الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بدايةً أود الإشارة إلى انه لا توجد دولة في العالم تفرض رسوم على (الاراضي البيضاء ) بعينها والرسوم تكون على العقارات ككل مقابل الخدمات والمرافق المتوفرة بها وتُدفع الرسوم لإدارة وتشغيل هذه المرافق والخدمات التي تختلف من مكان إلى آخر وتختلف معها الرسوم، وغالباً هي رسوم رمزية واقل من 1%.
وقبل الشروع في خطوة مثل هذه اعتقد اننا حسب الظروف الراهنه نحتاج لسنوات طويلة ابتداءاً من تخصيص القطاعات الحكومية ومروراً بتفعيل دور
القطاعات المصرفية والتمويلية وتكوين كيانات قادرة على إدارة وتشغيل المرافق والخدمات العامة وغيرها من الامور التي يجب ان تؤخذ في الحسبان لصناعة مثل هذا القرار.
الحديث حول رسوم الاراضي البيضاء تجاوز المعقول إلى اللا معقول وبدأ يأخذ طابع غوغائي وأحياناً انتقامي!
مع الأسف انزلق في هذا المنزلق بعض المثقفين والإعلاميين وتبعهم بعض مشاهير السوشيل ميديا وبعض حملت الدكتوراة في الزراعة والطب واستغل ذلك بعض عشاق سوق الاسهم الطامحين لتحويل رؤوس الاموال لسوق الاسهم وفرح بقولهم بعض المتأهبين لشراء مسكن
في أرقى احياء مدننا بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودة، ظناً منهم بأن الرسوم تجعل العقار ينهار.
هذا الأمر غير صحيح ولو كان صحيحاً فما أثر ذلك على اقتصادنا ومجتمعنا البعض منهم يدّعي ان الرسوم لم تحقق اهدافها بل ويحدد نسب وارقام من بنات افكاره
والبعض الآخر يدّعي ان العقار لا يتناسب مع دخل الفرد وان الاسعار مرتفعة والكل يُدلي بدلوه دون علم او معرفة.
الجهود العظيمة والدعم الكبير من القيادة الحكيمة ساهم في رفع نسبة التملك من 47% إلى 62% كذلك أسعار الوحدات السكنية التي تقدمها وزارة الاسكان مع المطورين العقارين تتراوح اسعارها حول الخمسمائة الف ريال
صعوداً ونزولاً وبقسط شهري يقارب 1700 ريال إضافة إلى ذلك تقدم وزارة الاسكان وحدات سكنية لذوي الدخل المحدود من خلال الاسكان التنموي ومنصة جود.
حسب مؤشر موقع Numbeo.com لأسعار العقارات مقارنة بدخل الافراد، السعودية ليست موجودة في القائمة
ضمن اغلى 100 دولة في العالم، وبهذه المناسبة أود طرح سؤال على المتعطشين لفرض هذه الرسوم هل الرسوم جعلت اسعار العقارات رخيصة في لندن ونيويورك وواشنطن وباريس ولوس انجلوس وجنيف وسنغافورة والصين؟ هل جعلتها متناسبة مع دخل الفرد كما تدّعون ؟
اترك الإجابة لكم.
هل مشكلتنا فعلاً في اكتناز الاراضي البيضاء؟
من واقع عملي لسنوات كثيرة في هذا القطاعكمستثمر ومتابع أقول ان مشكلتنا تمويلية بحته بدليل انه عندما كانت المساهمات العقارية موجودة وصل التطوير ذروته وبشكل سريع وبعد توقف المساهمات حدث ركود كبير في
قطاع التطوير العقاري على مستوى المملكة. وللعلم المعروض من الاراضي سواء للبيع او التطوير يفوق حجم نطاق الرسوم المقرر الآن بكثير وعايشنا ذلك حتى قبل تطبيق رسوم الاراضي.
انا على يقين ان اغلب من يتحدثون عن الرسوم يجهلون اثرها ليس على القطاع العقاري فحسب بل على القطاعات الكبيرة المتصلة به والتي تتجاوز 120 صناعة ونشاط
بل ويجهلون تكاليف التطوير العقاري وما يواجهه المطورين من معوقات وتحديات كبيرة يأتي في مقدمتها ايقاف والغاء الصكوك الذي اصبح يهدد استقرار القطاع العقاري ويخلق مناخاً طارداً لبيئة الاستثمار فيه ويساهم في تعطيل المعروض من العقارات.
عندما نُلزم المواطن بتطوير ارضه او بيعها فنحن امام خياران:
الأول: توفير المشترين
الثاني: توفير المبالغ اللازمة لتطويرها
فليس من المقبول ان يُلزم بالتطوير وهو لا يملك المبالغ اللازمة لذلك وليس من المقبول ان نُلزمه بالتطوير ولا وجود للمشتري.!
في اعتقادي ان إلغاء رسوم الاراضي البيضاء سيحقق استقرار في السوق العقاري وسيزيد من نشاط الاستثمار فيه فبقاؤها على ماهي عليه فيه ارباك لمستقبل السوق
العقاري وضبابية تجعل الاستثمار فيه محفوف بالمخاطر فوجود رسوم الاراضي البيضاء بوضعها الحالي جعل المستثمر والمستهلك في حالة قلق وترقب لقرار قد يأتي في أي لحظة ودون سابق انذار.!
مالمانع في ان تكون خططنا حول القطاع العقاري مُعلنه قبل تطبيقها بسنوات بشكل واضح وشفاف والقضاء على
عنصر المفاجأة لمنح هذا القطاع الحيوي والمهم البيئة الجاذبة للاستثمار ومضاعفة مساهمته في الناتج المحلي؟
الأمر ليس بحاجة إلى تشنج وحملات إعلامية وليس بحاجة إلى حملات في مواقع التواصل بل يحتاج إلى دراسات
مستفيضة وإلمام بالواقع والتحديات الموجودة. يحتاج إلى وضع حلول تتناسب مع حالتنا وتحقق أكبر فائدة مرجوة للوطن والمواطن وبأقل الاضرار الممكنة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال