الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لطالما كانت القهوة رمزاً لتحسين المزاج وايقونة الحضور برائحتها الزكية ودلالتها الدافئة ونكهتها المتجددة، رفيقة الكُتّاب والشعراء والموظفين والعشاق وعنواناً للضيافة العربية في المناسبات واللقاءات المتعددة وبدايات الصباح وكل الصباحات المكتملة، تفننت شعوب العالم في طريقة اعدادها وتقديمها ولكن تبق القهوة العربية العلامة الحاضرة بطقوسها المختلفة، القهوة كانت ولا تزال مشروب الفرح والحزن ورفيقة السكون والصفاء الذاتي حين تحتوي الذكريات وتستقيم بك على قارعة الطريق في كل يوم .
تعددت القصص حول أول من اكتشف القهوة ، وترجح العديد من المصادر أن اكتشاف القهوة يعود إلى راعي غنم أثيوبي عندما لاحظ ان أغنامه في أحد المناطق التي يوجد بها أشجار البُنّ قد زاد نشاطها وحركتها بعد اكلها لأوراق وبذور تلك الشجرة ، فقرر أن يجرب تلك الأوراق والبذور فزادت يقظته ونشاطه ، انتشر خبر تلك البذور في قبيلة الأورومو في أثيوبيا ، وبدأ أهل القبيلة بتناول الأوراق والبذور ، حيث كانوا يقومون بنقعها في الماء ، ثم يتناولون ذلك الماء الذي سبب لهم المزيد من اليقظة والنشاط .
لم تذكر المصادر التاريخية مجتمعاً محدداً يعود له الفضل في تحويل البُنّ ومشروب القهوة إلى نشاط اقتصادي بيد ان المصادر ذكرت ان اليمن كانت بها الكثير من الأشجار وأن أول عمليات التصدير بدأت من ميناء المخا الذي اكتسب اسمه نوعاً من البُنّ الفاخر (الخولاني) فاطلق عليها التجار اسم الموكا نسبة الى الميناء، وتقول المصادر بأن اول افتتاح لمتاجر مخصصة في بيع القهوة كان في فيتنام وذلك في العام ١٦٤٥م، ثم انتقلت من فيتنام إلى فينيسيا وايطاليا ، وتم افتتاح أول متجر لبيع القهوة في إيطاليا في عام ١٦٦٠م ويعتبر البُنّ اليوم أحد اهم السلع الإنتاجية حيث يلامس معدل حجم التجارة الدولية للقهوة 47 مليار دولار بنهاية 2020 وتشير بيانات المنظمة العالمية للقهوة International Coffee Organization – ICO – المتاحة عبر موقعهم على الانترنت الى ان انتاج البُن العالمي في عامي 2019- 2020 يُقدر بنحو 169.34 مليون كيس ويصل عدد الدول المصدرة للبن في العالم الى 66 دولة حيث تتربع كل من البرازيل وكولومبيا وفيتنام وإندونيسيا قائمة الدول الأكثر تصديرا خلال العشر سنوات الماضية ، وبلغت صادرات البُن العالمية 10.04 مليون كيس في شهر أغسطس 2020 فقط ، كما بلغ مجموع الاستهلاك العالمي في العام 2018-2019 اكثر من 45,509 مليون كيس وبلغ مجموع الإنتاج العالمي في ذات العام اكثر من 170,937 مليون كيس ( الكيس = 60 كجم )
قصة انتاج وزراعة البُن السعودي تاريخية توارثتها الأجيال جيل بعد جيل في جبال منطقة جازان الا انها كانت محدودة الإنتاج والاستهلاك وتعتمد على جهود المزارعين الذاتية ومع تزايد الاهتمام الحكومي بالتوسع الإنتاجي للبُن انطلقت العديد من المبادرات ومن ابرزها مبادرة أرامكو السعودية لزراعة وإنتاج البُن بمحافظة الدائر حيث تُعد محافظة الدائر بمنطقة جازان البالغ عدد سكانها 100 الف نسمة أحد المواقع الرئيسية لزراعة وانتشار «البُنّ الخولاني» وتحتضن اغلى واندر انواع البُنّ في العالم ومنها انطلقت هذه المبادرة لاستزراع وإنتاج البُنّ والتي تهدف أيضا الى مساعدة وتدريب أكثر من 500 مزارع ، وزراعة اكثر من 9000 شتلة لتنتج اكثر من 30 طن من البُنّ ، كما تهدف هذه المبادرة الى تنفيذ دراسة إحصائية لواقع زراعة البُنّ في جبال جازان ورفع وعي المزارع وكفاءته في التعامل مع البُنّ في جوانب الزراعة والتربة والحصاد والانتاج والتسويق وكذلك زيادة نسبة إنتاج البُنّ إلى 200% خلال سنتين من تاريخ بدء المبادرة عبر استصلاح وزراعة شتلات البُنّ ، إضافة إلى البرامج الإنتاجية الأخرى ومنها إنشاء مصنع للبن وتحويل 60 مزرعة بُن نموذجية مصحوبة بتمكين الكوادر الوطنية المؤهلة، وادخال البُنّ ضمن مشاريع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) كأول مشاريع الصندوق في المملكة وهو «مشروع تنمية سلاسل القيمة للبُن في منطقة جازان ، وتأهيل المدرجات الزراعية في 158 موقعاً، بعدد 1664 مدرجاً زراعياً بمساحة 899176 متراً مربعاً، تتوزع بين فيفا والعارضة والدائر كما تم إنشاء وحدة الأبحاث الزراعية للبُن في جازان ، وفق ما أعلنته وزارة البيئة والمياه والزراعة في هذا الصدد.
ومن البرامج التمويلية ما اعلنه بنك التنمية الاجتماعية عن تمويله للجمعيات المتخصصة ورواد الأعمال للمشاريع الصغيرة والناشئة لإنشاء مصانع ومعامل إنتاج ومعالجة البُنّ في منطقتي عسير وجازان بهدف فتح افاق استثمارية للمشاريع الناشئة والصغيرة تضمن نجاح العملية الإنتاجية وتشجيع ودعم قدرة المنتج المحلي وتحفيزه للمنافسة والاستدامة في ظل الإمكانات الهائلة في الموارد الطبيعية لتحقيق مكتسبات التنوع الاقتصادي والمحتوى المحلي والتصنيع والتسويق، وتوفير فرص عمل في مناطق انتاج وزراعة البُنّ السعودي .
مجمل القول : جهود حثيثة تقودها وزارة البيئة والمياه والزراعة وأرامكو السعودية وبنك التنمية الاجتماعية للتسريع بوتيرة التوسع في انتاج البُنّ السعودي ومن هنا تأتي أهمية أخرى بالاستجابة السريعة من القطاع الخاص للتوجه نحو الإنتاج الزراعي والاستثمار فيه خاصة ان هذه السلعة المُستدامة والهامة ( البُنّ ) سيصاحبها تحولات صناعية فضلاً عن كونها سلعة ذات قيمة مضافة يمكن استغلال مُقدراتها البيئية والمناخية التي تزخر بها بلادنا الغالية في ظل الدعم اللامحدود الذي تقدمه حكومتنا الرشيدة وكلي ثقة بأن الاستثمار في هذا المجال هو قيمة اقتصادية مضافة توصلنا الى تعزيز ونمو المحتوى المحلي والتنوع في الأنشطة الاقتصادية الذي أكدته رؤيتنا المباركة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال