الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مشكلة مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ليس في هيكل ملكيتها، في اعتقادي ان المشكلة تكمن في الفرضيات التي قامت عليها المدينة. فالمدينة قامت على فرضية التمويل بنسبة 100% من القطاع الخاص، وهذا مستحيل.
المدينة كانت محور الحديث الاسبوع الماضي بعد الاعلان عن تحويل جزء من القرض المقدم من وزارة المالية الى صندوق الاستثمارات العامة PIF ومن ثم تحويل القرض الى اسهم ليكون الصندوق مساهما رئيسيا في المدينة وبذلك تحققت الشائعة الدارجة في هذا الامر منذ سنوات. لكن السؤال الذي طرح كثيرا خاصة بعد الاعلان عن هذه المساهمة، هل سيحل الـ PIF مشكلة المدينة الاقتصادية؟.
على ارض الواقع هناك شركات مساهمة يملك فيها الصندوق حصصا مؤثرة ومع ذلك تخسر. ولعل اشهر هذه الشركات شركة الأسماك المدرجة في سوق الأسهم. اذا دخول الصندوق مساهما في مدينة الملك عبدالله ليس عصا سحرية تؤدي الى تحويل المدينة الى كيان اقتصادي فعال يساهم في الناتج المحلي بمئات المليارات كما سوق له عند اطلاقه. مشكلة مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لن تحل بدخول مساهم حتى لوكان الـ PIF، فالخلل ليس في حملة الاسهم ولكن في النموذج الذي بنيت عليه.
هذا يقودنا الى ان انتشال المدينة من وضعها الحالي الى المساهمة الحقيقية في الناتج المحلي لن يكون إلا بإنفاق حكومي على البنى التحتية وبضمان القروض المقدمة للمدينة اضافة الى تقديم قوانين خاصة لجذب الإستثمارات (بما في ذلك اعفاءات ضريبية) ولتكن اشبه بما سيطبق من قوانين في مدينة المستقبل نيوم ولكن على مستوى ضيق. فمن دون ذلك ستتحول مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لمنتجع سياحي ومجمع فندقي او مشروع تطوير عقاري لا أكثر ولا أقل، مع العلم انها فشلت حتى في ان تكون ذلك، ورأس مالها يتآكل عام بعد اخر.
تحويل جزء من قرض وزارة المالية الى صندوق الاستثمارات العامة ومن ثم تحويلها الى اسهم في المدينة حدث مهم لا شك، ولكنه في حد ذاته ليس بحل، رغم ان الجميع يتمنى ان يكون بداية الطريق. ويظل السؤال المهم هل سيتم ضخ مئات المليارات في أعمال البنى التحتية من قبل الصندوق اسوة بنيوم؟ ام هل سيتم تغيير استراتيجية المدينة برمتها؟. بمعنى هل ستتحول المدينة من مشروع صناعي، لوجستي، خدمي يساهم بفعالية في الناتج المحلي الى مجرد مكان للترفيه؟ اعتقد ان جميع متابعي المدينة ينتظرون الإفصاح عن ماهية خطة العمل المستقبلية.
شركة إعمار الاماراتية احد اكبر مساهمي مدينة الملك عبدالله، وأحد اهم شركات التطوير العقاري في العالم، ومع ذلك فشلت في تسويق المدينة الاقتصادية وتنميتها وفشلت حتى في الحفاظ على رأس مالها من التآكل. فهل دخول الصندوق في مجلس ادارة المدينة سيغير من هذا الواقع شئ؟ آمل ذلك ولكني في حقيقة الأمر وبإجابة مجردة (أشك).
مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تقارب مساحتها مساحة واشنطن بحاجة لتمويل حكومي بمئات المليارات، وبحاجة لخارطة طريق واضحة المعالم والأهداف، وبحاجة لقوانين جاذبة لرأس المال المحلي والأجنبي على حد سواء بما في ذلك قوانين الإعفاءات الضريبية فلتكن مدينة يقاس عليها ما سيتم تنفيذه في مدينة الحالمين (نيوم)، وإن لم يتم ذلك فعلى المدينة ان تعلن تغيير استراتيجيتها. اخيرا مدينة الملك عبدالله الاقتصادية حلم لم يتحقق للأسف الشديد، وأمل لم يرى النور.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال