الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في مقالنا المنشور في صحيفة مال بعنوان بنك الجزيرة من يحرر القيمة ؟ والذي ناقشنا فيه كيف يمكن تحرير القيمة المفقودة والتي تم احتسابها عند كتابة المقال ب 5.8 مليار ريال سعودي أي 7 ريال لكل سهم، وبعد تسليط الضوء على مكامن الخلل، قدمنا توصيات لمعالجة مكامن الخلل، كما ناقشنا الاحتمالات الإضافية لتحرير القيمة ،ترتكز على آلية السوق في تسعير الأصول مثل قيام مستثمر نشط بتحرير القيمة أو ممارسة المساهمين لحققوقهم في مناقشة مجلس الإدارة في وضع آلية من خلال خطة واضحة المعالم لتحرير القيمة أو من خلال آلية الاستحواذ. وكان من رأينا أن استحواذ بنك البلاد على بنك الجزيرة سيخلق ثاني أكبر بنك في قطاع المصارف الإسلامية بعد مصرف الراجحي وسيكون أول إندماج بين المصارف الإسلامية.
كما أن عملية الاستحواذ تتوافق مع رؤية 2030 خصوصا في ظل التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي ومن أبرزها انخفاض سعر الفائدة وارتفاع الديون غير العاملة وما يترتب عليه من زيادة شطب الديون وتجنب قدر أكبر من مخصصات الديون المتعثرة. في هذا المقال سنكشف كيف لعملية الاستحواذ ان تخلق كيانا قويا من خلال إلقاء الضوء على أداء كلا من بنكي الجزيرة البلاد، وإذا ما تم الاندماج أو الاستحواذ ،فما حجم الكيان الجديد وما مزاياه؟
مقارنة المركز المالي لبنكي الجزيرة والبلاد
الجدول رقم (1) يوضح محفظة الأصول لكل من بنكي البلاد والجزيرة ويمكن ذكر بعض النقاط من خلال مقارنة المركز المالي لكلا من بنكي الجزيرة والبلاد للربع الأول 2020م :-
– ويلاحظ أن مجموع محفظة أصول بنك الجزيرة أعلى قليلا من مجموع محفظة الأصول لبنك البلاد
– يمتاز بنك البلاد بجرأة أكثر في توزيع محفظة الأصول حيث تمثل محفظة التمويل الصافي 70% بينما لا تتجاوز لدى بنك الجزيرة 58%. وتمثل محفظة التمويل الشخصي تقريبا نصف محفظة التمويل لكلا من بنكي الجزيرة والبلاد مما يجعلهما أقل حساسية لانخفاض سعر الفائدة وأقل تعرضا لتعثر الديون.
– يمثل الاستثمارات وأغلبها في الصكوك المحلية حوالي 32% من محفظة أصول بنك الجزيرة بينما لايمثل سوى 13% من محفظة بنك البلاد وربما يفسر توزيع الأصول لدى بنك البلاد جزء من ارتفاع العائد على محفظة الاستثمار والتمويل مقارنة ببنك الجزيرة.
– الرافعة المالية لبنك البلاد 9.28 مرة بينما تبلغ بنك الجزيرة 7.69 مرة، وهذا يفسر جزء من ارتفاع العائد على حقوق الملكية قبل الزكاة والمخصصات لبنك البلاد . ومما ساعد بنك البلاد على ارتفاع صافي هامش الربح قبل الزكاة والمخصصات قدرته على جذب ودائع غير مكلفة أكبر من بنك الجزيرة.
– يمكن الاستنتاج أن محفظة الأصول لبنك الجزيرة أكثر تحفظا مقارنة ببنك البلاد، كما أن انخفاض الرافعة المالية لبنك الجزيرة مقارنة ببنك البلاد يجعل مخاطر بنك الجزيرة أقل.
– ومن نافلة القول الإشارة إلى أن بنك البلاد أكثر تحوطا للخسائر الائتمانية حيث تبلغ نسبة تغطية الديون المتعثرة 2.5 مرة بينما بنك الجزيرة 1.7 مرة وكلاهما يتساويان في نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي المحفظة .
-يتمتع كلا من بنكي البلاد والجزيرة بكفاءة عالية لرأس المال الأساسي مقارنة بمعيار مؤسسة النقد العربي السعودي إلا أن نسبة كفاءة رأس المال الأساسي لبنك الجزيرة 20.6% وهي أعلى من بنك البلاد البالغة 13.7% وكذلك الحال إذ ما أخذ رأس المال المساند في الحسبان حيث يبلغ 24.4% للجزيرة و17.7% لبنك البلاد.
أن المركز المالي القوي لبنك الجزيرة لا يبرر نسبة الخصم الكبير مقارنة ببنك البلاد . حيث تداول بنك الجزيرة على نسبة خصم تبلغ 20% من القيمة الدفترية بينما يتداول بنك البلاد على علاوة 70% في نفس التاريخ . يمكن تفسير جزء كبير من الفارق كنتيجة للكفاءة التشغيلية مما عزز القوة الإيرادية لبنك البلاد.
مقارنة قائمة الدخل
من الواضح من قائمة الدخل بأن القوة الإيرادية لبنك البلاد تفسر جزء كبير من العلاوة السعرية مقارنة ببنك الجزيرة ويمكن إبراز بعض هذه الاختلافات :_
– على الرغم بأن محفظة التمويل والاستثمار تمثل 90% من أصول بنك الجزيرة مقارنة 84 % لبنك البلاد فإن بنك البلاد استطاع توليد دخل يزيد ب65 مليون عن بنك الجزيرة أو بفارق 8%، مما يجعل إجمالي العائد على محفظة التمويل والاستثمار أعلى ب 40 نقطة مقارنة ببنك الجزيرة. حقق بنك البلاد عائد على المحفظة الاستثمارية والتمويلية 1.35% مقارنة 0.95% لبنك الجزيرة ، ويرجع ذلك إلى توزيع الأصول وتسعير القروض.
-من أهم نقاط قوة بنك البلاد انخفاض تكلفة الحصول على الأموال ، حيث تبلغ تكلفة الأموال لدى بنك البلاد تقريبا 50% من تكلفة الأموال لدى بنك الجزيرة. تبلغ التكلفة التي يتكبدها بنك البلاد للحصول على الأموال 139 مليون بينما يدفع بنك الجزيرة حوالي 260 مليون بفارق 120 مليون ريال مما يجعل صافي دخل المحفظة التمويلية والاستثمارية لبنك البلاد أعلى بفارق 34% مقارنة ببنك الجزيرة أو ما يعادل 186 مليون للربع الأول .
– يختلف نموذج أعمال بنك البلاد عن بنك الجزيرة ، فقطاع الشركات يساهم بشكل أكبر في صافي الدخل لبنك البلاد مقارنة ببنك الجزيرة، كما تعتبر مساهمة قطاع الخزينة صافي الدحل لبنك الجزيرة أكبر مقارنة ببنك البلاد ، في حين يساهم قطاع الأفراد في صافي الدخل لكلا البنكين بشكل متساوي .
مؤشرات التقييم
يحقق بنك البلاد ضعف العائد الذي يحقق بنك الجزيرة ففي حين يبلغ العائد على حقوق الملكية لبنك البلاد بنهاية 2019م20.4% لا يتجاوز 11% لبنك الجزيرة، الجدول التالي يوضح تحليل العائد على حقوق الملكية باستخدام نموذج DuPont .
مما يجعل بنك البلاد يتداول عند مضاعف للقيمة الدفترية 1.6 مرة بينما يتداول بنك الجزيرة بأقل من قيمته الدفترية بنسبة 20% .وعلى الرغم بان كتلة حقوق المساهمين لبنك الجزيرة أكبر وكذلك مجموع الأصول إلا أن القيمة السوقية لبنك البلاد تبلغ 16.5 مليار ريال وهي أعلى من بنك الجزيرة بحوالي 77% ، حيث تبلغ القيمة السوقية لبنك الجزيرة أقل من 10 مليار ريال.
مبررات الاستحواذ
عند استحواذ بنك البلاد على بنك الجزيرة فسوف يكون لدينا كيان جديد أكبر من بنك الإنماء ليحتل المرتبة الثانية بعد مصرف الراجحي في الحجم والحصة السوقية بين المصارف الإسلامية و سينافس الكيان الجديد بقوة في قطاع الأفراد حيث ستكون محفظة التمويل لقطاع الأفراد 50 مليار ريال تقريبا أي أكثر من ضعف محفظة بنك الإنماء وسوف تنخفض الرافعة المالية وترتفع كفاءة رأس المال، كما سيستفيد الكيان الجديد من كفاءة قطاع الخزانة ببنك الجزيرة وقطاع الشركات ببنك البلاد . من المتوقع أن يتجاوز صافي الربح الكيان الجديد أرباح بنك الجزيرة والبلاد منفردين . وستحقق العديد من الفوائد منها :-
وفرة الحجم
انخفاض في مصاريف العمليات بشكل كبير مما يخلق قيمة كبيرة للمساهمين من خلال ارتفاع القيمة السوقية للكيان الجديد ، و سيتمكن الكيان الجديد من تخصيص مبالغ أكبر للتكنلوجيا المالية التي ستعيد رسم مستقبل المصارف في المستقبل.
زيادة المرونة الاقتصادية
أن نهج الانفتاح التي تتبعه المملكة يزيد من احتمال دخول لاعبين إقليميين او دوليين جدد السوق المالية، كما أن التكنولوجيا المالية سهلت للشركات المالية الوصول إلى شرائح من قطاع الإفراد بتكلفة اقتصادية مما يزيد حدة المنافسة ويوفر منتجات مالية جديدة، إن الاندماج أو الاستحواذ يعتبر خطوة استباقية تزيد المرونة الاقتصادية للكيان الجديد من مواجهة تحديات المنافسة .
المحافظة على القوة التنافسية
موجة الاندماجات في دول الخليج مثل الإندماج بين بنك أبوظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني ومؤسسة التمويل الإسلامي ستحول الكيان المندمج إلى أكبر ثالث بنك في الإمارات ، كذلك دخلت عمان والبحرين على خط الاندماجات حيث تمت الموافقة على اندماج بنك عمان العربي وبنك العز الإسلامي ،كذلك استحواذ بنك البحرين الوطني على بنك البحرين الإسلامي. موجة الاندماجات في منطقة الخليج تتطلب خلق كيانات وطنية قوية تستطيع المحافظة على القوة التنافسية في سوق المصرفية الإسلامي.
التناغم مع رؤية 2030
إن الاندماج أو الاستحواذ يتوافق مع الاعتبارات الاستراتيجية للرؤية 2030م والتي من مرتكزاتها تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص وتمويل مشاريع التنمية الطموحة وزيادة مساهمتها في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولعب دور أكبر في التمويلات العقارية . إن خلق كيانات كبيرة ﻻ تزيد من قدرة المصارف الإسلامية في جذب الودائع طويلة الأجل
إذ ما تم الاندماج أو الاستحواذ المقترح فإن ذلك سيتنج عنه قيمة أكبر للمساهمين ، وقدرة أكبر لتمويل القطاع الخاص و مرونة أكبر لمواجهة التحديات الاقتصادية المتغيرة ،كما ستتاح له موارد أكبر من خلال التوفير في المصاريف التشغيلية للاستثمار في التكنولوجيا المالية .وقد تواجه عملية الاستحواذ بعض التحديات كنتيجة لتشتت ملكية الجزيرة وعدم وجود تقاطع في الملكية , ولكن اذ توفر العزم تذللت الصعاب.
فهل يتحول الاقتراح إلى خبر ؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال