الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تركيا لديها أحلام بتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة وتخليص نفسها من رحمة روسيا وإيران في توريد الغاز لها منذ عقود طويلة. ما هي نتيجة تلك الأحلام؟ التمدد في سوريا واستغلال تهريب النفط المسروق، خلق نزاعات وصراعات في البحر المتوسط وإبرام اتفاقيات غير معترف بها لسرقة الغاز اليوناني أو الليبي.
بالأمس القريب خرج رئيس الدولة التركي بتصريح عن اكتشاف أكبر حقل غاز بإمكانات تركية خالصة وسوف يجعل من تركيا دولة مستقلة في قطاع الطاقة وهو ما يرقى للمفرقعات الإعلامية. هنا سوف نتحدث عن الجوانب التقنية لهذا الاكتشاف وتداعياته:
اقتصاد متهالك وموارد هيدروكربونية شحيحة
تركيا تفتقر لتقنية الأعمال في المياه العميقة
عقود استيراد مبرمة، أرقام احتياطيات ضبابية
تركيا تمر بأوضاع اقتصادية سيئة جدا ومما سرع بذلك هو تدهور وانهيار العملة التركية “الليرة” الذي ضرب مفاصل الاقتصاد تماما. ولا شك بأن الفشل الكبير في إدارة أزمة كورونا ضاعف الأمور سوءا. كما أن نسبة الدين العام للدولة ارتفع بشكل قياسي لي يبلغ 240 مليار دولار وترتفع نسبة التضخم 11%. لذلك ارتفعت مخاطر التمويل الخارجي ومما جعله مكلف للدولة التركية حتى استعانت بقطر لاقتراض الأموال وغيرها لكن في واقع الأمر، لا دولة قطر ولا غيرها قادر على إنقاذ الوضع الاقتصادي هناك. دولة تركيا فقيرة بالموارد الهيدروكربونية ” نفط – غاز” حيث يبلغ إنتاجها من النفط قرابة 66 ألف برميل وتستورد معظم الغاز من روسيا حيث بلغ ما نسبته 56%.
تركيا لا تملك التقنية اللازمة لصناعة الطاقة وذلك لأنها دولة مستوردة لمعظم احتياجاتها من الغاز وليست منتجة لذلك قامت بشراء 3 سفن حفر خلال السنوات الماضية لرفع من كفاءة شركاتها المحلية لكنها ما تزال في مذيلة الدول المالكة للتقنيات الحديثة. شركة بوتاس التركية التي تقوم بأعمال الاستكشاف والتنقيب تفتقر للخبرة في أعمال المياه العميقة لذلك لابد من شريك أجنبي قادر على القيام بهذه الأعمال. لكن مع الظروف الحالية وتدهور أسعار الغاز يجعل احتمالية دخول
شريك أجنبي قليلة جدا وغير مغرية.
من المحتمل اكتشاف حقل هناك لكن من الصعب جدا التحقق من الأرقام لتضاربها فقد صرحت مصادر إعلامية بأن الاحتياطيات بلغت 800 مليار متر مكعب وأنه سوف يستغرق العمل في الحقل حتى الإنتاج قرابة 10 أعوام. ليتم النفي بعد ذلك على لسان الرئيس التركي بأن الاحتياطيات تبلغ 320 مليار متر مكعب وسوف تستغرق العمليات حتى الإنتاج 3 أعوام وقد يغطي احتياجات الدولة لمدة 20 عام. من وجهة نظري بأن هذه أحلام وردية يعيشها الرئيس التركي وآراد بذلك كسب مؤيدين بعد الخسائر التي تعرض لها في عدة أماكن. الحقل المكتشف بالقرب من حدود بلغاريا ورومانيا وبالتحديد من حقل نبتون الروماني المكتشف قبل 8 أعوام ولم يتم الاستثمار فيه بسبب ارتفاع التكاليف وعدم الجدوى الاقتصادية. مثل هذه الحقول تحتاج لبنى تحتية وإنشاء خط أنابيب وهو ما يتطلب وقت طويل واستثمارات ضخمة. ولو صدقت هذه الادعاءات لن يكون هذا الاحتياطي كافي لتزويد تركيا بالطاقة لمدة 20 عام، بل لن يتجاوز 7 أعوام بسبب استهلاك تركيا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال