الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشر خبر في الأسبوع الماضي نقلاً عن رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض أن السعودية تمضي قدماَ في خططها لمضاعفة حجم العاصمة وعدد سكانها خلال العقد المقبل، وأن الحكومة خصصت بالفعل 266.6 مليار دولار لمشروعات حالية وجديدة ضمن استثمارات إجمالية بحوالي 800 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة بالمشاركة مع القطاع الخاص لتطوير المدينة. الفكرة أن تصبح الرياض مدينة يقطنها 15 مليون نسمة بحلول عام 2030م!
بالتأكيد هذه تعتبر خطوة رائعة، لكن بالإضافة إلى التوسع؛ يجب أن نعلم أن معظم المدن الكبيرة حول العالم أصبح لديها الآن خطط طموحة لتصبح محايدة للكربون مع صافي انبعاثات غازات الدفيئة (GHG). تخطط هذه المدن لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ونشر طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع. ومع ذلك، فإن الحصول على الكهرباء المتجددة بنسبة 100 في المائة، لن يخفض حتى نصف انبعاثات غازات الدفيئة أو إنبعاثات الكربون في المدن. لدينا الآن عدد كبير من المركبات التي تستحوذ على نسبة كبيرة من الانبعاثات عن طريق حرق البنزين والديزل، وهناك المباني والمصانع التي لها دور في عملية إحراق الغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى. لذلك ولكي نستفيد من الكهرباء المتجددة، يجب أن تكون المباني ووسائل النقل كلها كهربائية وفعالة.
إن العمل على جعل مدينة كاملة خالية من الكربون ليس بالأمر السهل، وخصوصاَ في مدينة صحراوية مثل الرياض. حيث يجب تأسيس مدينة عصرية تعمل على تقليل انبعاث غازات الدفيئة إلى الصفر وكل الممارسات التي تسبب هذه الانبعاثات. في الحقيقة هناك مدن قامت بالتخطيط المسبق لذلك، و ستتفوق بسبب التخطيط من حيث البنية التحتية، المواصلات، وطرق إنتاج الكهرباء. هناك وسائل حديثة تجعل المباني أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بكثير من معظمها. كما يمكن أن تنص القوانين للطاقة الممتدة على الكفاءة بأن تلزم المباني ذات المساحات الكبيرة باستخدام أنظمة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة والتقدم في الكفاءة، والحصول على شهادات مثل LEED أو Energy Star.
ولفرض هذه القوانين يتطلب من بلديات تلك المدن التعاون مع الشركات من حيث التمويل لتدريب البنائين والمقاولين والمفتشين. فقد أصبح هناك أمثله كثيرة في مدن وعواصم كبرى لمباني خضراء تحمل شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة (LEED). جميعها تستخدم الإضاءة والعزل والتدفئة والتبريد بكفاءة. كما يمكن مستقبلاَ أن تتفوق الرياض على معظم مدن العالم في استخدام المركبات الكهربائية والهجينة في أسطولها الحكومي. ولتشجيع المواطنين على التحول إلى السيارات الكهربائية، وبشكل مبدئي يجب أن تجهز جميع مواقع وقوف السيارات بنسبة 5 في المائة من المساحات بمنصات شحن السيارات الكهربائية على الأقل مع تفعيل دور تخزين الطاقة. هذا بالتأكيد يحتاج إلى استعدادات مسبقة وإلى مخططات جديدة للبنية التحتية خصوصاَ في مناطق التوسع والمشاريع الجديدة.
تقول الدراسات أنه بحلول عام 2050م، سيواصل حوالي 70 بالمائة من سكان العالم حياتهم اليومية في المدن الكبيرة. حيث سيقومون بكل الأشياء التي تشكل الحياة اليومية: العمل، والأكل، والتنقلات، والتنزه في فصل الصيف والإحماء في فصل الشتاء، والكثير. كل هذه الممارسات ستكلف مزيداَ من الطاقة، وستنتج تلك الطاقة الكثير من الكربون. في نهاية المطاف، سكان المدن ينتهي بهم الأمر ليكونوا مسؤولين عن ثلاثة أرباع جميع انبعاثات غازات الدفيئة. ولكن ليس من الضروري أن يكون الأمر كذلك، باستخدام التقنيات والسياسات الموجودة اليوم، يمكن للمدن أن تخفض انبعاثات الكربون بنسبة 90 بالمائة بحلول عام 2050م.
لذلك نحتاج أن نرى في الأيام القادمة تفاعلاَ ملحوظاَ من قبل الجهات الحكومية بالتنسيق مع مقدمي الخدمات وقادة التكنولوجيا والمبتكرين الماليين والمنظمات غير الربحية ومنظمات المجتمع، لبحث استراتيجيات فعالة وقوية لخلق نظام خالي من الكربون داخل المدن والإعلان عن تلك الاستراتيجية، والتي ستكون الركيزة الأساسية في الجهود الشاملة للتخفيف من مخاطر تغير المناخ وفي التأثير على الاقتصاد ككل. يمكن تحقيق ذلك، فنحن لا نحتاج فقط إلى الوصول إلى مستوى الصفر في الانبعاثات في قطاع الطاقة، ولكن علينا أيضًا أن نفعل ذلك بتكلفة متوازنة بما يكفي لأن الطاقة المتجددة تعد بديلاً جذابًا للنفط والغاز الطبيعي والفحم في النقل والتبريد، والقطاعات الصناعية، حيث يكون إزالة الكربون عادة أكثر تحدياً من إنتاج الكهرباء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال