الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد لا يمكننا الجزم حاليا بأن أزمة فيروس كورونا انتهت، ولكن بامكاننا القول بأننا نعيش فترة ما بعد الذروة، وبدأ الناس يتأقلمون على الاحترازات الصحية لمواجهة ذلك، كما ان الحكومات بدأت تتخذ حزمة اجراءات اقتصادية لمعالجة أو انقاذ ما يمكن انقاذه خلال المديين القريب والمتوسط.
في نهاية ٢٠١٩ كنا نتحدث عن توقعات لانتعاش اقتصادي في معظم الدول، وأن معدل النمو العالمي في طريقه لتحقيق مستويات جيدة، وأن أسعار النفط قد تصل الى مستويات ٦٥ دولارا للبرميل، الا ان كل تلك التوقعات تلاشت سريعا في منتصف الربع الأول من 2020م، وأصبح العالم يتمنى الخروج من الازمة بأقل الخسائر.
الركود الاقتصادي الذي يمر به العالم حاليا، قد يستمر لسنة او سنتين في معظم الدول، ناتج عن تراكم المخزونات في معظم القطاعات الانتاجية، نتيجة لضعف الاستهلاك والطلب، وبالتالي سيؤدي لانخفاض الاسعار، وارتفاع ايضا في معدلات البطالة، الامر الذي سيحدو بمعظم الحكومات باتخاذ سياسات وقائية لمعالجة الخلل، من اهمها رفع الانفاق الحكومي لدعم الاقتصاد، ار خفض الفائدة لتحفيز الاستثمار.
على مستوى اسواق النفط حاليا، سجلت مخزونات النفط ارتفاعا كبيرا في مارس الماضي، نتج عن ذلك انخفاض في اسعار النفط دون مستوى ال٣٠ دولار لاول مرة منذ سنوات، اعطى مؤشرا سلبيا دوليا عن الوصول لمرحلة الخطر المقلقة.
حاليا بعد تلاشي مرحلة الخطر (وبائياً) نوعا ما، بدأت تستقر اسعار النفط عند مستوى ال 40 دولار، ولازالت مخزونات النفط تسجل مستويات اعلى من المعدلات الطبيعية، فكيف ومتى نعود للاسعار التوازنية للنفط؟
هناك محددات مهمة لاسعار النفط، اهمها الطلب العالمي عليه، وخاصة من الصين اكبر مستورد للنفط عالميا، وكذلك مستويات مخزونات النفط الامريكية التي يتم الاعلان عنها اسبوعيا، وهذا المؤشر يؤثر سلباً وايجاباً على مستوى التضخم ومؤشرات اقتصادية اخرى في الولايات المتحدة، كما انه يؤثر على اسعار النفط دولياً.
في 2008م عانت العديد من الدول جراء الازمة المالية العالمية، وانخفضت اسعار النفط الى مستويات متدنية في حدود ال30 دولار، واتخذت الدول سياسة تخفيض سعر الفائدة الى مستويات متدنية، وكذلك زيادة الانفاق الحكومي، بالاضافة المدى اصدار سندات لدعم خزينتها.
ولكن الطلب الصيني وكذلك الهند دعم بشكل كبير سوق النفط، وادى الى ارتفاع الاسعار خلال سنتين الى مستويات جيدة مقبولة للمستهلك والمنتج، وصلت الى 70دولاراً للبرميل.
الصين تستورد يوميا حوالي 45مليون برميل، وتستهلك ما يقارب 12- 15 مليون برميل يوميا، والهند تستهلك حوالي ٥ ملايين برميل يوميا، لذلك يعول عليهما كثيرا في عودة اسعار النفط للتوازن قريبا كم حدث في 2008م وهو امر غير مستبعد.
من وجهة نظر معظم المحللين لا يرون وصول اسعار النفط فوق 100دولارا امراً جيداً كما حدث قبل ابريل 2008م ، بل الاغلبية يفضلون مستوى سعري متوازن يصنفه البعض في فترة ما قبل مارس 2020في حدود 65 – 70 دولاراً، حتى يتم المحافظه على مستوى عام للاسعار جيد بالنسبة للسلع النهائية، حيث ان ارتفاع الاسعار للنفط قد تؤثر على المستوى القريب على اسعار منتجات اخرى، وبالتالي يؤدي الى انخفاض الاستهلاك.
خلاصة القول ان ما نمر به حاليا هي فترة ركود لم تحدث منذ سنوات طويلة، تعاني منها العديد من الدول باختلال مؤشراتها الاقتصادية وتباطؤ في معدلات النمو وارتفاع في معدلات البطالة وتراكم في المخزون ، ولكن التاريخ يعيد نفسه دوماً، فسيتم العبور من هذه الازمة قريبا باذن الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال