الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها سلطات العمل في السعودية منذ العقدين الماضيين، أنها لا تزال تسمح بمنح تأشيرات عمل واستقدام سائقين من مختلف الجنسيات للعمل في السعودية، وأغرقت البلد بسائقين غير مدربين وغير مؤهلين، وأسندت مهمة قيادة جميع أنواع المركبات للعمالة، سوى المركبات الخاصة يقودها السعوديون سواء رجال أو نساء، أما بقية المركبات، فهي تدار بيد أصدقائنا من العمالة متعددة الجنسيات، حافلات مدارس، حافلات ركاب، سيارات أجرة، سائقي المنازل، سيارات النفايات والتسويق والتوزيع وسيارات نقل الماء، وسحب السيارات، والشاحنات، وكل ما أنواع المركبات التي تسير في شوارع السعودية 80 في المائة منها يعمل فيها من الأخوة من جنسيات متعددة، حتى لا تفهموني غلط أو تعتقدون إنني عنصري، مهنة القيادة ليست من المهن الصعبة التي تتطلب فيها الحصول على شهادات جامعية، أو دراسات عليا، هي من المهن البسيطة تحتاج المعرفة البسيطة بنوع المركبة وحفظ إشارات المرور، والطرقات واتجاه السير، أما هذا الإفراط في هذه المهنة وتكون حجة سهلة لاستصدار تأشيرات استقدام، فهذا مبالغ جدا، مستفيدين بذلك برخص هذه العمالة وتفضيلها على السائق السعودي، في بيوتنا مليون و500 الف سائق ونحو 500 سائقة، أما في الشركات والمؤسسات وغيرها من وسائل النقل الأخرى، فيعمل فيها لا يقل عن مليونو200 الف سائق نسبة التوطين فيها لا تتجاوز من 5 الى 7 في المائة، وبمرتبات متدنية وساعات عمل أطول.
دعوني أسألكم بالله هل هذه المهنة تتطلب أن نكون مفرطين في الاستقدام، ألا يمكننا تغطية احتياجاتنا من السائقين بإسنادها لأبناء وبنات البلد، من الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي أو المتقاعدين والموظفين أصحاب المرتبات المتدنية، يمكن أن نبدأ تدريجيا بحيث يقتصر قيادة مركبات القطاع الخاص وغيرها من الحافلات وحتى الحكومية تكون للسعوديين، ونوفر بذلك فرص عمل لأبناء البلد، وأيضا وللقطاع الخاص رسوم إقامات وعمل وتأمينات اجتماعية وطبية، ويتم تدوير المبلغ داخليا وتحسين مستوى المعيشة لدى الطبقة الكادحة والفقيرة، سابتكو لوحدها تستطيع أن توفر عمل لسائقين سعوديين لأكثر من 5 الأف شاب وشابة، وسيارات الأجرة ستوفر أيضا 20 الف فرصة عمل للسعوديين، اذا كانت التطبيقات الذكية لسيارات الأجرة قد وفرت نحو 300 الف فرصة عمل، بالتأكيد إتاحة الفرصة للسعوديين لبقية أنواع المركبات سيفتح أبواب الرزق أمام السعوديين، خاصة واننا في عهد جديد في ظل أوضاع جائحة كورونا، يجب أن يكون لدى وزارة الموارد البشرية خطة محكمة في نقل مهنة قيادة المركبات في السعودية الى السعوديين، نامل ألا تكون الخطة العقيمة التي نسمعها دائما .. خمسة في المائة خمس سنوات وبعدها تزيد النسبة، وهذا العلاج نسمع عنه منذ عقود ولم تنجح، نحتاج خطوة حاسمة وصارمة بمنع الاستقدام بتأشيرة سائق مطلقا.
جربنا العقود الماضية منح الفرص بقيادة المركبات للوافدين وحصدنا معها الأرقام القياسية في نسبة الحوادث في الخطوط الطويلة، ونسبة الوفيات، وحصدنا أيضا التحرش من سائقي الأجرة لبناتنا ونساءنا، وحصدنا سلوكيات اجتماعية خاطئة، وحصدنا تعطل العمل وتوقفه نتيجة جائحة كورونا، و سائقوا المنازل هروبهم وتعرض أهل المنزل لحوادث سرقات وتحرشات واحيانا حوادث قتل، ولا حظنا منذ السماح لقيادة المرأة السيارة تراجع استقدام سائقي منازل بنسبة 7 في المائة وهذا مؤشر إيجابي، وتدريجيا على يقين سيقل العدد ويقنن استقدام السائق المنزلي.
في كل البلدان الاستقدام يتم للضرورة القصوى، وليس بالمفرط كما يحدث في دول الخليج، حتى في أتفه الأمور يريد أن يستقدم عامل، وليست فقط قيادة المركبة التي تحتاج الى توقف الاستقدام من الخارج، هناك مهن أخرى يجب أن نتوقف مطلقا، مثل عمال الكافتيريا وعمال السندوتشات ومطاعم الوجبات الخفيفة، والمقاهي والبوفيهات، كل المهن التي لا تتطلب مهارة فائقة وبسيطة ويستطيع أي شخص تأديتها. بهذه الطريقة سنوفر للبسطاء من الرجال والنساء وحتى المتقاعدين ونحو مليون و500 ألف وظيفة للسعوديين. وتوفر ملياري ريال للقطاع الخاص، كانت تذهب رسوم حكومية.
مهمة وزارة الموارد البشرية ليس فقط وضع التشريعات والأنظمة بل عليها اكتشاف فرص العمل للسعودية وتهيئتهم لسوق العمل، يجب أن يكون سوق العمل السعودي متاح العمل فيه لكل طبقات المجتمع من أمي ومتعلم وكبير في السن ومتقاعد ومتخصص في مهن وحرف للرجال والنساء.
جائحة كورونا هي فرصة لمراجعة أنظمتنا العمالية، وبحث تطويرها ولا نريد أن نكون في رحمة العمالة الوافدة لسنوات طويلة، ونحن لا نقلل من شأنهم أو دورهم، الكثير منهم كان له دور في تنمية هذا البلد وأيضا في خدمة الكثير من الأسر والعوائل والقطاع الخاص، إنما حان الوقت لان نقول لهم شكرا وما قصرتوا، امنحونا الفرصة لنفسح فرصة العمل لأبنائنا وبناتنا، إن لم نتمكن الاستفادة من هذه الجائحة في تحسين مخرجات العمل وبيئة العمل وتحسين بيئة الاستثمار، وجميع مناحي الحياة، فهذا يعني أننا لم نتعلم الدرس حتى الآن، واننا بحاجة الى صدمة اكبر لتوقظنا من هذه الإغماءة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال