الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعد مجال تجارب العملاء من المجالات الأكثر تأثيراً و اهمية على إيجابية أداء الشركات والأفراد، خاصة فى مجال تقديم الخدمات أو المنتجات التى يحصل عليها العملاء من الشركات المنافسة أو حتى الأفراد فى نفس مجال تقديم تلك الخدمات أو المنتجات.
لكن ما هي الفكرة الجوهرية من الإهتمام بتجربة العميل؟
باختصار الهدف هو ” التمَّيز ” و خلق تجربة لا تنسى و يتم تناقلها بين العملاء و غير العملاء؛ فلماذا تختلف شركة أ عن شركة ب برغم أنهما تقدمان نفس المنتج أو نفس الخدمة، بنفس الخصائص و بنفس الأسعار و بنفس نمط البيع؟، لماذا يقوم العميل باختيار الشركة أ لتكون فى أولوية اختياره عن الشركة ب؟
الأمر ببساطة يتعلق بمقدمي تلك المنتجات أو الخدمات خاصة ذات المنافسة العالية بالسوق، فالقرار يدور فى خاطر العميل قبل الإقدام على الشراء؛ فيتحول المنتج كسلعة خدمية تفقد قيمتها و يتوقف عليها مدى التجربة الفريدة والمميزة التي سيحصل عليها العميل إذا اختار الشركة أ واستبعد الشركة ب من اختياره، فالميزة التنافسية لم تعد تتمثل فى الأسعار، أو الفروع المنتشرة، أو الخصائص الفنية للمنتج أو الخدمة حينئذٍ، بل أصبحت تعتمد بشكل كبير على التجربة الشاملة لرحلة العميل التي سيتم تقديمها من الشركة بجميع مراحلها وتفاصيلها بداية من مرحلة ما قبل الشراء و نهايةً بمرحلة الشحن أو مرحلة ما بعد البيع ، و قد لا تنتهى الرحلة ابدا للشركات التى تؤمن بهذا المفهوم بل تتغير الرحلة من منتج الى اخر او مستوى الى اخر او الاسوء ترك الشركة.
لذلك لم تعد المميزات التقليدية من انتشار الفروع ومراكز خدمة العملاء، أو حتى التقنيات الحديثة كتطبيقات الهواتف الذكية، وإنشاء المتاجر الإلكترونية لها تأثير مباشر على إتمام عملية الشراء، و لكن أصبحت تجربة العميل يتم تقييمها من منظور خاص به؛ ليشمل جميع مراحل إلتقائه بالشركة التى سيحكم قراره بالتعامل معها من عدمه، و هذا هو العنصر الأهم والغائب عن حُسبان العديد من الشركات، والأدهى من ذلك، إذا كان العميل من العملاء القدامى، فيتضح ذلك فى قراره بالتعامل مرة أخرى من عدمه، وهو ما يُعرف بولاء العميل ومدى إمكانية تكرار الشراء.
وفى تلك اللحظة، لم يعد المنتج منتجاً بعينه بما يحتويه من خصائص سعرية ومواصفات تنافسية، بل أصبح المنتج تجربة يتم شرائها، مثل تجربة شراء جهاز جوال عن طريق التطبيق الخاص بالشركة أو تجربة السفر من خلال شركة طيران معينة، أو تجربة إنهاء المعاملات البنكية مع المصرف المفضل، و العديد من الأمثلة والتجارب الشخصية التي يمر بها الأفراد بحياتهم اليومية
كيف نبدأ بالمنشأة أو الشركة؟
كافة الشركات فى الوقت الحاضر أصبحت تدرك بشكل كبير أهمية مجال تجربة العميل، وتحديداً الشركات التى تقدم خدماتها إلى الأفراد، وأيضا الشركات التي تقدم خدماتها لقطاع الأعمال وذلك بتطبيق بعض المفاهيم الخاصة التي تخدم قطاع الأعمال.
تختلف طرق معرفة تجربة العميل من شركة لأخرى، وذلك بحسب الكيان التجاري والمالي والتشغيلي الخاص بكل شركة، والهيكل التنظيمي، و رسالة و رؤية الشركة الخاص بها، والعديد من الأمور والإجراءات المالية والإدارية التى تتخذها الشركة، منذ إنشائها وحتى تقديم المنتجات أو الخدمات لعملائها، ولكن لابد أن تتفق كافة بأن الشركات وُجدت لخدمة العميل و خلق تجربة مميزة عن المنافس، وأن أساس تكوينها ومحور عملياتها المالية والإدارية والتشغيلية ترتكز فى الأساس على خدمة العميل، وإثراء تجربته بشكل شامل و بالجودة والكفاءة التى ينتظرها، فذلك الذي ينتظره العميل هو حجر الأساس فى تجربة العميل.
لهذا السبب لابد أن تراعي الشركات أهمية بناء رسالتها، والقيم الخاصة بها، وأيضا عملياتها التشغيلية؛ من أجل تقليل التكاليف، ووضع الميزانيات والخطط لإثراء تجربة العميل، وجعلها أكثر إيجابية، بما يتناسب مع تحقيق تجربة عميل مميزة.
ومن واقع الخبرة الطويلة، أياً كان سبب وهدف إنشاء الشركة، فلابد من وضع تجربة العميل فى الحسبان فى جميع الخطط الإستراتيجية والتشغيلية، واعتبار العميل أولاً قبل المنتج أو الخدمة، وأبرز الأمثلة على ذلك موقع امازون للتسوق الإلكتروني، وتطبيقات التنقل التي ظهرت مؤخراً كتطبيق كريم.
ومن أبرز الأمثلة أيضاً، شركات الإتصالات التى تقوم على قوة التقنية، و الشبكات، والأمور الفنية المعقدة للشخص العادى، فتلك الشركات تقوم بتصميم و تحويل قوتها التقنية بما يخدم تجربة العميل الشاملة وجعلها أكثر إيجابية لتحقيق مطالبه. مثل شركة الاتصالات السعودية لدينا .
ماهي مجالات تجارب العملاء؟
هناك 6 مجالات أساسية هى التى تحدد إطار عمل تجربة العميل customer experience وهي:
استراتيجية تجربة العميل
لعل المهنية فى وضع الإستراتيجية الإحترافية لتجربة العميل من الأهمية بمكان، وهي التي توضح خبرة الشركة التي تريد أن تُرسخ لهويتها فى ذهن العميل، وتؤصل اتجاهاتها وسياساتها؛ من أجل أن يشعر العميل أنه أولى اهتماماتها من خلال قراراتها الداخلية التي تخدم ذلك الهدف على المدى البعيد، وذلك من خلال عدة عوامل:
العهد والوعد الذي تبثُه هوية الشركة فى ذهن العميل بدءاً من إنشائها.
إدراك تجربة العميل كخطوة أساسية فى كل مراحل العمل بالشركة.
الإتصالات الداخلية بالشركة التى تخدم تجربة العميل المُمَيزة.
الاستثمارات والموارد الخاصة بالشركة وتسخيرها لتحقيق تجربة العميل الفريدة. لان تجربة العميل لها اساس داخلي و هي مرتبطة بشكل مباشر مع تجربة الموظف.
فهم العميل
تحليل وفهم العميل من خلال مشاركة الآراء حول عملاء الشركة نفسها و ايضاً الشركات المنافسة، وبيان احتياجاتهم وتصوراتهم وتفضيلاتهم، من خلال فهم وتحليل صوت العميل واتجاهاته الواقعية وسلوكياته، وأنماطه الشرائية من خلال عدة عوامل:
فهم صوت العميل وتصرفاته.
طريقة أداء تقديم الخدمة أو المنتج للعميل.
جمع البيانات وتحليلها عن تفضيلات العميل ووعيه بهوية و القيمة التى تقدمها الشركة من بين الشركات الموجودة حوله.
استنباط الطرق المتنوعة لاستطلاع رأي العميل حول المنتج أو الخدمة المقدمة.
التغذية العكسية للرسائل المطلوبة وغير المطلوبة من خلال تقييمات العملاء و اخذ الاجراء التصحيحي المناسب سواء اللحظي مع العميل و أيضا الاجراء الجذري داخل الشركة بعدم تكرار الأخطاء و المعوقات للعملاء من خلال تطوير و تحسين التجربة.
تصميم تجربة العميل والتحسينات والإبداع
وضع تصورات لتفاعلات و نقاط التقاء العميل مع الشركة او خدماتها التى تقل أو تزيد عن توقعات الشركة بمنظور يسمى مخطط “رحلة العميل “، والتصحيح المستمر، و التحسين الجيد لها، وتصميم تجربة العميل الفريدة، من خلال إحكام حلقة الوصل بين العميل والشركة بإزالة الفجوة من جذورها، أو الثغرة التي يهرب منها العميل من الشركة تاركاً أثراً سلبياً مع عملاء آخرين قد يكونو عملاء محتملين للشركة فى المستقبل، وذلك من خلال عدة عوامل:
معرفة أيدلوجية تجربة العميل فى البيئة المحيطة به.
تصور وتصميم عملية التفكير التي يمربها العميل فعليا ” ضع نفسك محل العميل”.
منهجيات التحسين المستمر لعملية تجربة العميل.
معرفة ردود الفعل سواء كبيرة أو صغيرة من أى أداء قد يؤثر بالسلب على أداء الشركة.
مقاييس ومؤشرات القياس
وهى تعريف شامل لإطار جودة خبرة العميل التى من خلالها يتم تقييم توقعات العميل بطريقة مناسبة، وخلق مقاييس مختصرة لقياس نجاح تجربة العميل وتضمين استخدامها فى عمليات اتخاذ القرارات فى الشركة من خلال عدة عوامل:
المقاييس الخاصة بتجربة العميل التى تحددها الشركة.
مقاييس مؤشرات الأداء والتقارير التى يتم من خلالها تحسين الأداء.
معدل العائد من تحسين التجربة على الاستثمار الذى يوضح مدى نجاح تلك المقاييس والمؤشرات و ربطها مع العائد من الاستثمار العام للشركة ROI…
الثقافة
خلق نظام مشاركة القيم والسلوكيات التى تشجع وتعزز وتمكن كافة العاملين بالشركة للوصول بتجربة العميل الى حد التميز عن المنافسين من خلال عدة عوامل:
تفعيل دور كل فرد يتعامل بطريقة مباشرة او غير مباشرة مع العميل.
تعزيز الأدوات التى تستخدمها إدارة الموارد البشرية بالشركة من استقطاب الكفاءات، والتدريب المستمر لتلك الكوادر، والعمل على التشجيع من خلال نظام الحوافز والمكافآت ، من اجل خلق تجربة الموظف و التي تعود إيجابيا على تجربة العميل ..
الاتصالات الفعالة داخل الشركة لتحقيق التكامل مع كل الأفراد لخدمة نفس الهدف.
مقدرة الشركة على الاستعداد لتجربة العميل
من خلال الإعتماد التنظيمي ومسؤولية كل فرد فى الشركة، و خصوصاً خلق اهم عنصر او ركيزة هي خلق البيئة الداخلية المناسبة للشركة من اجل تنفيذ و ابتكار و توصيل التجربة المطلوبة للعميل خارجيا و عمليا و ليس بالاوراق و التنظير، وذلك بإدارة تجربة العميل بطريقة فعالة ومنظمة، وتقييم تلك المسئوليات على كل المستويات التنظيمية في الشركة ، والمضي قدماً نحو التغيير والتطوير والمراجعة المستمرة لرحلة العميل وتقييمها بانتظام من خلال عدة عوامل من منظور العميل ::
مجاراة الأهداف التنظيمية والتأكد من تحققها.
إدارة وإقرار تجربة العميل كتجربة فريدة لكل منتج أو خدمة فى الشركة.
التحسينات المستمرة لإدارة المشاريع و الالويات داخل الشركة.
التقارير الدورية لتقييم الأداء.
دور تجربة العميل في إضفاء المهنية والإحترافية على أداء الشركة، ومن ثَم أثر ذلك على معدلات النتائج بالشركة
ويبقى الاهتمام بتجارب العملاء على أنه خارطة الطريق التى تُنير الدرب لأي إدارة من أجل تضافر جهود كافة العاملين لترسيخها ضمن القيم الأساسية وثقافة العمل لتحقيق الهدف المنشود من تجربة العميل وهو خلق تجربة تتحدث عن نفسها من خلال عملائها و تجربتهم لها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال