الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هذا السؤال لم يطرح من قبل في أي مؤتمر صحفي أو نقاش مع المسؤولين السعوديين عن الإعلام المرئي والمسموع، ولم يفتح حتى في مجالس الشورى وغيرها من المؤتمرات والاجتماعات الإعلامية، والسبب في هذا، أن الموضوع عن القنوات الفضائية والإذاعية وحتى الصحف، فهي مرتبطة بالتشريعات والأنظمة والقوانين، ومتى ما كانت سهلة ومتيسره بالتأكيد ستجد استثمارات ضخمة، فمثلما يضخ المستثمرين ورجال الأعمال أموالهم في إنشاء مصانع وشركات ويكتتبون في اسهم، فالقطاع الإعلامي أيضا هو قطاع استثماري مهم ومتى ما فكرنا بعقلية استثمارية سوف نتمكن من جذب رؤوس أموال ويمكن أن تكون هناك عدة منتجات إعلامية.
منذ إعلان رؤية السعودية 2030 في أبريل 2016، ماذا استجد في قطاع الإعلام، لم يناقش هذا الموضوع بشكل موسع وواضح، فجهاز الإعلام لا يزال يعمل كقطاع رقابي صارم وحازم ويضع الشروط الصعبة وحتى العاملين فيها محتارين فالمؤسسات الموجودة منذ عقد من الزمان أو أكثر تقلص النفقات وأعداد العاملين، وتخفض مرتباتهم، والكثير منهم تحول إما موظف علاقات عامة أو تم الاستعانة بهم كمتحدثين رسميين أو منسقين في جهات حكومية.
توقعت بعد إعلان مبادرات الرؤية وبرامجها وخاصة وانه يعتمد بالدرجة الأولى على القطاع الخاص وتقليص عدد موظفي الحكومة وتحرير الأصول المملوكة للدولة أمام القطاع الخاص منها ويعمل برنامج التخصيص وهو احد برامج رؤية 2030 حيث حدد 100 مبادرة تخصيص محتملة في اكثر من 10 قطاعات تشمل الموانئ وقطاعات التعليم والصحة، إضافة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إلى جانب البيئة والمياه والزراعة ثم الاتصالات وتقنية المعلومات إضافة إلى قطاع العمل والتنمية الاجتماعية وقطاع الرياضة، وهذا سيساعد في تخفيض الأعباء على الحكومة في دفع المرتبات.
نعود للقنوات التلفزيونية والإذاعية، ماذا استجد خلال الأربع السنوات الماضية، بصراحة على ارض الواقع لم يتغير شيء، مكانك سر، انه تعاقب عليها خلال الخمس سنوات اربع وزراء احدهم مكلف، وحينما تبحث عن إنجازات هذه الوزارة، تحتار هل تمدحها أو تضع يدك على خدك وتفكر كيف اصفق لها.
على العموم، الذي ينقص هذا الجهاز ليقف بهمة ونشاط مثل كل الوزارات والمؤسسات الحكومية، أن يؤسس ذراع استثماري، مهمته يفكر كيف يستقطب استثمارات ويحضر أشخاص محترفين، لأنه كلما استطعت من جذب مستثمرين تحضر معها فرص عمل وتضخ أموال وتعمل حراك كبير في قطاعات مختلفة هندسة كهربائية وضوئية والديكور ومنتجات الإنتاج والتصوير، وتستقطب شبابنا والمهتمين بالإعلام، وتحرك مجالات التدريب، وتحفز لفتح كليات خاصة للإعلام، وتخصصاتها، ومراكز تدريب للمراسلين والصحفيين والمهنيين، وكلما كبرت الاستثمارات كان في صالح سوق العمل.
حاليا نسبة البطالة الأعلى موجودة في العاملين في قطاع الإعلام، ما يعيق تحرك هذه الوزارة هو أنها هي من تضع العربة أمام الخيل، لان أي مشروع أو استثمار يصطدم بقرارات وإجراءات وتحفظات والعديد من العراقيل، فيطفش المستثمر، ويطير لأنه لا يريد وجع الدماغ، وللأسف ليس هناك جهة تنصح الوزارة أو تراقب أعمالها وأنشطتها وتعدل وتخفف من قوانينها الصارمة، يشعر المستثمر بريبة وشك وكانه يستخرج تصريح لمفاعل نووية.
كنت أتوقع بعد إعلان الرؤية، افتتاح اكثر من قناة اقتصادية بحكم السعودية لها وزن وثقل اقتصادي عالمي، ولدينا العديد من المشروعات والشركات والقطاع الخاص التي تعد من كبرى الشركات المؤثرة في عالمنا العربي والشرق الأوسط، ولدينا صناعات واعدة وقطاعات سياحية مختلفة، إنما للأسف لم نرى قناة اقتصادية أهلية أما الحكومية التي كانت تعمل بخجل، اختفت، واختفت قنوات أخرى مثل الثقافية وقناة الأطفال.
لا يهمني القنوات الحكومية، بقدر ما يهمني أن أرى قنوات خاصة تتبع لرجال أعمال ومستثمرين لان القطاع الخاص يدير القنوات ويشغلها بطريقة احترافية افضل من القطاع الحكومي، الذي ينفق اكثر وينتج برامج ضعيفة وهزيلة، فضلا انه يحفز مستثمرين أخرجن للدخول والمنافسة.
الذراع الاستثماري يجب أن يطرح منتجات ومشروعات ويحفز وزارة الاستثمار على تسويقها، الكثير من الدول التي بيئتها الاستثمارية خصبة وسهلة، تفتح مجالات الاستثمار في كافة المجالات وتتسابق لاستقطاب العلامات والماركات، وتأكيدا لصحة ما أقول أن الاستثمار الإعلامي يهرب الى دول أخرى، هناك محطات وقنوات لمستثمرين سعوديين تتخذ من أماكن أخرى مقرا لها وأيضا لبث برامجها. كيف نجحت هذه الدول في جذب القنوات الفضائية.
هيئة الإعلام المرئي والمسموع عليها أن تخرج وتلتقي بمستثمرين ورجال أعمال وتجيب على تساؤلاتهم واستفساراتهم ومجلس الغرف بإمكانها أن تنظم مثل هذه اللقاءات نريد أن يستيقظ الإعلام السعودي من سباته، فهي أشبه باهل الكهف، ويقدم لنا منتجات إعلامية متعددة، فمثلا تصاريح الإذاعات الأهلية، لماذا يجب أن يكون التصريح لبثها في كافة أنحاء البلاد؟، لماذا لانخفض القيمة ونسمح ببث محلي داخل المدينة مثلا وبتكلفة اقل؟
ونفس الحال بالنسبة للقنوات التلفزيونية الخاصة، ليس بالضرورة أن تبث جميعها على الفضاء وبمساحات واسعة، لتكن ضمن الخيارات الاستثمارية محطات تلفزيونية بث ارضي وليس فضائي وبالتالي سنجد الكثير من المشروعات والمنافسات في تقديم البرامج، ما لمانع أن تكون في مدينة واحدة اكثر من قناة تلفزيونية أو إذاعية تبث ارضي وداخل المدينة نفسها، على سبيل المثال ما يبث في الرياض يسمعه أو يشاهده سكان الرياض وبالتالي نسمح بالتوسع في تجويد المحتوى، وتقديم مادة إعلامية دسمة، وتخفيض النفقات، وكلما ذاد عدد المشاهدين ووجدت قبولا توسعت وربما تتحول الى نظام الاشتراك للمشاهدة.
هل تعرفون من يتصدر العالم في عدد القنوات الفضائية، روسيا لديها 7 الأف قناة تلفزيونية، تليها الصين بعدد أكثر من 3 الأف قناة، والاتحاد الأوروبي بنحو 3 الأف قناة تلفزيونية وأمريكا أكثر من الفين والهند ألف و600 قناة تلفزيونية، تخيلوا حجم الاستثمارات في هذه القنوات وعدد العاملين، هؤلاء حينما يخططون لمدنهم يضعون في نصب أعينهم مدن إعلامية، أما أن تنشئ مدينة إعلامية وأنت أصلا لا تمتلك خطة إعلامية ولا حتى قنوات فضائية بالله عليكم.. هل تسكنها الأشباح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال