الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في هذا المقال الأخير وبعد تقديم لمحات متفرقة عن الشكل القانوني الجديد المقترح في نظام مشروع الشركات السعودي وهي شركة المساهمة المبسطة, سيسلط هذا الجزء الضوء على عدة نقاط رئيسية ومنها مدى إمكانية وضع القيود على أسهم المساهمين, وتسهيل قيدها والمقترح في نقل أسهمها وتسجيلها الكترونياً, والنتائج القانونية المترتبة في حالة بيع الأسهم دون موافقة الشركاء ومقدار رأس مال الشركة المساهمة المبسطة, ثم غرض الشركة وديونها و تصفيتها والتي قد تكون المشكلة الأكبر.
فعلى الرغم من سماح مشروع نظام الشركات (م ١٥٣) بوضع قيوداً على نقل ملكية الأسهم بشرط موافقة أغلبية المساهمين بشرط الا يكون الحظر مطلقاً, فالحقيقة وضع قيوداً على نقل أو التنازل عن الأسهم يعطل الفكرة الأساسية من ابتكار شركة المساهمة المبسطة. ولكن هناك حالات قد تستدعي ضرورة هذا الحظر مثل لو قررت الشركة منحت أسهم الشركة أسهماً لموظفاً, فقد يكون الخوف من بيع تلك الأسهم لمنافس وهلما جرا. فيمكن القول أحسن النظام بإيراد هذا الحظر ولكن يجب أن يكون على سبيل الاستثناء لا القاعدة. ولكن سكت النظام عن إيضاح هو الحظر المطلق؟ إذ عدم تحديد مدة للحظر المقبول سيفتح باب للنزاعات القانونية لاحقا ويجعل المحاكم عملها أقرب إلى التأويل. فلعه من الأجدر تحديد مدة مثلاً لا تتجاوز ١٢ سنوات على سبيل المثال من تاريخ إصدار الأسهم.
أيضًا من المهم الانتباه فيما يتعلق بعمليات شراء الأسهم وبيعها بشكل سلس أو قد تشكل معضلة. لهذا مثلًا في الدول الأوربية بدأت في تسجيل وقيد ونقل أسهم الشركة المساهمة المبسطة بشكل الكتروني. فهناك توجه حسن في القانون البولندي يسمى ب DEMAT يعٌنى بتسجيل أسهم الشركة ونقلها بشكل الكتروني كما تفعل ” إيداع” مع شركة الأسهم غير المدرجة. فهذا مهم جداً خاصة في حالة رغبة الشركة في الحصول على كابيتال من مستثمر أجنبي مثلاً. فلعل وزارة التجارة تتخذ هذا المنهج تماشياً مع النموذج البولندي في تسجيل وقيد أسهم الشركة المساهمة المبسطة طبعاً مع الأخذ بالاعتبار عدم إمكانية تداول تلك الأسهم. وهذا قد يأتي أهميته في حالة طلبات الطرح الخاص كما هو الوضع على مستوى القانون الفرنسي حيث يٌسمح للشركات المساهمة المبسطة في طلب طرح خاص إلى مستثمر مؤهل والاستثمار مباشرة في الشركة.
إحدى الإشكاليات المتوقعة ظهورها وهي في حالة نقل أو بيع أسهم الشركة في مخالفة للنظام الأساسي للشركة أو لاتفاق المساهمين ,مالنتيجة المترتبة على ذلك؟ لعل النظام يورد في حالة بيع الأسهم أو نقلها مخالفة للنظام الأساسي للشركة أن يكون ذلك البيع غير صحيح وكأنه ولم يحصل وغير نافذاً في مواجهة الشركة تماشياً مع النموذج الكولومبي. وبعض الأنظمة بل ذهبت أكثر من ذلك إلى خصم مايقارب ٢٠٪ من القيمة الأسمية للأسهم المخالفة. هذا مهم جداً لأن بيع أو نقل الأسهم قد يكون له الأثر الكبير في نقل السيطرة من يد إلى يداً أخرى ويفتح باب للتنازع القانوني بين المساهمين. وبعيد عن ما يقرره نظام الشركات ينصح أطراف العقد عند صياغة العقد إلى تضمين في حالة مخالفة النظام الأساسي ويعتبر كأن البيع غير نافذاً في مواجهة الشركة, وفي الحالة التي يكون البيع أو التنازل بسبب اتفاقية المساهمين, فيكون ذلك نافذاً في حالة فقط تسجيله لدى الشركة.
وأيضا يتضح وكأن المشروع لم يقرر أدنى لرأس المال كحال الكثير من الأنظمة, وكأنه يتماشى مع المذهب المعاصر في عدم اشتراط حد أدنى لرأس المال. وهذا لا شك مهم جداً حتى لا يكون هناك التعقيدات في تأسيسها, بل بعض الأنظمة قررت تقرير نسبة رأس مال بسيطة وعدم تطلب القيمة الأسمية لأسهم الشركة حيث لا يتصور الهدف من إنشاء شركة مساهمة مبسطة هو تداول أسهمهما. فمشروع النظام يتضح وكأنه سيتطلب أن يكون هناك قيمة أسمية للأسهم (م١٥١|ه) فلعله يكون مبلغ معقولا يتناسب مع غرض الشركة. وأيضا غفل النظام عن متى يتوجب دفع راس مال الشركة بالكامل, فلحماية دائني الشركة, فلعل النظام يتوجب دفع رأس مال الشركة بالكامل خلال سنتين من تأسيس الشركة. أيضا فيما يتعلق في إمكانية المساهمين من السحب من رأس المال دون الحاجة الى اخطار دائن الشركة. توقف المشروع عن تنظيم ذلك, ولكن بعض الأنظمة قررت أنه يمكن السحب ولكن على شرطين : ١) الا يعرض الشركة للخسارة ٢) وجود احتياطي يوضع فيه ٨٪ من أرباح تلك الشركة.
وأيضا فيما يتعلق بغرض الشركة, فعلى الرغم من ابتكار هذا الشكل لتغطية حاجات الشركات المتوسطة والصغيرة. فإلزام الشركات بتحديد غرض الشركة من عدمه له الأثار الكبيرة. فمثلًا فعدم إلزام الشركة بإيراد غرض لها, مما يعني للشركة اختيار أغراض واسعة والقيام بأعمال ليست لها علاقة ببعضها البعض متى ماكانت قانونية. فلعل هذا يخفف من إمكانية حدوث النزاع لو قام المدير من يمثل الشركة في مواجهة الغير حسن النية القيام بتصرفات خارج إطار غرض الشركة. فهنا يقع الدور على المساهمين في تحديد نطاق صلاحيات المدير. بما أن الشركة هي أصلا خروجاً عن أدبيات نظام الشركات, فبقراءة (مادة ١٥١) وكأن المشروع يتوجب أن يكون هناك غرض للشركة, ولكن لعل النظام يعدل إلى منهج آخر وهو على الشركة إيراد غرض للشركة واضح مالم ترغب الشركة بالقيام بأغراض قانونية مختلفة مشروعة.
والمشروع أيضا توقف عن تحديد مستوى المسؤولية القانونية سواء المدنية أو الجنائية لمديروا الشركة المساهمة أو مجلس إداراتها بعكس القانون الفرنسي. ومما يتضح من التعديلات الأخيرة في القانون الفرنسي هو اتخاذه موقفاً حازما ًبالنسبة للصفقات ذات العلاقة الخاصة مع الأخذ بالاعتبار أنها ستكون مملوكة أو تابعة لشركة أم فلهذا أوجب القانون الفرنسي أن يكون دخولها على أساس تجاري وهذا ماغفل عنه نظام المشروع الحالي. ومن القضايا المهمة والمعقدة المتوقع ظهورها هي كيفية تعيين المدير أو عزله والأسباب الواجبة لذلك العزل. فمثلا القانون الفرنسي حصر عدة مبررات ممكن من خلالها عزل المدير أو المجلس.
أعتقد من أكبر الإشكاليات والانتقادات الموجهة ضد هذا الشكل اخذاً بالاعتبار المرونة في التأسيس والإدارة قد يواكبه تفريط فيما يتعلق بديونها, والموردين للشركة لا سيما ومسؤولية الشركاء محدودة.
فمثلاً بعض الأنظمة منحتها ميزة مهمة جداً في حالة خسارة جزء كبير من رأس مال الشركة وهناك رغبة من المساهمين في تصفية الشركة ,فممكن مع موافقة المحكمة المختصة وتقديم ما يثبت ان ذلك لن يؤثر على حقوق الدائنين. ولكن قد يكون هناك مسائلة شخصية في حالة لم تقوم الشركة في الوقت المناسب بإجراءات الإفلاس خاصة في حالة التقاعس. بعض الأنظمة أوردت إمكانية نقل كل ديون وموجودات الشركة الى شريك يحدده الشركاء مقارنة بالشركات الأخرى والذي تتطلب الإجراءات الاعتيادية في حالة الإفلاس او التصفية. وهذا قد يكون أحد العيوب الموجهة ضد الشركة المساهمة المبسطة حيث يراه البعض التساهل في حقوق الدائنين. لهذا حقيقة ستكون هناك إشكالية كبيرة تتعلق بديون الشركة. فأحسن مشروع النظام الشركات (مادة ٢٥ ) في إيراد صراحة أنه يمكن رفع الستار عن الشركة وقد تكون هناك مسؤولية تضامنية شخصية إذا كان هناك غش أو لم يتم الفصل بين أعمال الشركة والشركة المساهمة المبسطة. وهنا يتوجب على الدائن الحريص حماية نفسه من خلال عدة طرق رفع الستار عن الشركة, سحب أو توزيع غير المشروع من رأس مال الشركة أو توزيع أرباح صورية, الحصول على معلومات عن الشركة وهكذا.
ويتعين على النظام أيضاً أن يتخذ موقف أوضح فيما يتعلق بسوء النية. فمثلا لو يقر النظام تلتزم الشركة بأعمال ذلك المدير إلا اذا تم إثبات ان الطرف الثالث كان يعلم ان ذلك المدير يتعامل خارج صلاحيته أو بحسب الظروف والأحوال كان يفترض أن يعرف. وهذا التوجه الفرنسي أراه أفضل من إيراد بكلمة حسن النية.
أخيرا ًبعض الدول تقدم للشركات المساهمة المبسطة مثل الإعفاءات الضريبية خاصة اذا كانت الشركة تقوم على عمل بحوث وتطوير منتجات جديدة وابحاث او براءات اختراع كوسيلة تشجيعيه وهذه مسألة مهمة جدا للشركات الناشئة. وحل نزاعاتها بعيد عن المحاكم, فمثلاً التشريع الموحد الأمريكي ألزم حل النزاعات التجارية – دون الجنائية – بين المساهمين في الشركات المساهمة المبسطة عن طريق التحكيم.
ففي النهاية دون أدنى شك فشركة المساهمة المبسطة ستكون الشركة المسيطرة كشكل قانوني ومازالت احكامها القانونية في قيد التطور. لهذا أقترح يجب الانتباه من الآن فيما يتعلق بمسألة أهمية حوكمتها بما لا يتنافى مع المبدأ الأساسي للشركة هو المرونة والغير الرسمية والتي تطغى على الشركة. فهي شكلا مسيطر قادم لا محالة وستغير المفاهيم الكثير القانونية ولهذا يجب ضبط أحكام تلك الشركة لا سيما في حالة رغبة الشركات الحالية التحول لمثل هذا الشكل فمثلا هناك توجه كبير إلى السماح للشركات المهنية باتخاذ مثل هذا الشكل أو تحول الشركة ذات المسؤولية المحدودة التحول لمثل هذا الشكل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال