الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من نظرة اقتصادية بحتة، فإن ما يحدث من مقاطعة شعبية للمنتجات التركية هو استجابة طبيعية لتفاعل سوقي الطلب والعرض. و بالرجوع لمباديء الاقتصاد ولقانون الطلب بالتحديد، فإن سعر سلعة ما يؤثر عكسياً على الكمية المطلوبة منها، لكن هناك عوامل أخرى تعمل بالتأثير على الطلب مع ثبات السعر وعدم تغيره. وفي هذا المقال سيتم التطرق إلى أحد هذه العوامل، فيما يخص الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات التركية فإن تغير ذوق وتفضيل المستهلكين هو العامل الذي سيخفَض الطلب، والمستهلك في هذه الحالة هو التاجر السعودي الذي يورد المنتجات التركية للمستهلك النهائي الذي يتوقع منه التاجر أيضاً تخفيض استهلاكه من هذه السلع. أسعار السلع التركية لم تتغير لكن تفضيلنا لها انخفض – لدواعي سياسة ووطنية – أثَرت على ذلك التفضيل.
وعلينا هنا ان نتذكر أن التبادل التجاري بين السعودية وتركيا ليس بالحجم الضخم، لكنه في نفس الوقت ليس بالحجم الذي يستهان به، أو لا يعمل له اعتبار. ففي 2018م احتلت تركيا المرتبة 11 من حيث قيمة استيراد المملكة منها بقيمة 10,036 مليون ريال، وفيما يخص حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2019م فإن الصادرات السعودية لتركيا بلغت 11,272 مليون ريال في المقابل كانت واردات المملكة من تركيا 11,945 مليون ريال.
المشكلة التي أوقع بها الاقتصاد التركي نفسه ليست سهلة، فتداعيات جائحة كورونا وانخفاض عملتها، وضعف السياحة أثر سلبيا عليها، وإضافة لذلك قد تتأثر التجارة الخارجية سلباً بسبب المقاطعة السعودية، واحتمالية اتباع الدول الحليفة للسعودية لتلك المقاطعة.
وأخيراً المنتجات التركية هي منتجات سهلة الإحلال، ويسهل على التاجر إيجاد البديل منها في بلدان أخرى أو داخلياً من نفس البلد، وما حدث هو استجابة طبيعية من شعب محب لوطنه على الاستفزازات والتعدي على السعودية، والعلاقة بين السياسة والاقتصاد علاقة وطيدة تكاد أن لا تنفك، وفي حالتنا هذه نرى كيف للسياسة أن تدفع بالاقتصاد. لم تقم السعودية بأي انتهاك للاتفاقات التجارية مع تركيا، بل ما حدث استجابة لقانون الطلب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال