الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يمكن لمنصف أن ينكر ما وصلت إليه المرأة السعودية حاليًا من مكانة رفيعة في عدة جوانب مهنية وتقلدها لمناصب عليا ، سواء على مستوى مواقع اتخاذ القرار ، أو ﺑﺄدوار ﺗﺒﺪو ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻠﻴﻬن في مجالات اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻌﻄﺎء واﻟﻜﺴﺐ في كافة المجالات و الأصعدة، وبعد ما حققته من إنجازات تخطت الحدود المحلية إلى العالمية في مجالات علمية شتى ، وزهو كثير من المحافل العلمية والأدبية بأسمائهن .. وكلها مؤشرات تؤكد أن المرأة في المملكة قادمة وبقوة.
وحين نفتح ملف “المرأة” في خطط التنمية المتعاقبة، نجد أن الخطة الثامنة شكلت منعطفًا بارزًا وامتدادًا لجهود الدولة واهتمامها بشؤون المرأة ، وتُرجم ذلك الاهتمام بوضع أهداف وسياسات تعالج قضايا تطويرها في مختلف القطاعات وتوجهيات لازمة لتفعيل مشاركتها في الأنشطة الاقتصادية والإنمائية بما يتوافق مع القيم والتقاليد الإسلامية ، وأخذ هذا الاهتمام حيزًا أكبر بتخصيص فصل عن <<الأسرة والمجتمع>> الذي استعرض أوضاع الأسرة والقضايا والتحديات الرئيسية بنظرة تكاﻣﻠﻴـﺔ ﻟﻘﻀـﺎﻳﺎ المرأة واﻷﺳـﺮة؛ باعتبار المرأة ﻋﻨﺼـﺮ أﺳـﺎس في دﻋـﻢ ﺗﻄـﻮر اﻷﺳـﺮة وتحسين أداﺋﻬﺎ.. وبإفراد فصل آخر بعنوان <<المرأة والتنمية >>، اعتمدت فيه الخطة إطار مرجعي أوسع من سابقاتها يؤكد على منظور تكاملي لتطوير أوضاع المرأة السعودية . ولم تقتصر توجهات الدولة في تطوير مشاركتها في النشاط الاقتصادي على الأهداف الاستراتيجية والسياسات بل تناولت بشكل مباشر بلورة آليات تنفيذية لتوسيع هذه المشاركة وتعميقها ، وحث الجهات الرسمية والجمعيات الأهلية بعمل حملات إعلامية لزيادة التقبل الاجتماعي لعمل المرأة والدور التنموي الهام الذي تؤديه في المجتمع ، وتضمين المناهج التربوية بما يدعم هذا الدور . كما استمرت الخطة التاسعة في دعم هذا التوجه، بتخصيص فصل عن << المرأة والأسرة >>، بعد أن تمركزت أهداف وسياسات خطتي التنمية السادسة والسابعة على الجانب الاقتصادي للمشاركة المجتمعية للمرأة.
وكان لي الشرف آنذاك في المشاركة أنا وزميلاتي الباحثات بالقسم النسائي بوزارة الاقتصاد والتخطيط في إعداد وكتابة تلك الفصول التي شكلت منعطفًا تاريخيًا في تناولها لمواضيع المرأة وعلاقتها بالتنمية والأسرة والمجتمع ككل ، وسعت من خلالها إلى بلورة هذه المواضيع في وحدات تتكامل فيها المهام والأدوار ؛ لأنه من غير الممكن النظر إلى أثر المرأة المجتمعي ومشاركتها في النشاط الاقتصادي بمعزل عن عملها الأساسي كزوجة وأم وإبنة ، ولا يمكن في الوقت نفسه النظر إلى الأسرة كيانًا اجتماعيًا فاعلًا ، عمادة المرأة والرجل ، دون النظر لتأثير المرأة في استدامة تطور هذا الكيان .
واحقاقًا للحق سيبقى فصل ” المرأة والتنمية” شاهدًا على عزم الدولة في المضي قدمًا وبخطوات حثيثة في عملية تنمية المرأة السعودية منذ عام 1426ه (2005 م) ، للاستفادة من نصف المجتمع في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن هذه الخطة جاءت في وقت كانت لا تزال فيه المرأة السعودية تعاني أشد المعاناة من هذا الجانب، وكانت لا تأخذ فرصتها في العمل كما الرجل، رغم أن مخرجات وأعداد الطالبات كانت تعادل أعداد الطلاب ، وكنا في وقت نحتاج فيه للحلقة الأهم في منظومة متابعة وتنفيذ القرارات، التي دائمًا ما كانت تشكل حجر عثرة في التنمية الاقتصادية.
وبمرور الوقت اختلف واقع المرأة السعودية اختلافًا جذريًا ،وأصبحت تعيش واقعًا منصفًا ومشرفًا في<<رؤية 2030 >>، والتي على الرغم من أنها قطعت شوطًا زمنيًا قصيرًا إلاّ أنها قدمت لها الشيء الكثير، بمباركة ودعم الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-الذي وعدها بنقلة نوعية نراها تتحقق يومًا بعد يوم ؛لإيمانه بقدرتها على القيام بدور تنموي ومحوري في قيادة سياسة التغيير التي تعيشها المملكة كونها عنصرًا فاعلا من عناصر قوة مجتمعنا، وأن العمل سيستمر على تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وزيادة تمكينها في مناصب قيادية عدة.
وجاءت الموافقة الملكية الكريمة مؤخرا بتشكيل جديد لمجلس إدارة<<هيئة حقوق الإنسان>>، يتضمن تعيين( 13) إمرأة فى مجلس الإدارة، وهو ما يمثل نصف عدد أعضاء المجلس، لتؤكد مجدداَ عزم القيادة السعودية على الاستمرار في جهودها لتمكين المرأة من شغل المناصب القيادية في مختلف المجالات. ومراجعة القوانين وإقرار العديد من التشريعات وتذليل التحديات التي كانت تعيق تفعيل دورها،
ونسف هذا التشكيل كافة الادعاءات التي ظلت تروّج لها بعض المنظمات المغرضة لتمرير أجندات سياسية معادية للمملكة باستغلال واضح لنافذة حقوق الإنسان.. وأخرس كل من يحاول عبثاً أن ينقل صورة مغلوطة عن أوضاع المرأة السعودية، وكأنها لا تنال حقوقها ولا تحظى بأي تقدير ، كما أبرز حرص المملكة على التعاون مع الأمم المتحدة وتقديم الدعم في مجال النهوض بالمرأة؛ بصفتها عضوًا فعالًا في المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
بالتأكيد أن هذا الطريق الذي تسير عليه المملكة لن يتوقف عند هذا الحد من تقليد المرأة للعديد من المناصب العليا ، إذ ما يزال هناك المزيد من الفرص للوصول لمناصب أرفع تعكس للعالم الصورة الحقيقية لحجم ثقة القيادة الرشيدة والتقدير الحقيقي للمرأة وإيمانها بدورها الاستراتيجي في عمليات التنمية الشاملة. وسنقرأ قريبًا بإذن الله عن أسماء نسائية جديدة جديرة بتقلد مناصب قيادية عليا في داخل الدولة وخارجها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال