الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الحرب التجارية السارية بين الصين والغرب – منذ فترة – والتي أظهرت فيها الصين منافسة شرسة وبدعم قوي من قطاع منشآتها الصغيرة والمتوسطة القائمة على ريادة الأعمال الابتكارية في العديد من المجالات، جعلت كثير من أهل الاختصاص الأكاديمي في مجمل العالم المتقدم في حالة شك وقلق من أن هناك شيء ما مفقود أو غير مكتمل في برامج التعليم والتدريب في ريادة الأعمال لديهم.
أكثر ما أثار القلق هو أن أثناء جائحة فيروس كوفيد – 19 ظهرت قدرة الصين الهائلة في توريد مواد صحية للعالم ساهمت في مواجهة الجائحة، وكان جل إنتاج هذه المواد بواسطة منشآت صغيرة ومتوسطة الحجم، بما فيها أجهزة تنفس اصطناعي والتي فشلت الكثير من الدول النامية في انتاجها.
هنا بدأ يتساءل الكثير من المهتمين بهذا الموضوع إذا ما كانت الجامعات خاصة في الغرب قادرة على مساعدة الطلاب العاملين في البحث العلمي والابتكار ليصبحوا رواد أعمال وبناء مشاريعهم الخاصة القوية والقادرة على المساهمة في الوقوف في وجه التنين الصيني الذي متوقع أن يسجل نمو اقتصادي في سنة الجائحة يقارب %5 بفضل منشآتها الصغيرة والمتوسطة، مقابل أرقام نمو مفزعة تصل الى سالب %10 في بريطانيا وأكثر من سالب%4 في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي ظل تآكل قطاعات المنشآت الصغيرة والمتوسطة في هذه البلدان بالرغم من كل حزم التحفيز والاسناد لها أثناء الجائحة.
وبالعودة مرة أخرى إلى بداية الموضوع وطرح ذات التساؤل، فلماذا يجد هؤلاء الطلاب صعوبة في بدء أعمالهم، على الرغم من أن الغرض من التعليم والتدريب على ريادة الأعمال هو لتعزيز مهاراتهم لكي يكونوا رجال وسيدات أعمال ناجحين وقادرين على الابتكار والتطوير والمساهمة الحقيقة في عملية النمو الاقتصادي؟
الإجابة الصريحة والمباشرة عن هذا التساؤل لابد أن تشير إلى ضرورة مراجعة جادة وتفصيلية لفعالية وكفاءة برامج التدريب الحالية، وهو ما بدأت به بالفعل العديد من الجامعات في بعض البلاد المتقدمة التي بدأت تستشعر مدى القصور في تعليم ريادة الأعمال وإنشاء المشاريع، خاصة فيما يتعلق بنوع التصاميم والهياكل لمكونات المعرفة التي يجب أن تحتويها برامج تعليم ريادة الأعمال، وربما كان فشل مواجهة التفوق الصيني يكمن في طبيعة السياق والمحتوى لهذه البرامج وضعف تعلم واكتساب المهارات التقنية.
ولما كانت طبيعة المحتويات والسياقات في تعليم ريادة الأعمال معرضة للإبدال السريع بناءً على التغييرات التي تحدث في عالم المال والأعمال، مما دفع ألمانيا – على سبيل المثال – أن تأخذ الأمر على محمل الجد في العمل على مراجعة وتطوير مناهج تعليم ريادة الأعمال الذي لا يكتفي فقط بالاهتمام على تدريس الفن وعلم ريادة الأعمال مع عرض بعض نماذج النجاح في هذا المسعى، ولكن في توفير قدرات تعليمية أفضل في صياغة خطط العمل للمشاريع من خلال محاكاة الأعمال وعلى يد أساتذة من ذوي الخبرات التطبيقية من القطاع الخاص، مما يعني إعطاء اهتمامًا أقل بالتعليم في الفصول الدراسية والمزيد من التعلم بالممارسة.
يبقى التحدي الأكبر أمام كل هذا كامن في مقاومة الكثير من الكيانات التعليمية والتدريبية للتطور بسبب نمطية العقلية الأكاديمية – بشكل ملحوظ – عندما تحاول التفاعل مع القطاع الخاص، مما يصعب التشارك معه لإدارة مشتركة للمشهد التعليمي بواقعية، وبعيدا عن الأجندات الخاصة الضيقة لإيجاد ريادة أعمال ابتكارية تنشئ منشآت قوية قادرة على المنافسة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال