الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تطرقت في مقالي قبل أسبوعين إلى ضرورة تقنين الخصوصية أثناء استخدام مختلف التقنيات، ولكن هل تنحصر تطبيقات الخصوصية هذه فقط في التقنية ومنصاتها؟ بالطبع لا. بالعودة إلى مبدأ الخصوصية يمكننا تعريفه باختصار أنه حق الفرد في الحفاظ على بياناته والمعلومات التي تخصه من النشر والمشاركة مع العامة لأسباب تعود إلى اختياره وقراره بشكل عام، و هو أحد أهم الحقوق المكفولة للإنسان والذي نراه متأصلاً في مختلف الأديان السماوية وأسماها الشريعة الإسلامية، التي كفلت حق الفرد في أن تحترم خصوصيته ولايتم المساس بها بأي شكل من الأشكال.
إلا أن حرمة هذه الخصوصية لها استثناءات محددة جداً تركز على التبليغات الحساسة التي قد تمس سلامة ومصلحة المجتمع أو الأمن الوطني بشكل دقيق. لعلي ولأول مرة أطرح مثال حي للتوضيح، حيث شاهدنا في اليومين السابقين تفاعل وسائل التواصل الاجتماعي مع أحد المقاطع التي تعكس حاجة بعض الشباب إلى وظيفة تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية وجاء رد أحد الصناديق التي تعمل على تأهيل الشباب ببيانات خاصة جداً عن التاريخ الوظيفي للشاب الذي ظهر بالمقطع بل وأفصح الرد الذي تم إطلاق مسمى بيان عليه عن أحد المبالغ التي كان يتقاضاها!.
بغض النظر عن الموضوع الأساسي الذي دار حوله المقطع ورد عليه البيان، إلا أنه عودةً إلى نقطة الخصوصية أرى أن البيان جاء ببيانات خاصة جداً قد لايرغب الفرد بمشاركتها، وإن كنت لا أتفق مع آلية طرح الشاب لأزمته، في حين أنه كان من الممكن أن يصدر هذا البيان مترفعاً عن أي تفاصيل ويشير فقط إلى الإحصائيات التي تخص أزمة الوظائف وترشد الشباب إلى آليات تحسين فرصهم في سبيل الحصول عليها وتطوير مهاراتهم!.
مثل هذا المثال يذكرنا بحاجتنا الماسة إلى إقرار القوانين التي تنظم الخصوصية والأهم هنا هو تعريفها وتوضيح حدودها للفرد وكذلك المؤسسات، حيث أن تطبيق القانون الملزم سيكون هو الطريقة الاسرع لترسيخ مفهوم الخصوصية والتأكيد على أن احترامها يعتبر فرض وليس مجاملة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال