الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يستخدم المستهلكون بشكل عام وسيلة حملات المقاطعة لشركات معينة وذلك رغبة منهم في ايصال صوتهم والإبلاغ عن عدم رضاهم عن سياسة انتهجتها تلك الشركة أو حتى عن إعلان تم نشره. ولعل من أقدم حملات المقاطعة في تاريخنا ما ذكره الأثر عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما اشتكى الناس إليه غلاء اللحم، فقال أرخصوه واتركوه لهم. وكما روي عن الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وقت غلاء سعر الزبيب في مكة المكرمة، فقال كلمته المشهورة “أرخصوه بالتمر”.
أما من أمثلة حملات المقاطعة المشهورة في العالم، ما تم عمله في انجلترا عام 1791، من مقاطعة منتجات شركات السكر التي تستخدم الرقيق للإنتاج، أدت تلك المقاطعة إلى خسارة كبيرة أجبرت تلك الشركات لتغيير سياستها واستخدام “رجال أحرار” في مصانعهم. ومن حملات المقاطعة المشهورة كذلك، هي حملة مقاطعة شركة نايك Nike في التسعينات ميلادية اعتراضا على استغلال الشركة للعاملين في مصانعها في دول مثل اندونيسيا وفيتنام، وجاهدت نايك سنوت طويلة للعمل على تحسين صورتها الذهنية التي ارتبطت بسوء معاملة العمال واستغلالهم جراء تلك الحملة.
حالياً، وبعد انتشار قنوات التواصل الاجتماعي والتجارة الالكترونية، أصبح للمستهلكين قوة أكبر مقارنة بالسابق. ففي الماضي وعند القرار بعمل مقاطعة ما، يتم ادارة الحشد والتأييد في زمن طويل نسبياً وبجهود عملية ميدانية حثيثة وذلك للوصول لعدد أكبر من الداعمين للمقاطعة. أما حالياً، فلا يستلزم الأمر تلك الجهود القديمة للحشد والتأثير، فكل ما يلزم وسم (هاشتاق) في تويتر بتغريدة مدعمة بصورة أو مقطع فيديو عن سبب المقاطعة التي هي عادة ما تكون عن مواضيع حساسة من وجهة نظر المستهلكين، ويتم تداولها بشكل واسع وسريع.
وهذا ما حدث خلال الأيام الماضية، حيث أصدر حساب سناب شات أحد العلامات التجارية المختصة بالمطاعم عبارة لم تكن موفقة برأيي لأن تصدر من حساب يحمل اسم العلامة التجارية لمطعم. تلك العبارة أثارت حفيظة المستهلكين في قنوات التواصل الاجتماعي وتم إطلاق هاشتاق لمقاطعة المطعم والوصول لصفحته في جوجل، وتم تقييمه بنجمة واحدة مع كتابة تعليقات سلبية، مما أدى إلى انخفاض التقييم من 4.2 إلى 1.5 وذلك خلال ساعات قليلة، مما دل على استياء المستهلكين وعدم رضاهم عما صدر من الحساب من آراء أثرت على سمعة العلامة التجارية للمطعم. وكما يقولون المصائب لا تأتي فرادى، فقد أعلن مطعم شريك عن فض الشراكة مع أصحاب العلامة التجارية المذكورة والعمل على إزالة اللوحات وكل ما ترتبط به تلك العلامة التجارية. ولعل تلك الأحداث المتتالية لم تخطر في ذهن أشد المتشائمين، ولكن هذا ما حدث فعلاً، فالتعبير عن رأي شخصي في حساب علامة تجارية في قنوات التواصل الاجتماعي، تعتبر غلطة الشاطر والتي لا أعتقد أنها في تلك الحالة تساوي عشرة فقط بل أكثر من ذلك بكثير.
ولعل الدرس المستفاد في تلك الحالة، هو الانتباه لكل ما يصدر من حسابات العلامة التجارية في قنوات التواصل الاجتماعي والحرص على تجريد تلك الحسابات من أية آراء شخصية، فما تم بناءه في عشرات السنين يمكن أن يُهدم في لحظة بسبب تغريدة غير حكيمة أو رأي غير مدروس.
خلاصة القول، عند إدارة حسابات العلامات التجارية في قنوات التواصل الاجتماعي، تجنب الخوض في أربعة، الدين، العنصرية، الأندية الرياضة والسياسة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال