الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بلغت الخسائر من رأس مال مدينة الملك عبدالله الاقتصادية أكثر من 20%، والمدينه مع غيرها من المدن المعلنة لم تحقق النتائج المرجوة منها من جذب الاستثمارات الصناعية والخدماتية والتي كانت الدعاية تسوق انها ستولد سنويا ما يتجاوز الـ 150 مليار ريال. منذ عام 2006 والمدينه تصارع في تحقيق رؤيتها و بعد اكثر من اربعة عشر عاما من العمل فشلت المدينة في وقف الخسائر ناهيك عن تحقيق ولو جزء يسير من الأرباح ولم تنجح في تحقيق رؤيتها التي من اجلها انشئت، فأين مكمن الخلل؟.
كان الأساس الذي نشأت عليه المدينة انها ستبنى من الصفر من أموال القطاع الخاص دون ان تنفق الحكومة ولو ريال واحدا فيها، وكان التسويق يقوم على ان القطاع الخاص قادر على النهوض بالمدينة لمصاف المدن الجاذبة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، و هذا الاساس كان ضربا من الخيال، فلا يوجد مدينة في العالم كله بني على هذا النموذج، لابد من ان يكون الإنفاق على البنى التحتية والتي تحتاج لأموال طائلة يفوق رأس مال الشركة بعشرات ان لم يكن بمئات المرات من قبل الحكومة، او على الاقل بضمانها، فالاستثمار في البنى التحتية عوائدها قليلة وفي كثير من الاحيان شبه معدومه، وفوائدها غير مباشرة، والقطاع الخاص لن يقدم على صرف المليارات في هكذا مشاريع بأي حال من الأحوال، ناهيك عن ان رأس مال الشركة لا يكفي لأن تضطلع في مشاريع البنى التحتية الضخمة فحتى هذه اللحظة لم يصرف سوى 18مليار ريال على المدينة التي تفوق مساحتها ١٦٨ مليون متر مربع ، ومعظم هذه الأموال اتت من قروض يبدو انه سيعاد جدولتها. حتى القوانين والانظمة الحاكمة للمدينة والتي كان يسوق على انها ستكون قوانين خاصة تضمن سهولة القيام بدورها في جذب رؤوس الأموال لم ترى النور.
مدينة الملك عبدالله كانت تملك الاحلام، ولكن لم يخطط لها بشكل وافي وشامل ولم تملك رأس المال الكافي ولم تملك الادوات. وفي النهاية لم تولد المدينة لا ارباح ولم تجلب استثمارات ومع الوقت تحولت لمشروع عقاري لبيع الشقق والمنازل واقامة الفنادق لزوار فعاليات هيئة الترفيه والتي تعتبر المحرك الرئيسي لها الان. ولكن حتى فعاليات هيئة الترفيه والاقبال الكثيف عليها في المدينة لم ينتشلها من واقعها المر والذي يبدو ان الخسائر ستعصف بما تبقى من رأس مالها اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن. كما ان هناك بوادر للتعثر في سداد القروض التي اعتمدت عليها المدينة في البناء الى الآن، بالاضافة الى الصعوبة البالغة للمدينة في الحصول على قروض جديدة طويلة الاجل.
مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لم تحقق اهدافها لأن اهدافها كانت غير واقعية، صاحب ذلك ضعف شديد في التخطيط والتسويق، فلا المدينه تملك رأس مال كفيل بتشغيلها والانفاق عليها، ولا يوجد بوادر بإقبال القطاع الخاص عليها استثمارا و تنمية، كما ان المصارف تتحفظ على إعطائها مزيدا من القروض طويلة الاجل. المدينة دليل على ان الأحلام وحدها لا تكفي فلا بد من ان يصاحبها تخطيط سليم لا يخلو من الواقعية، فرأس المال جبان، ولا يلومه في جبنه عاقل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال