الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أعلن معالي وزير التعليم قراره أن يكون التعليم عن بعد لأول سبع أسابيع من السنة الدراسية الجديدة ثم يعاد تقدير الموقف، ولا يستبعد أن يستمر العمل بالأسلوب التعليمي الجديد لفترة أخرى إذا لم يتوفر لقاح – مجاز علميا – لفيروس كورونا، وقد أيد معالي وزير الصحة هذا التوجه بتأكيده على أنه سيتم تمديد التعليم عن بعد في حال عدم توفر اللقاح، خاصة أن العالم كله متخوف من احتمالية موجة ثانية للجائحة – لا قدر الله – بحلول فصل الشتاء القادم.
هذا القرار، أثار تساؤلات مقلقة عند الكثير من أولياء أمور الطلاب المؤيدين لفكرة عودة الطلاب إلى المدارس، والرجوع للأسلوب التقليدي في التعليم، و يحاول الكثير من الأهالي الإجابة على عدة تساؤلات، أهمها تساؤلان ربما الأكثر تداولا:
الأول: أهمية العودة للمدارس
لا شك في أن الأهالي لهم كامل الحق في إبداء قلقهم في هذه المسألة، وبكل تأكيد تساؤلهم كان محل اهتمام مسؤول وزارة التعليم الذي أتخمه بالنقاش والتحليل، سيما أن عودة الطلاب لمدارسهم لها أثر إيجابي على صحتهم النفسية – بعد الحجر الطويل في المنازل وتقييد الحركة – وعلى صحتهم البدنية كذلك، وتدعم عدة دراسات متخصصة – من جهات موثوقة – هذا التوجه والتي أشارت إلى أن احتمالية إصابة الطلاب بالفيروس ضعيفة، فقد توصلت دراسة حكومية في بريطانيا – على سبيل المثال – أن في حال إصابة بعض طلاب المدارس بالفيروس ، فإنه لا يستدعي التنويم السريري لأكثر من %0.1 لمن هم دون سن التاسعة، و %0.3 لمن هم فوق التاسعة وحتى التاسع عشر من العمر، وهي نسب تكاد لا تشكل خطر حقيقي على طلاب المدارس.
هنا، لا بد أن نعي جميعا أن الجهات المسؤولة بالمملكة لم تتعامل مع المجتمع كقطيع كما فعلت العديد من الدول أثناء جائحة فيروس كورونا، فسلامة كل إنسان يعيش على أرض المملكة من مواطنين ومقيمين مسألة ذات أولوية قصوى. لذلك، الدراسات التي دعمت قرار عودة الطلاب إلى المدارس في ظل عدم وجود لقاح ربما تتماشى مع ثقافة غيرنا، ولكن بكل تأكيد لا تتماشى مع نظرتنا للأمور بالمملكة، لأن حياة كل طالب وأهل بيته وبلا استثناء غالية جدا، ولا يمكن المجازفة بالعودة الكاملة قبل تواجد اللقاح رسميا بالمملكة.
الثاني: فعالية أسلوب “التعليم عن بعد”
تجربة التعليم عن بعد في أواخر السنة الدراسية الفائتة لم تكن بالنجاح المطلوب، خاصة أنه لوحظ أن أدوات التنفيذ كانت متواضعة إن لم تكن متغيبة في كثير من المدارس والمعاهد والكليات. هذا كله سبّب شيء من فقد الثقة في تطبيق هذا الأسلوب، وقد كان للتجربة مخرجات تدعم الموقف المقلق لهؤلاء الأهالي.
بداية، لا يمكن مقارنة عملية “التعليم عن بعد” التي عشنا فعاليتها في السنة الدراسية السابقة مع ما سنراه في بداية السنة الدراسية الجديدة. في الفترة السابقة، التجهيزات لم تكن متكاملة، كما أن الجائحة وضعتنا أمام مفاجأة الاضطرار لنهج أسلوب مختلف تماما ومليء بالتحديات ولم نكن مستعدين له، وأغلب دول العالم عانت نفس الموقف.
كما أن “التعليم عن بعد” ليس سيء بالشكل الذي ربما يعتقده البعض، بل سوف يساهم بشكل كبير في اكتشاف قدرات ومهارات أبنائنا في وقت مبكر، مما يوفر الكثير من الوقت في تحديد الطريق الذي سيشقه الطالب نحو بناء مستقبله الأكاديمي أو المهني، ولابد أن ندرك بأن هذا الأسلوب الجديد سيستمر في المنظومة التعليمية لما فيه من إيجابيات مستقبلية.
القلق من أسلوب “التعليم عن بعد” ربما يكون غير مُبرّر بالشكل المبالغ فيه والذي أظهره بعض الأهالي مؤخرا، ولكن يظل نجاحه مرهون بتطور أدواته وتعاون المدارس مع الأهالي لتأهيلهم في فهم هذا الأسلوب التعليمي الجديد وكيفية متابعة أبنائهم في التحصيل العلمي، وإلا ستكون تبعات استخدامه مرهقة لأنها ستعمق تواجد الاقتصاد الرمادي للدروس الخصوصية بسبب الحاجة لتغطية فجوة متابعة الطلاب في البيوت.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال