الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ازدادت مؤخرا وتيرة الاستقالات في الشركات المساهمة العامة المدرجة بسوق الاسهم السعودية، الامر الذي اثار تساؤل الكثيرين وأدى لتأويلات عدة. لذا قمت بمراجعة المعلومات المتوفرة في موقع تداول وتحليلها مما قد يعطينا تصورا واقعيا عما يحدث. وحتى يكون الطرح موضوعيا تم جمع بيانات الاستقالات التي تم الإعلان عنها خلال الستة اشهر الماضية، كون هذه الأشهر هي الأكثر حرجًا بسبب وباء كورونا من جهة وبسبب تبعات الإصلاحات الاقتصادية من جهة أخرى.
ففي الأشهر الستة الماضية فقط استقال اكثر من 80 شخص في الشركات المساهمة العامة المدرجة بالمملكة، 26% من تلك الاستقالات كانت لرؤساء تنفيذيين، 44% كانت استقالات لاعضاء مجالس الإدارات و 28% منها استقالات لاعضاء لجان المراجعة. تلك الاستقالات ورغم ان وتيرتها ازدادت خلال الأشهر الثلاثة الماضية الا انني أراها أمرا إيجابيا لعدة أسباب، لعل الرقابة الصارمة لحوكمة مجالس الإدارات التي فرضتها وزارة التجارة وهيئة سوق المال كانت احد اهم الأسباب تفاديًا لأي محاسبة قانونية نظير سوء الإدارة أو ضعفها.
والامر الإيجابي الآخر الذي أراه في تلك الاستقالات هو انها قد تكون نتيجة لضغوطات الجمعيات العمومية على مجالس الإدارات وبالتالي ضغوطات مجالس الإدارات على الإدارات التنفيذية لتحقيق أفضل النتائج في هذه الأوقات العصيبة، الأمر الذي عصف بكثير من الأشخاص وأجبرهم على تقديم استقالاتهم حتى وان كان سبب الاستقالة المعلن (لظروفه الخاصة)، لاننا نعلم ان هذا السبب في هذه المناصب هو بمثابة تسوية بين الطرفين لإنهاء العلاقة التعاقدية بشكل مرضي للجميع.
الامر الملفت للانتباه هو ان لجان المراجعة والتي تعتبر حجر الزاوية بالنسبة للشركات المدرجة، كانت هي اللجان الوحيدة التي حصدت هذا الكم الكبير من الاستقالات وبنسبة 28% من مجموع الاستقالات، وهو الذي قد يعتبره البعض هروبا كبيرًا من المحاسبة على بعض التجاوزات المالية، لكنني أراه أمراً سيوصلنا لمزيد من الحوكمة في عمل هذه اللجان وكفاءة فعاليتها وتطوير أداءها وإجراءاتها خاصة مع وتيرة الضرب بيد من حديد التي تتبناها الدولة ضد الفساد والفاسدين.
اما اذا ما تحدثنا عن قطاعات السوق الرئيسية والتي طالت الاستقالات أكثر من 50% من شركاتها فهي قطاعات السلع الرأسمالية، النقل، السلع طويلة الأجل، الإعلام والترفيه، إنتاج الأغذية، البنوك، التطبيقات والتقنية، والاتصالات. فيما كانت الاستقالات الأكثر عددًا في شركة شاكر بعدد 4 استقالات. بينما لم يشهد قطاعي الطاقة، والاستثمار والتمويل اَي استقالات في الفترة المذكورة أعلاه وهو امر قد يُعتبر إيجابيًا وقد يُعتبر طبيعيًا نظرًا لطبيعة كيان تلك الشركات.
أما عن شركات (نمو) السوق الموازية فطالت الاستقالات شركتين من اصل 5 شركات، لكن الملفت للانتباه هو عدد الاستقالات المرتفع في شركة التطويرية الغذائية والذي وصل عددها إلى 5 استقالات متصدرة بذلك عدد الاستقالات في السوق الرئيسية والسوق الموازية. كل تلك التغيرات ماهي الا مخاض كبير لهذه المرحلة التي يمر فيها الاقتصاد العالمي بشكل عام والسوق السعودي بشكل خاص للوصول لمستوى متقدم من الكفاءة والفعالية والحوكمة في اداء الشركات، وقد تُسجّل الأيام القادمة دعاوى قضائية ضد بعض ممن استقالوا، حينها سيتضح ما إذا كانت تلك استقالات ام هروب.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال