الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقول كلود فيمون: يظهر لدى فحص التطور الاقتصادي في البلدان الغنية أن الناس في هذه البلدان لا يفتؤون يكتشفون تقنيات جديدة تسهم في تزايد تحريرهم من البؤس.
إنّ التقدم التقني الذي وضع موضع التطبيق خلال السنين الماضية يزيد كثيرًا إمكانات الإنتاج، وبالتالي يزيد طاقات الاستهلاك ليس فقط في القطاعات التي يلعب فيها التقدم التقني دورًا عظيمًا، بل كذلك في القطاعات التي لم يبلغها التقدم.
والتسابق غير المتناهي نحو استهلاك متزايد يمنح الاقتصاد المعاصر قوة تحمل أكبر، وأن قسمًا من هذه الحاجات توحي به للناس الصحافة والدعاية والخبرة الكاذبة.
إنّ العلوم الإنسانية ما زالت أشد ضرورة من العلوم الطبيعية للتقدم البشري، فمن الضروري إذًا الاحتفاظ بزيادة شروط الازدهار، فعلى هذا القرن أن يكون قرن العلوم الإنسانية، كما كان القرن الماضي عصر العلوم الطبيعية.
إن الفقر عنصر مهم وسبب رئيس للجوع في العالم؛ فالسبب الغالب لجوع الناس هو ليس أنهم جهلة أو غير متعلمين، بل لأنهم فقراء.
يقول جان فوراستيه في كتابة «تاريخ الغد»:
هل تكون أمة على كوكبنا في حالة رخاء سنة الألفين، أعني أمة تعطي «كل فرد وفق احتياجه»؟
وهنا نتساءل : ما الذي يسبب الجوع في العالم؟ إن هيئات ومنظمات الغذاء في العالم تتفق بشكل عام على أن الفقر من الأسباب الرئيسة للجوع في العالم.
فالملايين من الناس ليس لديها النقود الكافية؛ لشراء حاجتها من الطعام، أو أنواع جيدة من الطعام. وهذا هو السبب الذي جعل – جون تارنت – أحد خبراء الغذاء يكتب قائلاً: يستمر سوء التغذية والمجاعة في وضعهما الثابت دونما تغيير في حالتي الوفرة والشح للغذاء في العالم.
إن المشكلة إذًا ليست مشكلة تقنية فنية في زيادة إنتاج الغذاء، ولكن التطور الاجتماعي والاقتصادي في الدول النامية، هو – بتوفيق الله – الذي سيمكن السكان من شراء الغذاء، ومن ثَمَّ مواجهة ظاهرة الجوع، ومعالجة آثارها المختلفة.
إنّ أحد أكثر المشكلات الجوهرية التي يجابهها العديد من الأمم النامية الأقل تطوّرًا هي كيفية إنهاء مشكلة الجوع على أراضيها، والفقر الواسع الانتشار في الريف والمدينة يعني أن أُناسًا كثيرين لا يستطيعون شراء الغذاء الموجود في الأسواق.
فإن قيل: ما هي كمية الغذاء الموجودة في العالم في الوقت الحاضر؟ وهل يوجد الكفاية لكل شخص؟ فإن الجواب الذي قد يفاجئ الجميع هو نعم يوجد الكفاية، هناك ما يكفي من الحنطة في العالم لكل رجل وامرأة وطفل بمعدل (3000 سُعر حراري) في اليوم، وهذا الرقم يعتبر أقل بقليل مما يُستهلَك من الشخص العادي في الدول الصناعية.
إنّ كميات الغذاء التي لم يسبق لها مثيل في العالم، والأرقام المحسنة لمستوى الفرد الواحد، لا تعني بالضرورة أنّ كل شخص قد حصل على غذاءٍ كافٍ.
فلا أحد يعلم بالتأكيد مدى انتشار الجوع في هذه الأيام؛ حيث تتراوح التقديرات مابين 450 مليون جائع إلى بليون.
فإن قيل: مَنْ هم الجياع؟ وأين يعيشون؟! فإن الجواب حسب تقديرات البنك الدولي، هو أنّ 80% هم من النساء والأطفال، ويعتبر سوء التغذية قاسمًا مشتركًا بين الفقراء في العديد من الدول النامية، ويعيش معظم هؤلاء الناس في قرًى صغيرة، ويتناول الرجال طعامًا أفضل من غيرهم من أفراد الأسرة؛ لأنهم يحصلون على الغذاء بأنفسهم.
إنّ إنتاج الغذاء في أيامنا هذه يكفي سكان العالم جميعًا، ولكن – ومع كل ذلك – فهناك ما يقارب رُبع سكان العالم يعانون من سوء التغذية.
إنّ أحد أكثر المشكلات الجوهرية التي يجابهها العديد من الأمم النامية الأقل تطوّرًا هي كيفية إنهاء مشكلة الجوع على أراضيها، والفقر الواسع الانتشار في الريف والمدينة يعني أن أُناسًا كثيرين لا يستطيعون شراء الغذاء الموجود في الأسواق.
من المعلوم أنه ليس للإنسان سوى فم واحد، ومعدة واحدة، وأمعاء واحدة، وإن استهلاكه الطاقة محدود؛ لأن ليس له سوى جسد واحد، ودماغ واحد، وفكرة واحدة، وهذا يحدد إمكانية إشباع حاجات الإنسان الغذائية، فإلى مزيدٍ من الرخاء، ولندفع سويًّا آلام الجوع.
أيكون الرخاء قدر الغد؟ أم أن البشر – وقد تكاثروا تكاثرًا مفرطًا – سيهلكون جوعًا ؟ وهل تكون البطالة والعمل على طريقة السلاسل نتائج حتمية للتطور التقني؟ وهل سيشهد العالم تزايد بروز المتناقضات الراهنة بين البلاد الغنية والبلاد الفقيرة؟ أو أن التطور والتقدُّم سيسهمان في حل المتناقضات وفي القضاء على الألم، وفي رفع مستوى حياة البشر، وفي اختصار مدة فترة العمل، وفي إنتاج المواد الاستهلاكية، والتجهيزات الضرورية لردم الهوة التي اتسعت بين الشعوب؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال