الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعتبر الحوكمة احدى الوسائل الهامة في تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة ورسم آلية تسعى لإشراك أصحاب المصلحة في عملية إتخاذ القرار و رسم السياسات العامة، بالإضافة الى الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق الفعالية والكفاءة في أداء الأجهزة الحكومية. قد نجد أن بعض المؤسسات و الشركات يحكمها لوائح حوكمة دقيقة وتنظم كل ماله علاقة بضمان مبادئ الحوكمة الأساسية، ولكن لازال تطبيق بنود هذه اللوائح ليس بالأمر السهل، لدرجة ان البعض اصبح لدية معتقد، ان الفساد شر لابد منه و أن هذه اللوائح ليست إلا استجابة لإرضاء مواد النظام العام و رغبات صانعي القرار للحصول على مؤسسات تمارس عملها باحترافية بعيدا عن ممارسات الفساد. من أهم المشاكل التي تواجه تطبيق متطلبات الحوكمة هو وجود ثقافة اخلاقية مشتركة، ليس في المؤسسة فحسب، وإنما في المجتمع ايضاً.
هناك قاعدة قد يتفق عليها البعض، ويختلف البعض الآخر، ألا وهي قاعدة “٢٠-٦٠-٢٠” بمعنى، 20% من العاملين لن يرتكبون أي ممارسات بها فساد وستفعل الصواب قدر الامكان، 20% الاخرى من العاملين سوف يتصرفون بطريقة غير قانونية دائماً بغض النظر عن البيئة المحيطة، أما 60% من العاملين، سوف يتصرفون وفقاً للبيئة المحيطة، فهي قد تشارك زملائها في العمل السلوكيات العامة المنتشرة، سواء كانت سلوكيات غير قانونية أو سلوكيات قانونية. فمثلا ضغوط الزملاء والأصدقاء، الضغوط الادارية، الأرباح و المكافآت التي قد يتحصل عليها الفرد من العرف السائد في البيئة المحيطة، جميعها تؤثر على الجو العام للالتزام بالمعايير الأخلاقية. لذلك، تطوير ثقافة الأخلاق في المؤسسة تسلط الضوء على تطوير ثقافة الأخلاق المؤسسي لدى60% من العاملين فيها، بحيث نصل في نهاية المطاف إلى رفع نسبة النزاهة الى ما لا يقل عن ٦٠٪ وقد تصل الى 80%.
السؤال الآن، من الذي يحدد المعايير الأخلاقية، لأنه في مجتمع ما، قد يعتبر تصرف معين، تصرف أخلاقي بينما في مجتمع آخر يعتبر تصرف لا أخلاقي و يجرمه القانون. فمثلا، في الصين، لديهم ثقافة تدعى ثقافة “Guanxi”. تعني هذه الكلمة أن الفرد هو جزء من المجتمع ويجب أن يُكون مجموعة من العلاقات الودية والهرمية ويقدم لهم خدمة ذات مكسب مادي، وفي حال تقديم مثل هذه الخدمة أو المنفعة، فالطرف الآخر الذي قُدمت له المنفعة، يجب أن يرد هذه الخدمه بداية، وهذا عرف قانوني لديهم تسمح لمن تورط بأعمال القانونية أن يتذرع بهذه الثقافة للتملص من بعض اتهامات الفساد.
بينما مثل هذا التصرف، يعتبر مُجرم في معظم دول العالم. الواسطة أيضا تعتبر من الأمثلة المهمة في هذا المجال، حيث أن الواسطة عمل غير قانوني ويترتب عليه آثار سلبية كثيرة، منها عدم تكافؤ الفرص والعدالة، ومع ذلك في ثقافات معينة تراها احدى الأعمال المستحبة. يتم خلق مثل هذه الثقافة من خلال معايير أساسية يتم صناعتها. أولها وجود مجموعة قيم أخلاقية جوهرية تمتزج بثقافة المؤسسة من خلال سياساتها و عملياتها و ممارستها. ونظرا لأن القيم الاخلاقية تطورها يختلف من مجتمع لآخر، و من بيئة لأخرى، فيجب الاعتماد على مصادر عالمية للقيم الأخلاقية.من هذه المصادر المدونات العالمية للأخلاق والسلوك و ادبيات أخلاقيات الأعمال. هذه المبادئ لم يتم تصنيفها لأنها فقط مبادئ اخلاقية مشتركة، وإنما لأنها شاملة نطاق واسع من القيم والتي قد يضاف إليها في المستقبل مع تطور القيم والثقافة. منها، قيمة الوفاء والتي تتمثل في الأمانة و النزاهة و الشفافية و الولاء. قيمة الإنصاف، والتي تتضمن مفاهيم تجنب إلحاق الضرر بالآخرين. قيمة المواطنة، والتي تتضمن مفاهيم الالتزام بالقانون … الخ.ويتم جمع القيم وتصنيفها ورسم سياسة كاملة لنشرها.
هذه السياسة تشمل اللوائح المكتوبة. يليها، زرع هذه القيم في البيئة المؤسساتية من خلال خلق القدوة للموظفين من خلال الاقتداء بالرؤساء وأعضاء مجالس الإدارة. بهذا الشكل تصبح القيم ليست جامدة، وإنما يبث فيها الحياة وتكون ذات معنى، عندما تطبق من قبل المسؤولين في المؤسسة، فتسود قاعدة “تفعل ما تقول” بين العاملين. بالإضافة الى ذلك، سؤال المتقدمين للوظيفة عما إذا قد واجهوا من قبل مشكلة تتعلق بالفساد او تتعلق بالقيم الاخلاقية العامة. أيضاً، صنع برنامج تدريبي أخلاقي، هذا البرنامج يشمل تدريب جميع العاملين في المؤسسة، سواء موظفين أو قادة من خلال ورش العمل التي يتم فيها إثارة مشاعر الأشخاص بخصوص الأوضاع السائدة في المؤسسة، وتوفير الضمانات اللازمة التي تمنع خلق الضغوط الادارية لتؤتي مثل هذه الورش مفعولها.
واخيرا ، يجب لتطوير الثقافة الاخلاقية، تدقيق فاعلية البرنامج من خلال التأكد من استجابة أفراد المؤسسة باتباعهم لمدونات السلوك والقيم التي يتم بثها من خلال سياسات المنظمة، ومدى الحزم في تنفيذ القوانين التي تساعد مع الوقت بنشوء مثل هذه البيئة. يتم كشف كل ذلك من خلال التحقيق والمراجعة لاكتشاف السلوك الإجرامي، ورفع التقارير السنوية لقياس فاعلية امتثال المؤسسة للبرنامج الأخلاقي.
الهدف في النهاية هو خلق قيادة أخلاقية تساهم بتطوير القيم السائدة في البيئة المؤسسية، لأن خلق مثل هذه البيئة يساعد على نجاح سياسات الحوكمة بشكل كبير قد يصل إلى ٨٠٪ من مبادئها، لان تطبيق السياسة هنا ستكون بيد اشخاص يعملون في بيئة خالية من ضغوط تتعلق بمخالفة النظام، وتعزز القيم الاخلاقية العامة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال