الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اسعدني كثيراً هذا الاسبوع صدور قرار مجلس الوزراء الموقر حول النظام الجديد لمكافحة التستر والذي سيسهم في التضييق على منابع التستر والقضاء على اقتصاد الظل، ويشتمل على عقوبات مغلظة تصل إلى السجن خمس سنوات، وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال.
وما سبق ذلك من التوجيه الكريم من المقام السامي ، بإنشاء لجنة وزارية تتولى الإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري لإقتراح الحلول والمبادرات التي من شأنها مكافحة ظاهرة التستر والقضاء عليه.
حيث ستتولى اللجنة الإشراف على تنفيذ المبادرات ووضع مؤشرات قياس أداء جميع الجهات المعنية مع متابعة التقيد بتنفيذ التوصيات الصادرة في ذات الشأن ، ويُعطي النظام الجديد الصلاحية للجهات ذات العلاقة بالاستعانة بالتقنية لإثبات جرائم ومخالفات التستر التجاري عبر “الأدلة الإلكترونية” إضافة إلى طرق الإثبات الأخرى. كما استحدث النظام مبدأ جواز تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها لمن يبادر من مخالفي أحكام النظام بالتبليغ عنها وفقاً لضوابط محددة.
ومع صدور هذا النظام وانشاء اللجنة الوزارية باتت الامكانات اكثر استجابة للحراك نحو اقتصاد متكامل يسهم في نمو اداء المؤسسات الفردية وتوالد البرامج الريادية الانتاجية والحفاظ على تدفق النقود داخلياً هذا بالاضافة الى ما سبق اقراره من تطبيق ادوات الدفع الالكتروني التي اصبحت ملزمة في كافة التعاملات التجارية ، بيد أن القضاء على هذه الظاهرة يتطلب أيضاً الوعي وتضافر الجهود من الجميع استشعاراً بضررها أولاً وحفاظاً على المكتسبات التي تعود بالفائدة ثانياً .
لقد اشتمل النظام الجديد على إجراءات استباقية لمنع وقوع جرائم التستر لتضييق منابع هذه الظاهرة عبر التصدي للمراحل التي تسبق الجريمة، وعقوبات من أهمها حجز ومصادرة الأموال غير المشروعة لمرتكبي الجريمة بعد صدور أحكام قضائية نهائية في حقهم.
اغلب حالات التستر التجاري في شكل مثلث بين المؤسسات الفردية وخاصة قطاعي المقاولات والمواد الغذائية والمواطن الذي لا يعرف تبعات الانظمة والوافد الذي يتحايل على الانظمة ، بيد أن اضرار التستر التجاري كثيرة ولعل من اهمها ما يضر المواطن اولاً لقاء حصوله على خدمات مشاريع هشة وبلا جودة او عبر استهلاكه لمنتجات فاسدة ثم تكتمل هذه الدائرة بابعاده الاقتصادية التي تقوض النمو الاقتصادي وتقلل من معدلات الناتج المحلي الاجمالي والمحتوى المحلي وما يتبع ذلك من تشوهات عميقة في الاقتصاد الكلي.
إن من حلول القضاء على هذه الظاهرة هي فتح المجال للايدي السعودي الماهرة في عمليات الانتاج وخلق قاعدة عريضة من المهارات المحلية وتعزيز فرص العمل للسعوديين ودعمهم وقد يكون من المناسب في هذه المرحلة انشاء كيانات مهنية سعودية كتنظيم جديد للانشطة المختلفة مثل التجزئة ( البقالات ، المغاسل ، بيع الادوات الكهربائية والسباكة ، اعمال الصيانة ، المقاولات ، صيانة السيارات ، وغيرها ، ويكون دور هذا الكيانات تنظيمها واعادة هيكلة اداءها بعمل احترافي منظم وبادارة وتنفيذ شبابنا السعودي وفق نقاط خدمات مكانية او عبر التطبيقات الذكية ، وضبط اداء غير السعوديين من خلال تطبيق الرخصة المهنية عند مزاولة الاعمال المهنية ، كما ان وزارة التجارة قد احسنت بتفاعلها عن طريق الابلاغ عن حالات التستر التجاري ووضعت مكافأة مالية للمبلغين عن جريمة التستر التجاري تصل إلى 30% من إجمالي الغرامات المحكوم بها بعد تحصيلها والتي تصل إلى مليون ريال للمخالف الواحد .
مجمل القول : مشهد جديد وعمل احترافي دؤوب نحو تجفيف بؤر التستر التجاري ومع المزيد من الجهود التي تنطلق اولاً من المواطن واستشعاره حجم الضرر الذي سيلحق به بشكل مباشر او غير مباشر ، وثانيا : الاستمرار في دعم الجهود الخاصة لأدوات هذا العمل وثالثاً تعزيز ثقافة الوعي بأدوات اعلامية ومجتمعية تسهم في غرس القناعات بسلبية واضراره على الفرد والمجتمع سيحدث التحول ، ويحدونا الأمل في أن تستمر هذه الجهود من منطلقاتها الذاتية والفعلية ولنعلم جيدا ان ما تخلفه هذه القضايا من اضرار ستطال المجتمع والفرد على حدٍ سواء .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال