الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يرتفع صوت، طوال الشهر الماضي، ولم يعلُ حديث على حديث الضريبة المضافة، التي انطلق العمل بها عمليا مطلع يوليو الماضي، إذ أقرت الدولة في إطار جهودها لتعزيز موازنة مالية البلاد في ظل ظروف حالكة يمر بها الاقتصاد العالمي جراء تداعيات الوباء الفيروسي (كوفيد -19)، ما اضطر إلى التوجه لرفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15%، كدواء ضروري ضمن إجراءات أخرى للعلاج ومواجهة الأزمة.
ونتذكر خروج وزير المالية محمد الجدعان في مؤتمر صحفي عقد في مايو الماضي، لعرض أبرز تطورات الاقتصاد في ظل تأثيرات أزمة فيروس كورونا المستجد، بلغة جادة، معلنا عن إجراءات لضبط مصروفات الحكومة، كان أبرزها إلغاء العمل ببدل غلاء المعيشة، ومضاعفة القيمة المضافة، بجانب رفع مستويات الاستدانة، وذلك لتدعيم مالية الدولة في وجه ضغوط الوباء، كما أنه فتح الباب لتوقع المزيد من الإجراءات.
وبرغم أنه من المبكر جدا في الوقت الراهن الحكم على نجاح تجربة مضاعفة القيمة المضافة التي تغطي كافة السلع والمنتجات والخدمات، بيد أنه لابد لنا من عمل قياس واضح للنتائج التي ستتوصل لها سياسة المالية خلال الربع الثالث من العام الجاري، لاسيما أن الربعين الأول والثاني لم يشهدا بدء التطبيق ولم تخرج مستحصلات الإجراء في النتائج المالية، إلا أن الشهور الثلاثة (يوليو وأغسطس وسبتمبر) ستعطي مؤشرا أوليا بجدوى السياسة المتخذة، لأسباب.
أول الأسباب عودة النشاط الاقتصادي وفتح الإغلاق الكلي ورفع حظر التجول في المملكة منذ أواخر يونيو الماضي، أي قبل بدء تطبيق الضريبة بعشرة أيام تقريبا، ثانيها استعادة القطاعات والأنشطة معنوياتها مع ارتفاع مستوى الوعي العام بالإجراءات الاحترازية، ما دفع عودة حيوية النشاطات، لاسيما التجارية والخدمية منها، وثالث الأسباب تزامن فترة الربع الثالث مع موسم الحج الذي يشهد، برغم محدودية الأعداد المصرح بها لأداء النسك لهذا العام، إلا أنه دائما ما تزامن مع ارتفاع حجم الاستهلاك الداخلي، ودائما ما يعزز حركة السياحة المحلية خلال هذه الفترة.
ولابد في الوقت ذاته، من استطلاع مرئيات القطاع الخاص حول التجربة، خصوصا بعض المجالات والقطاعات التي ربما لا تتلاءم نسبة الرفع مع ما تقدمه من منتجات أو خدمات، ما نقصده أن يعاد النظر في ترتيبات جديدة تتعلق بتنظيم معدل رفع نسبة الضريبة المضافة، وفقا للنتائج المنتظرة في الربع الثالث، بما يتوازى ويتسق مع النشاط الاقتصادي، لمزيد من ضمان عدم تأثر بعض القطاعات.
في جانب متصل، كشفت المملكة عن أداء ميزانيتها للربع الثاني، حيث أظهرت تفاقما في فجوة عجز الميزانية ليصل إلى 143 مليار ريال خلال النصف الأول، وبحجم مصروفات قوامها 469 مليارا، وبمجمل إيرادات بلغت 326 مليار ريال خلال الستة الأشهر الأولى، ليصعد إجمالي الدين العام إلى مستوى 820 مليار ريال.
مع اليقين أن تأثيرات كورونا تجلت بشكل واضح على أداء الميزانية في الربع الثاني، بيد أن ما يلفت النظر فيها جانب استمرار الإنفاق، إذ تواصل الدولة الالتزام بجانب المصروفات بأولوية قصوى للرعاية الصحية من جهة، واستمرار برنامج التحفيز الاقتصادي، لضمان استدامة القطاع الخاص وتقوية قدراته، من جهة أخرى.
بيد أن ما يمكن الإشارة إليه بوضوح في خضم بنود الميزانية هو الإنفاق المعتدل، إذ تتسلح السياسة المالية السعودية ــ وسط الظروف القهرية التي يفرضها الفيروس الوبائي بآثاره السلبية ــ بتوجيه المصروفات نحو مسالك ذات أولوية واحتياج جوهري، كما وصفت وزارة المالية وضع الانسان أولا في اعتبارات الصرف العام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال