج بنسبة اعلى وتخصص على الأقل 40 في المائة أو 30 للمواطنين السعوديين.
بالطبع فتح باب الحج هذا العام وان كان نسبيا قليلا ومحدود كما ذكر بيان وزارة الحج، إنما أنعش الآمال لدى الكثير من القطاعات، خاصة وأنها تضررت كثير وتحديدا مكة المكرمة التي أغلقت تماما الأشهر الماضية نتيجة ارتفاع عدد المصابين فيها بجائحة كورونا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال