الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يبدو أن جائحة كورونا لن تغادر السعودية إلا وقد تركت أثرا في كافة التعاملات سواء الاقتصادية أو التعليمية وحتى العلاقات الاجتماعية، وربما ساعدت في تصحيح وإعادة نظر في الكثير من القرارات الاقتصادية، التي كانت عالقة ولم تسمح الظروف لمراجعتها وإصلاحها، في الشأن الاقتصادي لو سئلت أصحاب المنشآت التجارية ما لذي يقلقك، سيقول لك فورا ، أرجوك ساعدني لكي اخرج من “النطاق الأحمر”، لان معاملاتي وأشغالي وكل شيء له علاقة بنشاطي التجاري، قد تعطل وتعثر.
وحتى أوضح للقارئ الكريم الذي لا يعرف معنى النطاق الأحمر، هو اختراع اكتشفته وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، قبل اكثر من 7 أو 8 سنوات، الهدف منه زيادة نسبة التوطين في مؤسسات القطاع الخاص، مقابل العمالة الغير سعودية، والألوان المتوفرة، هي البلاتيني وهذه للكيانات المتميزة في التوطين ومن يحمل هذا اللون، يحق له أن يستقدم عمالة غير سعودية، والأخضر المرتفع هذا يعني أن نسب التوطين متوسط، أما الأخضر المتوسط فيصل نسب التوطين ضمن الثلث المتوسط، وتدرج اللون الأخضر الى الأخضر المتوسط، والأخضر المنخفض، أما اللون الأصفر فهو أشبه بإشارة المرور عندما يحذر من الاستمرار ويمهدك للوقوف، وها هو حال اللون الأصفر ، وهذا الكيانات التي لم تحقق نسبة التوطين المطلوبة.
اما اللون الأحمر، والذي تقع فيه معظم الكيانات الاقتصادية في السعودية فهي الأسوأ في وزارة العمل ، لأنها لم توطن أحدا، والتوطين، مسألة حياة أو موت لدى الوزارة، فتخيل، لو انك تملك سلسلة صالونات حلاقة أو تجميل أو حتى نشاط، من الصعوبة بمكان أن تجد فيه سعودي يعمل، كمغاسل الملابس اذا تعددت فروع صاحب النشاط، أنت ملزم أن توظف سعودي، تسأل الوزارة كيف أوظف سعودي في مغسلة، وبالتالي يلجأ الكثيرون الى التحايل، للخروج من ازمه التوطين العشوائية.
إذا بحثنا في المشاكل التي يتعرض لها القطاع الخاص في السعودية سنجد أن سببها الأول والأخير العمالة الغير سعودية، وتعرضت الكثير من المؤسسات للضرر الكبير، والمشكلة أن الكيانات الاقتصادية التي كانت تلتزم بالتوطين والنسب المطلوبة، كانت تكافأ بمنح تأشيرات استقدام عمالة من الخارج، فهل بالله عليكم في رأيكم “نطاقات” ساهمت في حل المشكلة أم ضاعفتها؟.
لكم أن تتخيلوا إذ الحكومة ألغت نظام الكفالة، ما الذي سيحدث، أولا سيسجد التجار شكرا وحمدا، لأنها كانت سببا لتعطل وخراب بيوت الكثير من التجار وأصحاب المؤسسات ستعالج الكثير من المشاكل ولعل أهمها تحسين صورة سوق العمل السعودي لدى منظمات حقوق العمال الدولية، التي دائما ما تنتقد وترى أن الإصلاحات في سوق العمل لم ترضى المنظمات الدولية، وبالتالي هضمت حقوق كثيرة خاصة في بيئة العمل. وبالأمانة اجتهدت الحكومة السعودية في تحسين صورتها وأسست مركزا للتنافسية مهمتها تحسين ومراجعة العديد من القرارات والأنظمة والتشريعات ، وتمكنت خلال الأربع السنوات الماضية في تحسين بيئة إنهاء الإجراءات وإنجاز المعاملات التي كانت تستغرق في الماضي شهور، أما الآن فاصبح من السهل افتتاح نشاط تجاري، في مجالات عديدة حصلت السعودية على مراكز متقدمة وتفوقت على دول في تحسين بيئة الاستثمار، وغيرها من الإنجازات.
من كان يصدق أن قرار قيادة المرأة للسيارة في السعودية الذي بقي من المحرمات النقاش فيه أو طرحه في وسائل الإعلام المحلية حينما، لم يكن احد يتوقع انه سيمر سهلا وميسرا على المجتمع ويتقبله، هكذا نظام الكفالة الذي يصر الكثير من المسؤولين على خلق مبررات أو تضخيم الموضوع، بان العمالة الغير سعودية سوف تخرج عن السيطرة وقد تعبث بالاقتصاد المحلي اذا تركت هكذا.
قبل عام 1990، جربنا تجربة الإقامة بدون كفيل مع العمالة اليمنية وقتها حصل اليمني على امتيازات عالية، وقتها لم تكن هناك ضوابط في سوق العمل، اليوم السعوديين يعرفون معظم المهن والوظائف وأعطتهم كورونا الثقة في انفسهم وقدمت الدولة المساعدات والدعم للشباب وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودعمت الأسر المنتجة وخصصت صندوقا لدعم وتمويل مشروعات، فبالله عليكم لماذا نرهق القطاع الخاص بمصاريف ورسوم من اجل استقدام عمالة غير سعودية، مع زيادة الرسوم العمالية وتصل الى حد 14 و20 الف ريال رسوم حكومية للفرد الواحد، لماذا لا تلغي الجهات الحكومية كفالة المهندس والطبيب والأستاذ الجامعي وأصحاب المهن النادرة ليكونوا من غير كفيل، ونترك المنافسة للعرض والطلب، وبذلك نتخلص من شيء اسمه نطاقات وتعطيل مصالح الشركات، وأيضا نتخلص من الوظائف الوهمية.
كلنا يعلم أن هذا الأمر اعطى صورة غير جيدة أمام العالم خاصة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الأنسان، كما أن السعودية سبق لها أن وقعت اتفاقية العمل الجبري، وتطالب هذه المنظمات تنفيذ بنودها وتراجع ترتيبها في التقارير الدولية خاصة فيما يتعلق بحقوق العمال وكثيرا ما تدخل في انتقاد من منظمة العمل الدولية في مقارنتها، بدول الخليج كالإمارات والبحرين.
إلغاء الكفيل ليس مطلب ترفيهي، بل مهم لتحسين سوق العمل السعودي، وأيضا فك قيود القطاع الخاص من النطاقات التي اخترعتها وزارة الموارد والتنمية الاجتماعية، وقيدت القطاع الخاص، ونتج عنها الكثير من الممارسات الخاطئة، فضلا عن إزالة كافة القيود على العمالة الغير سعودية في الاستقالة والسفر والتركيز على شروط عقد العمل وهذا سيسهم في رفع تنافسية العامل السعودي في سوق العمل وتحسين كفاءة سوق العمل السعودي وزيادة إنتاجية العامل الوافد ومعالجة تشوهات سوق العمل الناتج من بعض الممارسات والحد من المخالفات وضمان حقوق العامل وصاحب العمل الى جانب خفض تكاليف التوظيف من خلال توفير قنوات إضافية للتوظيف من الداخل.
والأمر المهم هو تحسين تصنيف المملكة في مؤشرات التنافسية الدولية. ولا نعلم ربما يكون قرار إلغاء نظام الكفالة أشبه بقرار قيادة المرأة للسيارة، قد يصدر في أي لحظة وربما قريب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال