الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد تقديم لمحة فلسلفية اقتصادية قانونية تاريخية عامة سريعة عن الحاجة العملية والاقتصادية التي أدت إلى ظهور الشركة المساهمة المبسطة، في هذا الجزء قبل الجزء الأخير سيتم تسليط الضوء على بعض أحكامها القانونية من خلال قراءة مشروع نظام الشركات م (150 – 156) مستعينًا أيضا بتجارب بعض الدول التي أقرت مثل هذا الشكل القانوني. فللقارئ ملاحظة أن مشروع النظام لم يُفَصِّل في الكثير من أحكامها وهذا شيء متوقع، فهي شركة ما زالت في عهد التطور على كافة الأصعدة الهيكلية والقانونية. بداية لعل من الأفضل تغيير اسمها إلى أن تكون شركة بسيطة بالأسهم عوضا من الشركة المساهمة المبسطة وهذه تسمية تليق بها وتعكس حقيقتها.
من خلال قراءة المشروع يمكن القول إن المساهمين في شركة المساهمة المبسطة لهم الحرية والمساحة الكبيرة في كيفية تأسيسها وإدارتها بعيدًا عن مسطرة الرقابة ومركزية الجهات الحكومية. فيمكن تأسيسها من شخص واحد أو أكثر بمجرد الالتزام ببعض متطلبات التأسيس، بل ذهبت بعض الأنظمة إلى إمكانية تأسيسها خلال ٢٤ ساعة الكترونيًا مع نسبة بسيطة من رأس مال الشركة. وتؤسَّس دائمًا لغرض الربح بِغَضِّ النظر عن النشاط الذي تمارسه الشركة.
يتضح أن مشروع نظام الشركات أخذ موقفًا معتدلا مقارنة بالقانونَين الفرنسي أو الكولومبي الذَّينِ مكنا تأسيس شركة مساهمة المبسطة بمجرد عقدها بين أطرافها دون الحاجة إلى التسجيل الرسمي خاصة إذا لم يكن هناك حصة مقدمة كعقار يحتاج إلى التسجيل فحسب المشروع فلا تنشئ الشخصية المعنوية للشركة إلا بعد القيد م (8). فيمكن القول مقارنة بالقوانين الأخرى، وكأن المشروع ينص على شكلية التأسيس. فلعل النظام يعدل من هذا الاتجاه ويأخذ بالقبول السلبي -ما لم يكن هناك عقار أو ترخيص محدد- بمجرد التأسيس وإرسال البيانات المطلوبة تتكون معه الشخصية المعنوية للشركة. وخلال الفترة التأسيسية سكت المشروع عن تحديد المدة التي يكون لأي أحد الاعتراض على تأسيسها فلعل من الأفضل اختيار مثلًا 14 يومًا. وتوقف مشروع النظام عما سيترتب عليه في حالة عدم الموافقة على تأسيسها، فلعل النظام يقرر أن تتحول إلى شركة تضامنية، مؤسسوها مسؤولون مسؤولية شخصية عن ديون الشركة حماية لحسن النية.
ومما يميز الشركة المساهمة المبسطة المرونة الكبرى في إدارتها، فلهم مثلاً تعيين مديرٍ أو مجلس إدارة يديرها كما هو متعارف عليه في الشركات المساهمة ولكن أقل تكلفًا وانضباطًا. وأيضا تتميز عن الشركة المساهمة المغلقة والتي تكون ملزمة بعقد اجتماع للجمعية العامة العادية مرة -على الأقل- خلال الأشهر الستة التالية لانتهاء السنة المالية م (87) فضلا عن أنه إلى عهد قريب كان يتطلب النظام إلى موافقة وزارة التجارة إلى ذلك وحضور مندوبها. فذهبت الأنظمة المقارنة إلى إمكانية شركة المساهمة المبسطة إلى عقد جلساتها إلكترونيًا عن طريق الفيديو أو التصويت عن بعد. فعلى الرغم من ذلك لم ينص عليه نظام مشروع الشركات صراحة ولكن بتطبيق أحكام الشركات المساهمة غير المدرجة في السوق يمكن القول بإمكان عقد ذلك بواسطة التقنية الحديثة. ويكون للشركة المساهمة المبسطة مدير عام أو مجلس إدارة يمثلها أمام الغير، وحسب المشروع للمدير “الصلاحيات المناسبة” م (152) فيما يدخل في غرض الشركة، لكن لعل من الأفضل أن يتخذ النظام موقفاً مختلفًا وهو منح مدير الشركة الصلاحيات الواسعة فيما يدخل في غرض الشركة.
ولكن الملفت للنظر وكأن مشروع نظام الشركات السعودي اتخذ مذهبًا أوسع من القانون الفرنسي في القرارات المهمة جدًا، كالاندماج وتقسيم الشركات والتصفية، حيث قرر المشروع أنه يتم الموافقة عليها بموافقة المساهمين دون تحديد النسبة المتطلبة لاتخاذ مثل هذه القرارات هل الأغلبية أو جميعهم؟ ولكن في المقابل فإن القانون الفرنسي يطلب بشكل مبدئي موافقة الأغلبية على تلك القرارات المهمة ما لم ينص العقد التأسيسي على خلاف ذلك. بل إن القانون الفرنسي اتخذ موقفاً متشددًا، فيطلب إجماع المساهمين إذا كان القرار مثلا متعلق بانتقال وبيع الأسهم، أو تغيير جنسية الشركة. فهنا لعل من الأفضل للمشروع التوجه إلى تبني الحاجة إلى إجماع المساهمين في تلك القرارات المصيرية مع السماح بتعديل ذلك حسب العقد التأسيسي؛ حمايةً للمساهمين من قليلي الخبرة في صياغة العقود. مع إمكانية اختيار وضعٍ مختلف (opting-in/out). ولعله من الأفضل أن يوضح النظام النسبة المتطلبة في حالة الرغبة ببيع أصول الشركة خاصة إذا كان يرد على جزء كبير من أصولها حيث لم يتطرق لها النظام من الأساس.
ومما يميز شركة المساهمة المبسطة عن باقي الشركات بشكل عام فحتى “فكرة ما” في بعض الأنظمة القانونية يمكن اعتبارها حصة تدخل في تكوين رأس مال الشركة. فمثلاً شركة المسؤولية المحدودة وهي من أكثر الشركات شهرة تعارف الفقه والقانون صعوبة دخول بحصة عمل في تأسيس رأس مال الشركة. فمثلا لو كان هناك شخص موهوب ولديه فكره عبقرية بشرط الاعتبار المالي المحترم ممكن الدخول بها في حصة في تكوين الشركة وتحديد مسؤوليته القانونية, ولكن تظل هناك مشكلة في كيفية تقييمها.
فعلى الرغم من تحفظي الشخصي ضد السماح بإصدار أسهمٍ مختلفة فهي لا تناسبنا حالنا حال الأوربيون – عدا النظام الإنجليزي- فلا يوجد لدينا مؤسسات مالية Institution Investors ممكن أن تقاوم كبار المؤسسين والملاك، وحتى البورصات الأمريكية إلى عهد قريب كانت تمنع صدور أسهم بأصوات مختلفة ولم تسمح إلا لشركة فورد في ٧٠ م. ولكن لعل هذا التحفظ هو خاص بالشركات المساهمة العامة حماية للمساهم الصغير، فيختلف الوضع عما عليه في الشركات المساهمة المبسطة. فلعل إمكانية إصدار أسهم بفئات مختلفة وبقوة مختلفة تَوَجُّهٌ حَسَنٌ خاصة في مرحلة ما قد تحتاج الشركة إلى منح أسهم بدون قوة تصويتية مثل لو استعانت بمستشار أو إلى موظفيها رغبة في تشجيعهم على سبيل المثال بشرط إيضاح ذلك وإعلانه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال