الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تسلط النماذج الكلاسيكية الجديدة للنمو الاقتصادي الضوء على أهمية اربعة عوامل حاسمة في دراسة النمو الاقتصادي. وهذه العوامل هي العمالة ورأس المال والتكنولوجيا ونمو السكان. ووفقًا لنموذج Solow Growth ، تؤدي الزيادة في النمو السكاني إلى تقليل مستوى دخل الفرد اذا لم يصاحبها زيادة في رأس المال او تطور تكنولوجي. وزيادة عدد العمالة الأجنبية تزيد في عدد السكان وبالتالي تؤدي إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد السعودي من الناتج المحلي الإجمالي. ويتم تحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل من خلال تراكم رأس المال والنمو السكاني مصحوبًا بالتطورات التكنولوجية. لذلك فإن الزيادة المستمرة في عدد العمالة الاجنبية غير الماهرة و غير مصحوبة بنمو مماثل في المتغيرات الاقتصادية يترجم إلى انخفاض دخل الفرد السعودي.
وهذا لا ينطبق في حال اعتمدنا على العمالة الماهرة واستغنينا عن العمالة غير الماهرة لان العمالة الماهرة تجلب معها التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، شهد الاقتصاد الأمريكي نموًا هائلاً خلال القرن العشرين. مع النمو السكاني المرتفع من 75 مليون في عام 1900 إلى 300 مليون في عام 2000 ، زاد دخل الفرد أيضًا ثماني مرات خلال هذا القرن . ويمكن استخدام نموذج Solow Growth لشرح هذا السيناريو بالطريقة التالية، مع نمو عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية ، كان هناك تخطيط استراتيجي يتم القيام به للتأكد من وجود استثمار في العمالة التي يمكن الحصول عليها من هؤلاء السكان. وشهد ذلك تطوير التكنولوجيا وتطوير العديد من المؤسسات التي يمكن أن تطور الموارد البشرية للولايات المتحدة وتدعو العمالة الماهرة من المهاجرين.
يعتبر إنتاج النفط الخام من أهم العوامل التي تؤثر على جميع جوانب حياتنا الاقتصادية اليوم تقريبًا. لذلك ، تعتبر من بين المؤشرات الاقتصادية الأكثر مراقبة. ويؤثر إنتاج النفط الخام تأثيراً مباشراً على حجم صادرات البلدان ووارداتها فضلاً عن معدل الاستثمارات الأجنبية. وعلى مر السنين ، تفسير العلاقة بين إنتاج النفط الخام العالمي وتأثيراتها على معدل الهجرة لفت انتباه العديد من الاقتصاديين والباحثين. لذلك فإن فهم تأثير إنتاج النفط على معدلات الهجرة سيعزز معرفتنا بالتنمية الاقتصادية.
ويبقى تحديد ما إذا كان العدد الكبير للعمالة الأجنبية غير الماهرة تعزز التنمية الاقتصادية أو تثبطها واحد من الأسئلة المستمرة في مجال اقتصاديات التنمية. و من الواضح أن هناك 3 وجهات للنظر متعلقة بالعلاقة بين زيادة العمالة غير الماهرة والتنمية كالاتي:
1 – أن النمو زيادة العمالة غير الماهرة عامل مشجع للتنمية الاقتصادية.
2 – أن النمو زيادة العمالة غير الماهرة ليس عاملا ذو أهمية لعملية التنمية الاقتصادية.
3 – أن النمو زيادة العمالة غير الماهرة عامل مقيد للتنمية الاقتصادية.
ولقياس الأثر الفعلي الاقتصادي والاجتماعي للعمالة غير الماهرة على الأجور وبالتالي الأسعار ، هناك أربعة أسئلة يجب الإجابة عليها:
1) ما هو أنواع العمال السعوديين التي تتأثر بالزيادة في المعروض من العمالة غير الماهرة؟
2) ما هو حجم الأثر الاقتصادي والاجتماعي على العمال السعوديين المتضررين.
3) ما هي نسبة مشاركة العمالة غير الماهرة في النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية؟
4) كم نسبة تخفيض تكلفة الإنتاج بسبب العمالة غير الماهرة والتي يتم تمريرها إلى المستهلكين؟
وفي الحقيقة نحتاج المزيد من استخدام البيانات لدى مختلف الوزارات والهيئات لتقديم إجابات معقولة لهذه الأسئلة. ووفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء فإن نسبة العمالة الأجنبية في القطاع الخاص تمثل 74 في المائة و نسبة مشاركة السعوديين في القطاع الخاص لا تتجاوز 26 في المائة. وعدد العمالة الاجنبية فبلغ 13.1مليون نسمة وهو ما يمثل نحو 38.3 % من إجمالي عدد السكان في عام 2019. وحسب بيانات منتدى الاقتصاد الدولي فإن معدل العمالة الاجنبية في البلدان المتقدمة لاتتجاوز 15% من إجمالي السكان بينما معدل العمالة الاجنبية في المملكة العربية السعودية تتجاوز 34% وهذا يمثل ضعف النسبة لدى الدول المتقدمة في التنمية الاقتصادية.
ويبقى السؤال الأهم هو كم نسبة العمالة الأجنبية غير الماهرة من مجمل نسبة العمالة الأجنبية في القطاع الخاص في السعودية؟
وحتى نسهل الدراسة أكثر، سوف نركز على دراسة تخفيف العمالة غير الماهرة على كل قطاع بشكل مستقل. وسوف نبدأ بقطاع تجزئة المواد الغذائية لأنه أكبر قطاع يسهل فيه عملية التستر التجاري ولا أستبعد وجود غسيل اموال او على الاقل تمرير البضائع المقلدة للمستهلك وهذا غير الممارسات اللامهنية من العمالة غير الماهرة في التضييق على الموظف السعودي والأضرار بالتاجر الصغير المنافس. وايضا، لان قطاع تجزئة المواد الغذائية اكبر قطاع من حيث حجم الاستهلاك والذي يقدر أن يصل إلى 221 مليار ريال في عام 2021. ووسط توقعات بنمو حجم هذه القطاع بنسبة 6 في المائة سنويا حسب تأكيدات الهيئة العامة للاستثمار.
وحتى يتم قياس الأثر الاقتصادي لتخفيف العمالة غير الماهرة في قطاع تجزئة المواد الغذائية يجب ان يكون هناك قرار من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالزام الشركات والمؤسسات العاملة في قطاع تجزئة المواد الغذائية بان يكون مندوب المبيعات ومندوب المشتريات سعودي الجنسية وأن لا يعمل أي عامل أجنبي في هاتين المهنتين في قطاع تجزئة المواد الغذائية ومن يخالف يتم ترحيله وتعاقب المؤسسة والشركة بغرامات مالية على الاقل. وعلى ان يتم بناء منصة خاصة تسهل تواصل السعوديين العاملين في مهنتي مندوب مشتريات و مندوب مبيعات مع الجهة المختصة في الوزارة في حال كان هناك شكوى او خلافة. هذة الخطوة الاولى سوف تساهم من احتكار العمالة الأجنبية غير المهارة على قطاع تجزئة المواد الغذائية وسوف تخفف من عمليات التستر التجاري غسيل الأموال و تمرير البضائع المقلدة للمستهلك و الممارسات اللامهنية من العمالة غير الماهرة في التضييق على الموظف السعودي والأضرار بالتاجر الصغير المنافس. وسوف تزيد من نسبة التوظيف في قطاع تجزئة المواد الغذائية مما سيؤدي الي دخول المستثمرين السعوديين الي هذا القطاع وبالتالي يقود إلى خفض نسبة البطالة بشكل ملحوظ. من قرار كهذا سوف يكون هناك العديد من الآثار الإيجابية المتنوعة بين آثار مباشرة ممكن ملاحظتها على قطاع تجزئة المواد الغذائية او آثار غير مباشرة ممكن ملاحظتها على القطاعات الاخرى وبدون ادنى شك سوف يكون لمثل هذا القرار اثار مستحثة او جانبية على الاسر والمستهلكين من حيث الحد من انتشار البضائع المقلدة والمضرة بصحة واقتصاد البلد.
اما بشكل عام وعلى مستوى جميع القطاعات، فان هناك بعض الاجراءات الضرورية قبل بدا دراسة قياس الآثار الاقتصادية لتخفيف العمالة غير ماهرة على الاقتصاد السعودي، ومنها على سبيل المثال: منع نقل الكفالة وذلك للحد من بيع التأشيرات العمالية والمتاجرة بها، التشديد على الزام القطاع الخاص بدفع المرتب الشهري عن طريق البنك وذلك للحد من عمليات التستر التجاري، زيادة نسبة اشتراك الاخطار المهنية في التأمينات الاجتماعية للعاملين الاجانب من 2% من الأجر الي 5% وذلك لمساعدة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في موجهة عجز اكتواري محتمل بسبب قلة المشتركين السعوديين نتيجة مزاحمة العمالة على الفرص الوضيفية، عدم تجديد إقامة من يزيد عمرة عن 55 عام من العمالة غير الماهرة وذلك للحد من التستر التجاري.
وبكل تاكيد هناك اثار اقتصادية واجتماعية مباشرة وغير مباشرة و وجانبية نتيجة لهذه الإجراءات ومنها على سيبل المثال: تحسين ميزان المدفوعات نتيجة تقليل الحوالات العمالية، تخفيض المنافسة على التاجر السعودي، تخفيض الضغط على البنية التحتية، الحد من التستر ونسبة الجريمة والمخدرات، زيادة نسبة السعودة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال