الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ أن ألقت جائحة كورونا بظلالها على العالم ونحن نسمع عبارات تتردد مرارًا وتكرارًا بأن هذه الأزمة ليست كسائر الأزمات التي حدثت عبر التاريخ. فلا يستطيع أحد أن يقيم المخاطر أو يتنبأ ولو بنسبة بسيطة عن ما هي الآثار المترتبة وما هو حجم الضرر لاقتصاد العالم أجمع. مبررين بذلك توقف قوى جانبي العرض والطلب معًا وهي القوة الأساسية المحركة لجميع الأسعار. وأنا هنا سأبرر وجهة نظري من ناحية مالية -Short Term-ولن أتطرق للنواحي الاقتصادية لأنه ليس مجال اختصاصي ولأن سوق المال غالبًا سيعكس المستقبل وليس الماضي والحاضر. لنتفق أولًا أن الأسواق المالية تتأثر بعدد كبير من العوامل منها المالية والاقتصادية والسياسية والسلوكية وغيرها الكثير، وهذا ما يجعل واحدة من صفقاتك على الأقل ستنحرف عن تنبؤاتك مهما كانت في -اعتقادك- أنها صحيحة ١٠٠٪. ولو أن الأسعار تتحرك بناءًا على مؤشر واحد لكان القرار الاستثماري أسهل من إعدادك لوجبة الإفطار. عندما هبطت الأسواق المالية في شهر مارس الماضي وعاودت الصعود شيئًا فشيئًا هذا لا يعني أن الجائحة قد انتهت. عندما هبطت أسعار بعض الشركات المتضررة من توقف إيراداتها بسبب الجائحة وقدمت طلب حماية من الإفلاس إلى أكثر من ٧٠٪ من قيمتها السوقية ومن ثم عاودت الارتفاع بأكثر من ٥٠٠٪ من تسجيلها لآخر قاع لا يعني أنها حلت جميع مشاكلها مع الدائنين ولا يعني أن كابوس خطر الإفلاس قد زال.
عندما ارتفع مؤشر الخوف VIX إلى مستويات 82 نقطة -وهي أعلى نقطة يسجلها منذ إنشاءه في التسعينات- ومن ثم هبوطه إلى مستوى ٣٠ نقطة -وهو المستوى الذي كان عليه المؤشر قبل شهر مارس- لا يعني أن مخاوف المستثمرين اختفت في غضون ثلاثة أشهر!. من كان ينظر من زاوية اقتصادية فقط لن يستطيع اتخاذ قرار استثماري على الإطلاق حتى تظهر بيانات اقتصادية لربعين متتاليين على الأقل. ومن كان ينظر من زاوية مالية فإنه سيؤجل فكرة الاستثمار إلى أن يتبين أثر الضرر في قوائم الشركات. ومن سينظر من ناحية سلوكية فسيقوم ببيع كامل مراكزه ويتجه للنقد أو السندات الحكومية نتيجة الهلع والمخاوف التي تحيط بالعالم والأسواق المالية. أما من ينظر من ناحية تاريخية فإنه بلا شك سيتخذ أكبر قدر من القرارات الصائبة في هذه الأزمة وسأشرح ذلك بالتفصيل على خلفية عدة مؤشرات وتقارير أطلعت عليها:
وسأبدأ بهذه العبارة: When The VIX is high, it’s time to buy.
بمعنى إذا ارتفع مؤشر الخوف لمستويات مرتفعة، فإن الوقت مناسب للشراء وبناء المراكز الاستثمارية وذلك باعتبار أن الأسعار انخفضت وأصبحت مغرية للشراء -على الأقل لفترة قصيرة-. تأكد تمامًا أن هناك من يترقب بلهفة نزول الأسعار -وخصوصًا أسعار الشركات القوية- لمستويات منخفضة بل ويعتبرها البعض فرصة لا تتكرر إلا على مدى سنوات وعقود، وقد رأينا كميات الشراء من المحافظ الاستثمارية الكبيرة في تلك الفترة. وفي الرسم أدناه دراسة لعوائد الأسهم وفقًا لتحركات مؤشر الخوف. ويوضح الشكل كيف لعوائد السوق أن ترتفع عند شرائها بالتزامن مع وصول مؤشر الخوف لأعلى مستوياته:
https://k.top4top.io/p_1633z3p081.png
الواضح أنه كلما دب الذعر في نفوس المستثمرين في سوق المال وارتفع مؤشر الخوف كلما ارتفعت عوائد سوق الأسهم خصوصًا في فترة قصيرة -6 أشهر إلى سنة-. والعكس صحيح في الرسم التالي الذي يوضح أن أفضل سيناريو للخسائر في أسواق المال تحدث عندما يكون مؤشر الخوف أعلى من المعتاد:
https://a.top4top.io/p_1633cjg781.png
أيضًا، هناك مؤشر آخر وهو كميات وأحجام التداول. تاريخيًا، كلما انخفض مستوى حجم التداول بعد التذبذبات الحادة كلما دل على استقرار السوق أو على الأقل استيعاب مدى سلبية الأزمة وأن الأسعار قد تراجعت بالفعل، وهذا ما نلاحظه في الرسم البياني التالي:
https://b.top4top.io/p_1633mjef02.png
فهناك فرص دائمًا، تلك الفرص تتكرر بحسب نوع الأزمة فغالبًا ما تنشط قطاعات دون قطاعات خلال الأزمات. فمثلًا ازدهرت أسهم قطاع التقنية وارتفعت إلى أكثر من 60% خلال عام واحد بعد الأزمة المالية في عام 2008 كما أنها حققت عائدًا بنسبة 50% في عام 2019 بعد أن شهدت الأسواق انخفاضًا حادًا في شهر ديسمبر من العام 2018. أما في الوقت الحالي، فإن أسهم التقنية ارتفعت بنسبة 6.4% مقابل -4.91% لمؤشر SP500 والرسم التالي يبين بوضوح مستوى أداء القطاعات خلال السنوات الماضية:
https://c.top4top.io/p_16337jai83.png
أما عن ماذا تقول تحليلات الفجوات، فإنه وبالرجوع إلى التاريخ أغلق مؤشر SP500 ما يقارب 70% من فجواته بشكل يومي خلال العشر سنوات الماضية.
https://e.top4top.io/p_1633k545d5.png
واحصائيًا تغلق الفجوات السفلية بنسبة تصل إلى 68% في التداول اليومي للانخفاضات ما بين 0.0%-0.5% كما هو موضح تاليًا:
https://d.top4top.io/p_1633b19ql4.png
وأخيرًا، نعم التاريخ يعيد نفسه -على الأقل على المدى القصير- وختامًا عزيزي القارىء أنا لا أحفزك أن تبني أي من قراراتك الاستثمارية بناءًا على أية المعلومات في هذا المقال، فالأسعار في الغالب قد ارتفعت. ولكن، لتستفيد منها عند تعاملك مع أية أزمات أخرى مستقبلًا بالأخص المالية والاقتصادية منها. وأنا أقول حتمًا مستقبلًا لأن الأزمات ما هي إلا مجرد جزء ضروري من الدورة الاقتصادية!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال