الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“هل فكرت ماذا تريدين أن تصبحين عندما تكبرين” سألت ابنتي (10 سنوات) ذات صباح.
“أريد أن أصبح Gamer لاعبة “قيمز” (مهنة حديثة نشأت مثل مهنة اليوتيوبرز والتيك توكر وغيرها) ففتشنا عن المردود المالي وكان مجزيا نسبيا لكني متحفظة تجاهها بسبب الضغط العصبي والجسماني الذي تتسبب به للاعب، فشرحت لها بتبسيط واقتنعت.
فكرت قليلا ثم قالت “طيب أريد أن أصبح فويس أوفر voice over أو ممثل صوتي للانتاج الفني”. تفاجأت من الإجابة لكن لم أستغرب لأن قطاع المحتوى المسموع ضخم جدا عالمياً ويستحيل تجاهله.
جاءني فضول لمعرفة المردود المالي لهذه المهنة، فطلبت منها أن تبحث في جوجل. جاءت النتيجة متفاوتة بحجم المشروع وحسب شهرة الممثل الصوتي. ولأكون أكثر تحفظا في تقديري أضفنا كلمة entry level أو للمبتدئين، وجاءت النتيجة بحدود 17 دولار في الساعة. ومن خلال خبرتي في انتاج البودكاست أعرف أن تسجيل محتوى لحلقة مدتها ساعة كاملة لا يستغرق أكثر من 3 ساعات في العادة. فقلت لها “هذا غير مجد ماليا، ولن تستطيعي الاعتماد عليه وحده كمصدر للدخل وتأمين مستوى معيشي تطمحين له”.
ثم سألتني: ماذا يمكنني أن أصبح بحيث أحقق ثراء جيدا واستمتع بنفس الوقت؟
ظل السؤال يشغل ببالي لوقت كتابة المقال: ماذا الذي يمكن أن نمتهنه بشغف وموهبة ويؤمن لنا حياة كريمة بذات الوقت؟
كثير من المهن التي يحبها الشباب لا يوجد لها “سوق”، وهنا تحدث فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، لكن بعيدا عن سوق العمل الوظيفي والقطاع العام الخاص بأشكاله التقليدية، هناك أعمال يتفنن فيها حديثي السن وتبرز فيها مواهب جميلة لكن لا تجد طريقها للأسواق لأنه قد لا يوجد لها سوق (إقبال) في الوقت الحاضر.
وفي المقابل نجد أن بعض المواهب صنعت سوقاً للمنتج إما بالتسويق المباشر أو عرضه على الجماهير باجتهاد مذهل. وهذا بدوره يحوله إلى رائد أعمال موهوب لأنه شغوف بمهنته وصنع لها سوقاً.
وهنا نتساءل مالذي يصنع سوقا نشطة لأي منتج أو خدمة: عدد المستهلكين (أو المستخدمين)؟ معدل الطلب عليها (التكرار)؟ هل عدد السكان الكبير ضروري لصناعة أسواق نشطة لاستهلاك المنتجات والخدمات المختلفة في السوق؟
لنأخذ مثال السوق الاستهلاكية في دولة تعدادها 300 مليون نسمة مثل أمريكا فأيا كان المنتج سنجد له سوقاً وربما قطاعاً كاملاً. دولة مثل الصين أصبحت تركز على تنشيط الاستهلاك الداخلي بعد نشوء طبقات اقتصادية متعددة قادرة على الاستهلاك فحتى بعد تراجع الطلب العالمي نجد أن مؤشراتهم الاقتصادية بدأت تعود للتعافي. الفكرة هنا هي أن ضخامة التعداد السكاني تساعد في نشوء الأسواق لمعظم المنتجات والمخرجات.
لكن ماذا عن الدول ذات التعداد الصغير (نسبيا)؟ أين نجد القيمة التنافسية للمنتجات الجديدة والمهن المبتكرة؟ سؤال يستحق التفكير والتحليل.
مؤخرا استحدثت الدولة هيئات متعددة تحت وزارات الثقافة والسياحة وغيرها وبأقسام عديدة والتي يمكنها امتصاص مختلف المواهب المتنوعة وبشكل منظم، آمل أن تنجح في تمهيد الطريق لجميع الحالمين بمستقبل طموح بحياة كريمة وشغف جميل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال