الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقال أن قصة المثل ” رُبَّ ضارةٍ نافعة” يعود إلى أن رجل كان على ظهر سفينة تعرضت لعاصفة مما أدى إلى غرقها وغرق من كان عليها، سوى هذا الرجل فلقد تلاعبت به الأمواج حتى رمته على شاطئ جزيرة نائية ومهجورة. وهناك بدأ حياة جديدة، وأصبح يقتات على ثمار الشجر وما يصطاده من أرانب، وبنى له كوخًا من أعواد الشجر ليحميه برد الليل وحر النهار وذات يوم وبينما هو يتجول حول كوخه بانتظار طعامه أن ينضج، شبَّت النار في الكوخ وما حوله فأحرقته. فأصبح يبكي بحرقة ويصرخ لأنه فقد مسكنه وقوته، إلا أن هذه النار كان لها دخان أصبح بمثابة علامة لسفينة كانت بالقرب من الجزيرة فتوجهت صوب هذا الدخان فوجدت الرجل وأنقذته.
ونحن في هذا المقال نقوم بتخصيص هذا المثل نوعًا ما ونقول ” رُبَّ كورونا ضارةٍ نافعة”، فمما لاشك فيه أن جائحة الكورونا التي داهمت العالم بأجمعه؛ كان لها التأثير الاقتصادي والتعليمي والصحي الكبير في جميع الجوانب والنواحي، والثلاث مرتكزات السابقة لم يتم ترتيبها عشوائيًا أو من باب الصدفة، وإنما تم ترتيبها وفق درجة تأثرها وتأثيرها، وأثرها في المرتكز الذي يليها. وإن كان الظاهر للأغلبية هو درجة تأثير جائحة الكورونا على المرتكز الصحي الفردي أو المجتمعي أو كليهما، ولكن الذي لم يتضح في البدايات سوى للأقلية هو المرتكز الاقتصادي والمرتكز التعليمي. ولكن ومع استمرار الجائحة ظهرت درجة تأثر وتأثير هذين المرتكزين على كافة جوانب الحياة بما فيها الجانب الصحي للأغلبية إن لم يكن بالأصح للكل.
وبما أن عنونة هذا المقال تشير إلى أن هذا الضرر متعدد النواحي قد تكون له منفعة، فهنا نبدأ في الولوج إلى موضوعنا بشكل مقيد ومحدد ومن باب الاختصاص ونقول: يدرك طلاب الدراسات العليا في الجامعات السعودية في كافة التخصصات وبكلا المرحلتين “ماجستير – دكتوراه ” درجة التأثر الكبير التي واجهتم جراء تعليق الدراسة وتعليق كافة الجوانب المتعلقة بالجانب التعليمي، ونخص بالذكر منهم الطلبة الذين كانوا على قرب من إقرار رسالة الماجستير أو أطروحة الدكتوراه للمناقشة، ومن ثم مناقشتها ومنح الدرجة العلمية بعد المناقشة. فعملية تعليق الدراسة وتعليق كافة الجوانب التي تتعلق بالتعليم، تعني تعليق أمر المناقشة وكل ما يتعلق بها من حيثيات قبلية وبعدية. ولا شك أن لهذا الامر أثره النفسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي على الطالب.
إلا أن قيام بعض الأقسام العلمية وبعض الكليات وبعض الجامعات المعنية بهذا الأمر؛ بمواصلة أمر مناقشة الدراسات العلمية والاطروحات عن طريق استخدام برامج ومواقع الانترنت بتطبيق آلية المناقشة عن بعد؛ كان له الأثر الإيجابي في مواصلة إجراءات المناقشة، وسهل هذا الإجراء من عملية تواصل الطالب مع المشرف مع أعضاء هيئة التدريس المعنيين بمناقشة دراسة أو أطروحة الطالب، وسهل من إجراء المناقشة بأسلوب جديد جراء هذه الجائحة؛ وهو أسلوب المناقشة المباشر وعن بعد باستخدام برامج ومواقع انترنت للتواصل العلمي. هذا الإجراء الذي كان ناتج عن جائحة الكورونا؛ اتضح مع الوقت مدى قوته وجودته وفائدته الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والصحية،
فمن ناحية الاقتصاد خفض من الكلفة الاقتصادية التي يتحملها جميع من لهم علاقة بالمناقشة من طالب ومشرف ومناقشين وكلية وجامعة؛ والتي يصعب في هذا المقال تعدادها وحصرها. ومن ناحية الجانب العلمي، كان أغلب الحضور هم من طلبة الدراسات العليا ومن أعضاء هيئة التدريس حتى وإن كان من غير المعنيين بأمر المناقشة، ولكن حضور المناقشة وفق هذه الآلية أكسبه الحرص والاهتمام على حضورها. ومن ناحية الجانب الاجتماعي؛ كان حصر حضور المناقشة على المعنيين بالأمر وعلى طلبة الدراسات العليا يسهل من عملية النقاش حول نقاط الرسالة أو الأطروحة المتعددة. أما من ناحية الجانب الصحي كان متعلق بلا شك بأزمة الكورونا وآثار أي تجمع في عملية ازديادها وانتشارها.
ولأننا في مقالنا معنيين بالأمر الاقتصادي؛ نختم المقال بإعادة التأكيد على أن ظهور المناقشات بهذا الأسلوب وجراء هذا الجائحة، كان له الأثر الاقتصادي الإيجابي على كل المعنيين بالمناقشة من أعضاء هيئة تدريس وطلاب دراسات عليا وأقسام علمية وكليات وجامعات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال