الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعتبر تملك المسكن من أكثر أنواع الاستثمار أمانًا وكذلك أكثر علامات الاستقرار للأسرة والمجتمع. وتهتم الدول برفع مستوى تملك الافراد لإنها تضمن بناء نسيج وهيكل اجتماعي ومالي أمن للبلد. وهو الاستثمار الأكثر وضوحاً للأفراد ويبقى دائمًا في مركز أهتمام الناس لرغبتهم في تأمين مستقبل لهم ولعائلاتهم. وبغض النظر عن الدرجة الاجتماعية أو المستوى الثقافي أو الاقتصادي يبقى تملك المسكن هدف وضرورة لكل فرد.
من هذا المنطلق أبدت حكومتنا الرشيدة أولوية خاصة لملف الإسكان وما شاهدناه من نمو القروض السكنية بشكل كبير في هذا العام حيث ما قُدم خلال 7 أشهر من هذه السنة تجاوز ما قدم خلال الأعوام 2016 و2017 و2018 كاملةً إلا دليل واضح على الدعم الكبير والاهتمام من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله وبمتابعة مباشرة من سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان يحفظه الله، وإحقاقاً للحق فإن من يشاهد برامج ومبادرات ومنجزات وأرقام وزارة الإسكان على أرض الواقع لايسعه إلا أن يقول سدد الله خطاكم ومزيداً من التقدم والإنجاز فأرقام الوزارة تسر وتبشر بمستتقبل مشرق لزيادة نسبة تملك المواطنين الذي يعتبر من أهم أولويات وبنود رؤية 2030 .
لهذا وبوجود حكومة رشيقة تتحرك بديناميكية وسرعة عالية لتحقيق أهداف الرؤية وتناغم بين الوزارات المالية والإسكان وغيرهم من الجهات المسؤولة تم إصدار قرار إلغاء ضريبة القيمة المُضافة وإقرار ضريبة التصرفات العقارية التي تعتبر ضريبة غير مستردة وتدفع قبل عملية شراء أو بيع أي عقار ، حيث سيتم البدء بها من اليوم الأحد الموافق الرابع من أكتوبر من العام الجاري 2020م، بإعفاء كافة التوريدات العقارية التي تتم بالبيع من ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15%، وفرض ضريبة التصرفات العقارية بنسبة 5%، وهذه الضريبة هي مطبقة في عديد من دول العالم وتسمى Stamp Duty Tax ضريبة رسوم الطوابع او الدمغة وتتفاوت نسب الضريبة من دولة إلى أخرى وهناك تأثير مباشر لرسوم الطوابع يكون محسوسًا في سوق العقارات وتأثيره على الأفراد والشركات الذين يتعاملون في سوق العقارات.
عادة ما يتم تقاسم تأثير الضرائب بين المشترين والبائعين بالنسبة التي يتحملها كل طرف إعتمادًا على إستجابتهم النسبية (المرونة) لتغيرات الأسعار ومبدأ الطلب والعرض . تعتبر الضرائب أدوات مالية تتعامل بها الدول لتمويل ميزانيتها ولها أيضاً أهداف إقتصادية للتأثير على الواقع الاقتصادي وتوجيه وأعادة التوازن له. كما أن بعض أنواع الضرائب تسهم في إستغلال الممتلكات والموارد وتحريك الأصول لتنمية الاقتصاد وزيادة الرفاه الإجتماعي .
وهذا ينطبق على الأراضي عند فرض ضريبة التصرفات العقارية سوف تحد من عملية تدوير بيع وشراء الأراضي وبالتالي يكون التوجية مباشر للمستفيد النهائي، حيث عند عمل حسبة بسيطة لو أفترضنا انه تم تدوير أرض بعميلة بيع وشراء أربع مرات فإنه يرتفع سعرها تقريباً 21.5% بدون تغيير السعر الأصلي أو ربح ريال واحد وهذا معناه أن هذه الضريبة سوف تحد بشكل كبير من المضاربات في الأراضي، مما يجعلها عملية مكلفة على المضاربين.
شاهدنا كيف نزلت تداولات البيع والشراء في الأراضي والمساكن بعد إقرار زيادة ضريبة القيمة المُضافة إلى 15% في بداية شهر 7 من هذا العام 2020، فإنخفاض تداولات السوق العقاري يؤثر بشكل واسع على قطاعات أخرى في الاقتصاد بسبب إرتباط شراء المنزل بمجموعة من الأنشطة الاقتصادية الأخرى من مقاولات ومواد بناء وأثاث وغيرهم، لهذا تحرك صانع القرار بسرعة وتم إتخاذ قرار ضريبة التصرفات العقارية وبنسبة أقل من 15% إلى 5%، نعلم أن كثير من الاقتصاديين يتفقون بإنه لا يوجد شيء يسمى الضريبة “المثالية” – كل الضرائب تنطوي على بعض عناصر التسوية بين القطاعات وتدفقات عمليات الإنتاج في الاقتصاد ولكن السياسات الضريبية تتحرك وفق الظروف الاقتصادية وتضبط حسب معطيات عديدة.
عند البدء بأي إصلاح مالي وبالتأكيد الضريبي له ترتيبات إنتقالية مصممة بعناية لتهدئة التأثير على قيم رأس المال وتحركات الأسواق ، حيث أن الحكومة تتفادى الصعوبات التي يسببها هذا الأمر ، خاصة بالنسبة للمشترين أو المستثمرين.
حتما سيكون هناك رابحون وخاسرون من أي تغيير ضريبي ، ولكن الترتيبات الانتقالية المصممة بعناية يمكن أن تخفف الآثار على الأفراد والشركات. وما أصدر في القرار الملكي من الإعفاء الضريبي وتحمل الدولة دفع ضريبة التصرفات العقارية لغاية مبلغ مليون ريال عند شراء أي مواطن أول مسكن له فهذا له فوائد في تمكين المواطنين من تملك مساكنهم .
أعتقد بإننا كمواطنين مستهلكين وأفراد وكذلك كشركات ومؤسسات حديثي عهد بالضرائب، لهذا يجب أن يكون هناك تدرج في إقرار أي برنامج ضريبي جديد ويكون فيه عمل شرائح تناسب دخول الأفراد وكذلك بالنسبة للشركات أو المؤسسات أن يكون هناك أيضاً بعض الإعفاءات لتشجيع الاستثمار وتطوير المزيد من المساكن .
على سبيل المثال لو تم إعفاء هدم وبناء المساكن القديمة من ضريبة التصرفات العقارية عند بناءها من جديد لتم تحريك عقارات راكدة وقديمة غير مستغلة مما يزيد من عرض المساكن في السوق وبالتالي تخفيف ارتفاع الأسعار وتكون المساكن في متناول المواطنين . وأيضاً لو تم تمييز بعض المدن أو الأحياء ، حيث يكون ضريبة التصرفات العقارية فيها من 1%-3% ، مثل هذه الحوافز والإعفاءات تزيد من حجم العرض مما يؤثر على استقرار الأسعار وضخ مزيد من الوحدات السكنية في السوق ليكون السوق أكثر توازن.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال