المحاسبة والتحول الرقمي

ظهرت العديد من الأمور والتقنيات في الثورة الصناعية الرابعة التي غيرت عالم المحاسبة والمراجعة بآخر 15 عام مثل التقدم الرقمي والعولمة التي ساهمت في نجاح الكثير من الأفكار والأعمال. التحول من مسك الدفاتر من عمل على الورق إلى السحابة، وأتمتة العديد من المهام الروتينية في عملية المراجعة، بالإضافة الى خدمة تحليل البيانات، جميعها تعد أمثلة على التغيرات*.

مما يميز التقدم التقني أنه يولد الكثير من الأفكار الغير مألوفة والمليئة بالابتكارات الرائعة! لم يتوقف وسيستمر في تقديم المزيد من الحلول للأعمال؛ حيث نشهد زيادة ملحوظة في الاستثمارات في الشركات التقنية. حتى الآن توجد العديد من الأفكار التي قد تساعد الشخص في تطوير ما يحتاجه تجاه التقدم التقني وتأثيره على المهنة، عن طريق مشاركة الأعمال بين الآلة والإنسان والتي تعد سر نجاح الكثير من نماذج الأعمال الجديدة، وهذا ما ينبغي أن نتكيف ونتعامل معه بطريقة مبتكرة.
 
(1)  اختر بذكاء
أدى دمج التقنية مع عمليات المحاسبة والمراجعة إلى تحسين الجودة المقدمة، مما سمح بتوفير الكثير من الوقت المستغرق والجهد لمواصلة واستكمال المهام المحاسبية المختلفة. ولكن هناك عدة أمور تحتاج إلى تدخل بشري مباشر، ولكنها في تناقص مستمر و منها أنه بالإمكان تعريف المعايير المحاسبية على النظام مما يتيح وقت أكبر للمحاسب للتركيز في أمور ذو قيمة وتفكير أكبر، بدلًا من النظر في معايير تعد ارشادية فقط لا أكثر!
على سبيل المثال، الإقرارات الزكوية والضريبية تحتاج إلى تفسير معقد، يمكن للإنسان أن يشرحها بشكل أفضل. بالإضافة إلى الحكم والشك المهني، فكيف يمكن للآلات أن تقوم بهذا العمل؟ يعتمد الكثير من المستثمرون في عمليات التمويل على بيانات المدقق المالي المستقل، والبنوك أيضًا في عملية منح القروض للشركات أو المؤسسات.

أحد الأفكار الجميلة التي تستهدف المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتم تطبيقها في السوق السعودي مؤخرًا هي المنصة الذكية “محاسبي” التي توفر خدمة مسك الدفاتر عن بعد بشكل كامل **.

رغبة الشخص في اقتناص الفرص المميزة، تتطلب تركيز واكتساب خبرة ورؤية لا يمكن للتقنية أن تقوم بعملها. جميع الشركات والمؤسسات في هذا العالم تسعى إلى الربح، وهل يوجد غير المحاسب أو الإدارة المالية في عملية إبراز التقارير المالية والافصاحات المتعلقة بها؟ بالتأكيد لا. ربما تتغير العديد من المهام ويتقلص العدد، لكن من الصعب جدًا اختفاء المحاسبين بشكل تام.
 
(2)  التعلم المستمر هو سلاحك الذهبي
قد يكون التعلم عبر نقاش لمدة دقائق معدودة مع شخص أو صديق ينقل لك الخبرة والمعرفة “قد تكون الأفضل”، أو من مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. التقنية غيرت الكثير من المفاهيم لدى البشر، ومن أبرزها “البقاء للأفضل” إلى “البقاء للأكثر قدرة على التكيف”.

الاستمرارية، الاستمرارية، الاستمرارية….. في حال افتقدت الفكرة لمبدأ الاستمرارية، بالتأكيد سيكون الاستمرار بها إضاعة للوقت. جميع البشر يمتلكون نفس الكم من الوقت، ولكن ليس الجميع قادر على استغلال وتحويل وقتهم في الاتجاه الصحيح الذي يقدم لهم التميز والابتكار! هنالك العديد من المؤثرات التي تساعدك في مبدأ الاستمرارية، وأبرزها هي اختيارك للبيئة التي تحيطك حيث ستنعكس مباشرة على عقلية الشخص المهني.

سوف تواجه العديد من العوائق في عملية التكيف، حيث أشار تقرير منتدى الاقتصاد العالمي في تقرير بمسمى “مستقبل الوظائف” في يناير 2016م عن أبرز العوائق التي قد تواجه الشخص هي فجوة المهارات بين المرحلة التعليمية الأكاديمية والمرحلة المهنية داخل سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا في القطاعات المالية***.
 
(3)  لا تكن مجرد آلة حاسبة بشرية
إذا كان المحاسبون يرغبون في تجنب استبدالهم بآلة أو أي تقنية، فعليهم التركيز على طبيعة عمل البيانات، واستخدامها خلال العمل والمجموعة والتي تساهم في تطوير مهارة التفكير النقدي Critical Thinking. لن تكون محاولة التفوق على الآلات أمر متعب في حال اخترت تعلم الأمور التي تضيف قيمة إلى عملك. بدلاً من أن تكون آلة حاسبة بشرية، وهُنا تكمن أهمية مهارة الذكاء العاطفي Emotional Intelligence للمحاسبين، حيث لا يمكن للآلة أن تمتاز بالمهارات العاطفية، يرفق إليكم أحد المقالات عن الذكاء العاطفي في المحاسبة والمراجعة****.

الاستعداد للمستقبل والتعلم من أخطاء الماضي هو الطريقة الأمثل للتعامل مع ما يحدث في العالم الحالي، والأمر نفسه ينطبق على المحاسبين أيضًا. يشهد جميع المحاسبين التغيير في القطاع المالي بسبب التكنولوجيا، وعليهم أن يجعلوا أنفسهم قابلين للتكيف مع هذه التغييرات.
 
المصادر:
* https://www.maaal.com/archives/20200720/150791
** https://mohasby.com
*** http://www3.weforum.org/docs/WEF_Future_of_Jobs.pdf
**** https://www.linkedin.com/feed/update/urn:li:activity:6707249150125199360