الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على مدار الأيام الماضية شهدت العاصمة الرياض انعقاد أعمال الدورة الخامسة عشرة لقِمّة مجموعة العشرين، التي استضافتها المملكة العربية السعودية مؤخرا وترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهي المرّة الأولى التي تنعقد فيها قمة بهذا المستوى في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي حيث اجتمع قادة أكثر من عشرين دولة بالعالم لوضع وقيادة الأجندة الاقتصادية العالمية نحو سياسات اقتصادية تمكن الإنسان وتحافظ على كوكب الأرض وتشكل آفاقا جديدة من أجل اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع.
إنّها قمّة تاريخيّة توّجت أعمال عام استثنائي في تاريخ البشرية، أثبتت فيه السعودية جدارتها وقُدرتها على قيادة العالم عبر رئاستها لأقوى مجموعة سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية، في أكثر الظروف تحديّا واختبارا في خضم تفشي جائحة فيروس كورونا، التي ضربت العالم والبشر وأحدثت صدمة أثّرت في السياسة والإقتصاد العالمي وفاقت تبعاتها نتائج الأزمة الماليّة العالميّة لعام 2008، بالإضافة إلى التعقيدات السياسية التي تفرضها بعض القوى التخريبية في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم التحديّات العالميّة، فإنّنا نجحنا و” حققنا الكثير هذا العام وأوفينا بالتزامنا بمواصلة العمل سويّا كي نرتقي لمستوى التحديّات الناجمة عن وباء فيروس كورونا بهدف حماية الأرواح وسبل العيش والفئات الأكثر عرضة للخطر. وقد تبنينا سياسات هامّة من شأنها تحقيق التعافي وصولا إلى اقتصاد قوي ومستدام وشامل ومتوازن، وتفعيل الجهود الرامية إلى جعل النظام التجاري العالمي صالحا للجميع، وتهيئة الظروف لتحقيق التنمية المستدامة “كما أكّده خادم الحرمين الشريفين في إختتام أعمال القمّة.
يمثّل نجاح هذه القمّة التاريخيّة حدثا عالميّا إستثنائيّا كان محلّ إعتراف وإشادة دوليّة ومبعث فخر واعتزاز لجميع أبناء الشعوب العربية والإسلامية، ورسالة سلام وأمان وطمأنينة لكافة الشعوب لما حملته القمة، في بيانها الختامي الذي تضمّن 38 نقطة، من تعهدات بمراعاة البعد الإنساني في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي. ولقد وقف العالم أجمع إكبارا وتقديرًا لكلمات خادم الحرمين الشريفين الإفتتاحية والتي شَخّصَت الأزمات التي يشهدها العالم، ومثّلت، في الوقت ذاته، حلولا للعديد من العقبات والمُشكلات التي تعترض مستقبل الاقتصاد والشعوب حيث شملت توفير الحماية الاجتماعية، وتوسعة مداها، وضمان مستقبل آمن للشعوب، وتمكين الإنسان، وأهميّة تمكين المرأة والشباب لخدمة المجتمعات وسوق العمل، ودعم رواد الأعمال، والتركيز على التدريب والتعليم والتقنية، والحفاظ على التنوع الحيوي وكوكب الأرض والبيئة من خلال تبني برنامج السعودیة للاقتصاد الدائري للكربون، ووضع الخطط الكفيلة بمواجهة التغيرات والأوبئة المستقبلية، وأهمية إلتفاف العالم لمواجهة التحديات والأزمات العالميّة المختلفة وفي مُقدِّمتها جائحة “كورونا”، وما سببته من تراجع في إيرادات الدخل القومي للدول، وتسليط الضوء على ما قامت به المملكة في سبيل إعادة التوازن لسوق الاقتصاد والتجارة العالمية، إضافة إلى العديد من التوجيهات الحكيمة والمعاني الإنسانيّة المتميزة، حيث تعهد قادة مجموعة العشرين “ببذل كل الجهود لضمان وصول لقاحات فيروس كورونا إلى الجميع بطريقة عادلة وبكلفة ميسورة وتلبية الاحتياجات التمويلية المتبقية بشأن اللقاحات، وكذلك تعليق مدفوعات خدمة الدين العام حتى يونيو 2021 والتي سيستفيد منها أكثر من مليار إنسان في الدول المدينة”.
كما تضمنت مخرجات القمة التأكيد على أهمية التجارة كمُحرِّك أساسي لتعافي الإقتصاد العالمي؛ ما دفع المملكة إلى تبني مُبادرة الرياض لمُستقبل مُنظّمة التجارة العالمية، بهدف معالجة قضايا التجارة الدولية ومكوناتها المتعلقة بالأمن العالمي ومرونة أداءها وتذليل معوقاتها وجعل النَّظام التِّجاري أكثر قُدرةً على مُواجهة التّحديات الحاليّة وتفعيل الأنظمة التجارية متعددة الأطراف طبقا لأنظمة الشفافية وتفعيل مبادرات التجارة المنفتحة وزيادة تدفُّق الإستثمار.
إن ما تضمّنه البيان الختامي من مخرجات وتوصيات لخدمة الإنسانية يبيّن بجلاء حرص المملكة على اتّخاذ قرارات بنّاءة هدفها دعم القضايا العالميّة وكل ما يخدم الإنسانية، والوقوف بوجه الظروف القاسية التي يعانيها العديد من دول العالم. ويعكس هذا النجاح الباهر في ظل الظروف الإستثنائية، الدور المحوري والريادي للسعودية في الشرق الأوسط وتمثيلها المميز لهذه المنطقة ودعمها الراسخ لتعزيز القيم الإنسانية والعدالة والمساواة والأمن والسلام ورفض التطرف والإرهاب والسعي نحو بناء عالم متسامح تسوده المحبة والسلام. كما يعكس الجهود الّتي تقوم بها المملكة على جميع المستويات، وتضاف إلى سجل إنجازاتها المشهودة إقليمياً ودولياً حيث أثبتت مملكة الإنسانيّة العظمى للعالم أجمع نجاحها في إدارة الأزمات ومواجهة التحديات؛ وقدّمت أبرز الأسس والحلول في تهيئة المستقبل الآمن المطمئن للشعوب، وتوفير كل معاني الاستقرار والنماء لكل البلدان في حاضرها ومستقبلها. وتمكّنت المملكة، وسط حضور عالمي لم تشهد له المنطقة مثيل من قبل، من وضع بصمتها المالية والاقتصادية والتنموية على خريطة العالم؛ من خلال تبنيها لرؤية 2030 التي وضعتها كخارطة طريق لنفسها والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجوهر أهداف مجموعة العشرين، وأظهرت من خلالها قوتها المالية ومتانة إقتصادها الذي يشكل ركناً أساسياً في الاقتصاد العالمي، مستندةً في ذلك على أجيالها الصاعدة المتسلحة بالعلم والمعرفة والريادة، وإرادتها الحقيقية لتنويع مصادر الدخل من خلال صناعات عملاقة وتوجهات اقتصادية منفتحة على العالم برؤية ثاقبة.
وختاماً يعتبر نجاح هذه القمة حلقة تاريخية بكل المقاييس في سلسلة الإنجازات المبهرة التي تحققت في السنوات الأخيرة للمملكة، والتي ستستمر في السنوات تباعاً وضمان نجاعة الحلول والمخرجات التي تم الإعلان عنها، وستبقى نتائجها طويلاً في المستقبل. ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم علينا نعمه ويحفظ قيادتنا وتتوالى مسيرة النجاح والتقدم دائما وأبدا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال