الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصبح “الاقتصاد الإبداعي” جزءًا مهمًّا في الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة؛ حيث أدركت دول العالم أهمية الصناعات القائمة على عنصر الابداع، والتي باتت عنصرًا هامًّا في اقتصادات كثير من هذه الدول وذلك من خلال مساهمتها في رفع الناتج المحلي الإجمالي، وقيامها كذلك بتوفير فرص العمل.
ولقد بدأ الترويج لما يعرف بمفهوم “الاقتصاد الإبداعي” لأول مرة من قِبل الكاتب البريطاني “جون هوكنز” في عام 2001، وأطلق هذا المفهوم على 15 نشاطًا تشمل مجالات متنوعة، تبدأ بالفنون، وتمتد لتشمل مجالات العلم والتكنولوجيا. وقدَّر حينها “هوكنز” حجم معاملات هذا الاقتصاد في مختلف أنحاء العالم بما يعادل 2.2 تريليون دولار.
وفي محاولة لتأطير مفهوم “الاقتصاد الإبداعي”، أشار مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في تقريره الأول الصادر عام 2008 حول توضيح مفهوم الاقتصاد الإبداعي على مستوى دول العالم، إلى أنه “ذلك النمط من النشاط الاقتصادي الذي يقوم على استثمار الأصول الإبداعية التي يمكن أن تولّد النمو الاقتصادي، وتقود إلى التنمية الاقتصادية”. وفي هذا السياق تقول مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “هيلين كلارك” أن الصناعات الإبداعية هي بمنزلة محركات مهمة للنمو الاقتصادي، فهي تولد فرص العمل وتؤمن الدخل وتسهم في ضمان رفاهية الأفراد والمجتمعات في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.
ويتميز الاقتصاد الابداعي بمرونة عالية وقدرة على مواجهة التقلبات الاقتصادية، وتوفير نمو مستدام يمتد لسنوات قادمة، حيث أشار تقرير أصدرته إيرنست آند يونغ للأبحاث أن يصل سوق الصناعات الثقافية والابداعية العالمي إلى أكثر من تريلوني دولار، وتوفير أكثر من 29.5 مليون وظيفة، تستحوذ فيه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على 58 مليار دولار، وتوفر 2.4 مليون وظيفة بما يعادل 1.1 من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بأسرها. ولاشك أن هذه الأرقام تشير إلى أن قطاع الصناعات الثقافية والابداعية يمتلك مقومات وإمكانات للنمو هائلة.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تعتبر من أوائل الدول التي اهتمت وعنت بموضوع الاقتصاد الإبداعي ، من خلال عدة مرتكزات أساسية، كان من أبرزها:
1- المزيج المتنوع: فلقد سعت المملكة في السنوات الماضية نحو إطلاق العديد من المنتجات الثقافية والإبداعية ، والتي لم تقتصر على المنتجات أو الأنشطة ذات الطابع الثقافي فقط، وإنما امتدت لتشمل الصناعات الإبداعية الأخرى ذات الطابع التجاري والاقتصادي.
2- المدن المخصصة: أحد الحلول الرئيسية التي تبنتها المملكة لتنمية الصناعات الإبداعية هي تدشين المدن المخصصة ذات المزايا التنظيمية والتشريعية والاستثمارية، وأقرب مثال لذلك هو مشروع “مدينة القدية” الذي تم اطلاقه عام 2017 ليمثل نقلة نوعية وكمية في مجال الرياضة والثقافة والترفيه والاقتصاد من خلال رؤية إبداعية.
3– الاستثمارات المستقبلية: وهنا لابد من الإشارة إلى أنه من المخطط أن تواصل المملكة العربية السعودية استثماراتها في عدد من المشروعات الثقافية الواعدة. ، ويُتوقع أن تستثمر حوالي 2 مليار دولار لتطوير قطاع السياحة الثقافية في إطار “رؤية 2030”.
وختامًا … في دراسة حديثة عن “الاقتصاد الإبداعي في المملكة العربية السعودية” من إعداد الدكتور تركي الزميع والدكتور عبد العزيز الملحم والدكتور فهد البادي والدكتور سعيد الغامدي، أكدت هذه الدراسة أن المملكة بدأت منذ تبنيها رؤية 2030 الاهتمام بالاقتصاد الإبداعي بأشكال مختلفة، وبينت هذه الدراسة أنه لا يُشكّ في قدرة المملكة لأن تكون في مصاف الحكومات والمجتمعات المهيأة للاقتصاد الإبداعي؛ كونها تحوي العناصر المحفزة وعناصر النجاح، التي من أهمها المجتمع الفتيّ، والبرامج، والمبادرات الحكومية النوعية، والدعم السخي، والبيئة الفكرية الإبداعية، وروح الحماس والتحدي لدى الشباب مع سهولة وسائل التسويق النوعي وتأثيرها، وأكدت هذه الدراسة عبر متخصصين أن الاقتصاد الإبداعي في المملكة يمكن أن يسهم بنسبة 27% في فتح مجالات استثمارية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما يمكن أن يخفض البطالة بنسبة 29% ويفتح قنوات استثمارية جديدة للدولة بنسبة 35%، وهذا يساعد على زيادة مستوى دخل الفرد بنسبة 24%.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال