الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عُرض على احد الأصدقاء منصبا قياديا في احدى المنشآت العملاقة، وكانت فرصة مغرية له، لكن المزعج بالأمر ان أحد المهام الرئيسية المطلوبة منه هي خفض عدد الموظفين الى النصف تقريبًا، اَي ان تسريح الاف الموظفين ستكون هي أولى مهامه واهم مؤشرات أداءه. فتردد بالقبول وطلب رأئي الشخصي كصديق له كونه يعي تماما انه مقبل على معركة سيخسر فيها الكثير حتى لو (صَفّق) له من بعض من حوله وتظاهر بالفوز أمامهم.
وبعد اطلاعي على بعض التفاصيل اقترحت عليه قبل انضمامه مناقشة مجلس الإدارة بما أستطيع تسميته (معادلة تسريح الموظفين) والتي أرمز اليها بمعادلة 70/20/10. وهي معادلة انقلها لكم بتصرّف من كتاب (الفوز) لمؤلفه جاك ويلش، كما أوصي المنشآت العملاقة والكبيرة باتباعها خاصة عند وصولها لمرحلة تسريح الموظفين لانني مؤمن بعبارة أرددها دائما وهي (ان كان تسريح الموظفين هو الحل الاول والأخير فتوظيفهم بالأساس كان خطأ)، وهنا تكمن القيمة المضافة لإدارة الموارد البشرية وقيادييها من خلال تطبيق أفضل الممارسات العالمية.
تعتمد معادلة 70/20/10 على تقسيم موظفي المنشاة الى 3 فئات: الفئة الاولى والتي تمثل ما نسبته 10% تقريبا من اعداد الموظفين، وهم الموظفين ضعيفي الإنتاجية، سيئي السلوك وعديمي الانضباط رغم تنبيههم وإنذارهم، فهولاء الموظفين يمكن تطبيق العقوبات والجزاءات النظامية عليهم والتي تؤدي لإنهاء خدماتهم وفق نظام العمل كونهم تسببوا بشكل رئيسي بهذا القرار نتيجة إهمالهم المستمر.
اما الفئة الثانية والتي تمثل ما نسبته 20% من اجمالي الموظفين فغالبا ما تتكون من موظفين جيدين ولكن كبار بالسن والذين هم على وشك التقاعد او قريبين منه، فينصح هنا بتحفيزهم على التقاعد من خلال تقديم لهم التوجيه والإرشاد اللازمين لمرحلة مابعد التقاعد ومكافئتهم بشكل مغري لاتخاذ قرار كهذا حرصًا على ضخ دماء جديدة من جهة وخفض المصاريف الادارية من جهة اخرى.
اما الفئة الثالثة وهي الأهم والتي تمثل ما نسبته 70% تقريبا، تتكون من موظفين جيدين وذوي أعمار صغيرة الى متوسطة وهي شريحة كبيرة في اغلب المنشات يصعب رميهم هكذا (بالشارع) بداعي تسريح الموظفين، بل يجب اولا عمل تحليلا كاملا لبيانات هؤلاء الموظفين على ان يشمل ذلك مؤهلاتهم وخبراتهم ومهاراتهم وسماتهم الشخصية، ومن ثم الاطلاع وحصر الشواغر الوظيفية لدى الجهات الملائمة سواء كانت حكومية او خاصة وبالتحديد الجهات حديثة التأسيس، وهي عملية تنسيق رفيعة المستوى.
ومن ثم يتم تسكين هؤلاء الموظفين على تلك الشواغر الوظيفية بعد إدراجهم ببرامج (تجسير) لفترات مختلفة بناءً على طبيعة الوظيفة الشاغرة، يمكن من خلالها تأهيل كل موظف او موظفة عبر برامج تدريبية مكثفة توائم متطلبات تلك الشواغر وتكسبهم المهارات والمؤهلات اللازمة لشغل هذه الوظيفة بكل كفاءة واقتدار، حينها فقط نكون قد استثمرنا مواردنا البشرية بشكل يحاكي اهدافنا الحقيقية والتي تبعدنا كل البعد عن المكاسب الإعلامية السريعة.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال