الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد يبدو هذا الامر لغير المختصين دعماً سياسياً بالدرجة الأولى وغير مجدي اقتصاديا, ألا أنه عكس ذلك تماماً.
حيث أن الجانب السياسي فيه ضئيلً جداً ولا يتجاوز كونه أحد القوى الناعمة ويساهم في رفع مستوى التعاون المشترك مع الدول المجاورة.
ولكن اقتصادياً سوف يساهم بشكل رئيسي في تحقيق أحد ركائز رؤية المملكة الطموحة 2030, وهو أن تصبح المملكة مصدراً إقليمياً وعالمياً للطاقة.
ولكي تصل الفكرة لغير المختص والمختص على حداً سواء, سوف نتحدث بشكل عام دون التعمق في التفاصيل.
تسعى السعودية بهذه الاتفاقيات لاستنساخ التجربة الخليجية ونقلها إقليمياً ومن ثم الأنتقال عالمياً, ولكل مرحلة أهدافها واستراتيجياتها المختلفة.
خليجياً:
تم وضع حجر الأساس لهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمرسوم ملكي وبموافقة جميع الدول الأعضاء في 29 يوليو 2001 وهو القرار الذي يعد من أفضل القرارات التعاونية التي قدمها المجلس في تاريخه بعد التعاون العسكري.
وكان هدف الهيئة آنذاك هو تشغيل وإدارة أصول الربط الكهربائي بجهد 400 كيلو فولت لتحقيق أمن الطاقة للدول الأعضاء, حيث تقوم هذه الهيئة في توفير الاستثمارات اللازمة لتبادل الطاقة الكهربائية لمواجهة فقدان القدرة على التوليد في الحالات الطارئة لدول الأعضاء وهي ما نجحت فيه بكل اقتدار حيث قامت فقط في عام 2019 بالاستجابة لمئتين واثنين حالة طارئة من الدول الأعضاء وتزويدهم بالطاقة.
ونجحت الهيئة في تجنب شبكات كهرباء الدول الأعضاء لأي انقطاع كلي خلال العام من خلال تقديم الدعم اللحظي بنقل الطاقة المطلوبة عبر شبكة الربط الكهربائي بشكل فوري.
مع كونه أنجح مشاريع التعاون الخليجي ومن أهم مشاريعه الاستراتيجية للمحافظة على استمرارية أمن الطاقة لدول الأعضاء إلا أنه يعد نموذجاً ناجحاً أقتصادياً, حيث ساهم في وفورات اقتصادية تتمثل في خفض القدرة المركبة وتخفيض تكاليف التشغيل والصيانة وتخفيض الاحتياطي التشغيلي للدول الأعضاء. وتبلغ هذه الوفورات تقريبا 2.74 مليار دولار منذ بداية تشغيلة عام 2009 الى عام 2019, وتقدر التكلفة الرأسمالية لمشروع الربط الكهربائي الخليجي منذ أنشائه 1.85 مليار دولار, وبذلك يكون قد استطاع ان يتحول الى الربحية في أقل من عشر سنوات وهذا ما يعد انجازاً مقارنة بحجم المشروع.
أقليمياً:
تهدف المملكة من التوسع في المشروع وجعله أقليمياً عن طريق توقيع اتفاقيات الربط الكهربائي مع جمهورية مصر والمملكة الأردنية الهاشمية وقريباً العراق والسودان. وهذه المرحلة سوف توفر للدول الأعضاء أستمرارية أمن الطاقة وأيضاً الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة.
حيث أن الموقع الجغرافي للمشروع أصبح أكبر وبالتالي تختلف الذروة بحسب أختلاف ساعات العمل ونوعية الذروة, على سبيل المثال: في دول الخليج الذروة من الساعة الواحدة ظهراً الى الساعة الثالثة والنصف عصراً, أما في جمهورية مصر, تبدأ الذروة من الساعة السادسة الى التاسعة ونصف مساءً.
واختلاف ساعات الذروة بسبب اختلاف انوع الاستخدامات للطاقة حيث أن في دول الخليج أًصلها تكييف أما جمهورية مصر الأستخدام الأكثر إضاءة. وهنا تستطيع جمهورية مصر تزويد الخليج في وقت ذروته وتحصل على الدعم المطلوب في ذروتها, وبذلك يضمن جميع الأطراف استمرارية الطاقة في كل الأوقات والاستفادة القصوى من القدرات التوليدية.
ونجد أن المملكة على سبيل المثال, استثمرت بسخاء في البنية التحتية للطاقة الى أن أصبحت تملك أعلى قدرة توليدية في المنطقة والعاشرة على مستوى العالم, حيث أن قدرتها التوليدية تقارب 80 ألف ميجاواط ويصل أقصى حمل ذروي لها في الصيف قرابة ال 65 الى 70 الف ميجاواط, وفي الشتاء لا تتجاوز الأحمال 50 الف ميجاواط.
اذاً الاحتياطي التشغيلي يقارب 30 ألف ميجاواط في الشتاء. وهذا رقم كبير جداً يعادل القدرة التوليدية لدول مجتمعه, لذلك يعتبر هدر كبير للطاقة و تكلفته باهظة على الشركة تضطر أن تتحمله الدولة في نهاية المطاف تعويضه وهي التي اختارت أن تجعل الطاقة متوفرة للجميع في كل الأحوال وتحت أشد الظروف.
أما مع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة مع دول الجوار, سوف يتيح للمملكة الاستفادة مستقبلاً من القدرة التوليدية الهائلة لديها وبيعها لدول الجوار لرفع مستوى الخدمة لديهم والتخفيف من أعباء الاستثمارات الهائلة المكلفة عليهم التي تتطلبها البنية التحتية وتزويدهم بالطاقة مباشرةً.
عالمياً:
تعمل المملكة على أن تكون نقطة انطلاق عالمية لتوليد الطاقة عن طريق الطاقة المتجددة او التقليدية, بالاستفادة من موقعها الجغرافي الرابط بين ثلاث قارات, ولن يحصل هذا الا عن طريق بناء بنية تحتية توسعية, وربط الشبكات الكهربائية بالتركيز على الموثوقية, و الاستدامة, والابتكار ومن ثم أنشاء سوق حيوي لتجارة الكهرباء.
لذلك الربط الكهربائي مع جمهورية مصر سوف يتيح لنا الفرصة الى الاتجاه غرباً الى ليبيا وتونس والجزائر والمغرب, وبذلك نستطيع ان ننتقل للمرحلة التالية وهي الربط الكهربائي مع دول أوربا عن طريق مصر- قبرص , تونس – إيطاليا , المغرب – وأسبانيا, وهنا نستطيع ان نستفيد بالشكل أشمل من أختلاف أوقات الذروة وهي تعتبر أقليمياً الصيف وأوربا الشتاء. ونستفيد ايضا من توليد الطاقة الشمسية بالاستفادة من موقعنا الجغرافي الذي يعد في الحزام الشمسي الأعلى عالمياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال