الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل اسبوع تقريبا أعلن عن اندماج البنك الاهلي التجاري وبنك سامبا في اكبر صفقة اندماج مصرفية في المملكة والشرق الاوسط، لينتج عنها بنك جديد برأسمال يتجاوز الـ ٤٤ مليار ريال (15 مليار دولار) وموجودات تتجاوز الـ 840 مليار ريال.
في السابق كنا نسمع عن انتشار المصرفية الاسلامية، وانشاء العديد من اللجان والهيئات الشرعية داخل البنوك المختلفة، التي اصبحت مصدر (الأمان) لمن يخشى الوقوع في الربا حسب قول الفقهاء وعلماء الدين.
ولكن ثمة تيار اخر مضاد، يعترض بشدة على هذا المفهوم الجديد المتمثل بمفهوم المصرفية الاسلامية، وأن ما ذكره الرسول الكريم لا ينطبق على الوضع الحالي للاعمال المصرفية، ونشرت العديد من المقالات واوراق العمل في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات من كلا الجانبين، كلاً يدافع عن وجهة نظره ويسعى لاقناع وجهة نظر المتلقي.
حسب المعلومات المبدئية فإن بعض الاصول التي يملكها البنكين المشار اليهما اعلاه، لم يتم ادراجها من ضمن اعمال المصرفية الاسلامية، ولازالت تخضع للمصرفية التقليدية، وخصوصاً منتجات الخزينة ومنتجات قطاع الشركات والتسهيلات البنكية، وذلك منذ فترة طويلة وليست القريبة، نظرا لأن مثل هذه المنتجات ترتبط فيً كثير من الاحيان بالاسواق الدولية، او تكون بمحاذاة البنوك العالمية، لذلك قد يكون من الصعب أسلمتها.
ولكن الواقع ايضا يفرض ان آلية العمل بالمنتجات الاسلامية يحدوه الكثير من الشك، وقد لا يتم بالطريقة التي تقنع الملتقي وتجعله يطمئن بنسبة كبيرة، ويلجأ في النهاية الى أن يجعل المسئولية على عاتق الهيئة الشرعية وعلى البنك باداراته المختلفة.
وجهة النظر المعتدلة تميل الى ان هناك خلاف واسع بين الفريقين، وقع المستفيد ضحية لهما، بين الخلاف الشرعي والفقهي من جهة، وبين الية العمل بالمنتجات الشرعية والغير شرعية من جهة اخرى.
ولست هنا بصدد الحديث بإسهاب عن هذا الأمر، ولكن وددت ان استعرض على عجل عن ما انجزته المصرفية الاسلامية منذ بدء انتشارها في المملكة بشكل واسع في نهاية التسعينات الميلادية.
لا تختلف المخرجات او النتيجة النهائية لأي منتج مصرفي ما بين الاسلامي والتقليدي، تختلف فقط الطريقة، حيث تم ادخال العديد من السلع (الملموسة) كالمعادن وغيرها في عملية التمويل، واصبحت تسمى (مرابحة) بدلاً من قرض، ونتج عن ذلك زيادة اجراءات التمويل مقارنة بالقروض التقليدية، وارتفاع التكاليف مقارنة بالارباح التي يتحصلها البنك جراء تلك العملية، ونتج عن ذلك أمرين مهمين للغاية:
*ارتفاع حجم الارباح للمصارف التي تنتهج عملية المرابحة بدلا من القروض التقليدية، لانهم يطبقون الفائدة الثابتة سنويا من اصل القرض، ويقومون ايضا باحتساب الاقساط الشهرية الاولية (السنوات الاولى للقرض) من الفائدة وليس من اصل الدين.
*زيادة التداول على السلع المختلفة (الوسيطة)، كالحديد والمعادن الاخرى ، مما جعل سيولة ضخمة تدخل يوميا في سوق السلع وتخرج في نفس اليوم او التالي، كون العميل يرغب في الحصول على النقد وليس في امتلاك السلعة للابد، هذا الامر ادى بأضرار كبيرة على سوق السلع، وزاد من اسعارها نتيجة لازدياد حجم الطلب عليها.
في حين ان القروض التقليدية لا تؤدي الى هاتين الطريقتين، كون المنهجية التي تقوم بها مختلفة تماماً واكثر تبسيطا واقل تعقيدا من القروض الاسلامية ، ولكن في النهاية بما ان الشعوب الاسلامية تميل للعاطفة كثيرا، اتجهت بشدة نحو المصارف الاسلامية واودعت فيها مدخراتها واستخدمت منتجاتها بشكل كبير ، ادى ذلك الى صعود قوي ومذهل لاداء المصارف، دون النظر بعمق لما آلت اليه تلك المنهجية من اضرار على المستوى البعيد.
الغريب في الأمر ان العديد من الاشخاص لازال يؤمن بأن الاصول غير مختلطة، حتى ولو كان جزء من البنك تقليدي فهذا لا يعني ان ٨٠٪ من البنك اسلامي، يصبح البنك اسلاميا، ومن ينظر الى القوائم المالية للبنوك يعلم تماما ان الاصول غير منفصلة ولا يمكن فصلها.
بشكل عام لا يوجد احد ضد التغيير او ضد منهجية البنوك الاسلامية، ولكن غالبا من يعترض على ذلك يعود بسبب الية التطبيق والتكاليف الباهظة واستخدام العواطف بدلا من المعايير الاقتصادية والمالية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال