الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عام 1987 اقترح مدير الخطوط الأمريكية (الأمريكان)، روبرت كراندال، إزالة زيتونة واحدة من السلطة المقدمة للركاب مؤكداً أن لا أحد سيلاحظ ذلك وستوفر الشركة 40.000 دولار سنوياً.
وفعلاً، وفرت الشركة ذلك المبلغ من دون أن يؤثر سلباً على الخدمة المقدمة ومن دون أن يلحظ ذلك أحد. ليس هذا فحسب، بل أن الأربعين ألف دولار كانت توفيراً مباشرا، تبعه توفير غير مباشر رفع المبلغ إلى قرابة 100,000 دولار وهو الوفر بقيمة الوقود بعد تخفيف وزن الطائرة.
وفي رحلة قصيرة للدمام في 6 سبتمبر الجاري، تأملت في المتغيرات بين رحلات ما قبل الجائحة وما بعدها، والحقيقة أن الإيجابيات كُثر ولعلها تصبح ثقافة سفر مستدامة. فالالتزام بعدم حمل حقائب يدوية متعددة وبأحجام كبيرة والالتزام بالتباعد عند بوابات دخول المطار وعند منطقة التفتيش الأمني وعند البوابات وجسورها وعند مدخل الطائرة تجعل المسافر يطمئن بهكذا سلوك يريح المسافر في بيئة متغيرة على مدار الساعة. وفي هذا مافيه من توفير في الوقت والجهد لموظفي المطارات وملاحي الطائرات.
داخل الطائرة، لم نفتقد القهوة العربية ولا التمر ولا خيارات العصيرات، ولا وجبة الافطار، وإن تم استبدالها بكيس صغير فيه كمامة ومعقم ومناديل معطرة. وأجزم أن شركة الطيران ستعيد النظر في الخدمات الإضافية المقدمة على الطائرات التي قد لن يفتقدها المسافر خصوصاً على الرحلات القصيرة، وكان وجودها من باب الرفاهية المبالغ فيها.
مجال التوفير في الطيران لا يكاد يُحصى، وتبدّل أحوال الشركات بعد الجائحة يجعل هذا التوجه حتمي من أجل البقاء، فبعد إيقاف الشركات الكبرى لطائراتها المكلِفة تشغيلياً، قد تعيد النظر بتكلفة الخدمات التي لا تأثير مباشر منها على السلامة أو على احتياجات الركاب الأساسية.
في الثمانينيات، فكر مدير الخطوط السويسرية في مومباي بطريقة يقنن فيها المصاريف، مستفيداً من حقيقة أنه في دولة لا تكلُفة تُذكر لليد العاملة فيها، فجهز غرفة الخدمة الملحقة بمكتبه بمغسلة ملابس صغيرة ومكواه ووظّف لها سيدة بمبلغ لا يتجاوز العشرين دولاراً شهرياً لتقوم بغسيل وكيّ مناديل طاولات طعام درجة الأعمال موفراً بذلك آلاف الدولارات التي كانت تدفعها الشركة للفنادق مقابل هذه الخدمة.
وفي خطة لتوفير 200 مليون دولاراً، قامت خطوط اليونايتد الأمريكية بوقف توزيع المناديل المعطرة، وألغت عصير الجريب فروت من قائمة مشروباتها، وقامت بتقنين مواد الترفيه المتاحة على نظام الطائرة، وبالتالي توفير مبالغ شراء حقوق عرضها وإدارتها.
وقائمة التقنين تطول، وهي في النهاية تؤثر بشكل مباشر على الميزانيات بالإيجاب كما أنها عامل في تخفيف وزن الطائرة وبالتالي توفيراً في استهلاك الوقود، إذ تقول الدراسات أنه مع كل كيلوغرام إضافي على الطائرة تزداد تكلفة التشغيل 300 دولاراً في كل 5000 ساعة طيران، وجدوى التوفير في الوزن على المدى الطويل حوّل سجلات الطائرة ودليل الطيارين الورقية الثقيلة إلى أجهزة لوحية لتوفر شركات الطيران ما يصل إلى 300 ألف دولار سنوياً.
وفي جانب خفي آخر، يبلغ وزن الغبار المتراكم بالطائرات في أماكن يصعب تنظيفها حسب جداول الصيانة الخفيفة إلى 100 كغم، ويتم تنظيفها عند خضوع الطائرات للصيانة العميقة.
قد تتوجه شركات الطيران التقليدية، وكذلك الاقتصادي منها للترشيد، وإن كان الاقتصادي قد أُسس على تقاضي مقابل عن جميع الخدمات الإضافية التي يطلبها الراكب. ويبدو أن ثقافة السفر والمسافرين ستتغير بالكامل حينما تعود الحياة للأجواء، وسيتقبل الركاب غياب بعض الخدمات والتي تمثل تكلفة ثقيلة على الشركات، وستُلحِق هذه الإصلاحات، إذا ما تم العمل بها، تأثيراً على القطاعات التي توفر هذه الخدمات لشركات الطيران مما سيحفزها على الإبتكار لتغيير تجربة العميل وتجارب شركات الطيران ومصنّعي تجهيزاتها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال