الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم تكن بالمفاجأة لي بسبب معرفتي التامة بكيفية توجه الإعلام الغربي وتعامله مع القضايا المتعلقة بالنفط، إلا أنه شد انتبهي واثبت بما لا يدع مجال للشك، بأن هناك من يدّعون المهنية الإعلامية، نجد توجهاتهم الغير مبررة بشيطنة النفط وتجريم الصناعة والتحيّز للطاقة النظيفة التي لن تكون كافية لاستبدال النفط الذي بلغ الطلب عليه حدود 100 مليون برميل يوميا قبل جائحة كورونا.
ما هي إلا ساعات قليلة بعد إعلان وتصريح وزير المناخ والطاقة الدنماركي “دان جورجنسن” عن وقف تصاريح التنقيب عن النفط والغاز فوراً بعد تصديق وموافقة البرلمان على ذلك، بالإضافة إلى التخلص التدريجي من استخدام الموارد الهيدروكربونية ضمن خطة مسبقة. لتقوم وسائل الإعلام الأجنبية المقروءة والمسموعة بتعاطي مع هذا الخبر بشكل كبير مع رغبة منها بتمرير رسائل مؤدلجة بأن عهد العصر الذهبي للنفط قد قارب للانتهاء.
هنا سوف نخوض في أعماق القارة العجوز “أوروبا”، لنبحث خفايا هذا التوجه نحو طاقة نظيفة ومناصرتهم لقضية المناخ. لكن كما يقال “عندما يُعرف السبب يبطل العجب”. الدول الأوروبية من الدول الفقيرة في المخزون الاحتياطي للموارد الهيدروكربونية، دول أوروبا مجتمعة يبلغ الاحتياطي المؤكد للنفط لديها 14.4 مليار برميل وهو ما يمثل قرابة %1 من إجمالي الاحتياطي العالمي. ولكي أكون أكثر دقة تمثل دولة النرويج وبريطانيا من هذا الاحتياطي ما نسبة %77.8 أي %11.2 مليار برميل. هذا بالتحديد هو ما يدفع الكثير من الدول الأوروبية للتوجه نحو الطاقة النظيفة.
وبالحديث عن دولة الدنمارك وإعلانها الأخير عن وقف تصاريح التنقيب جاء لأسباب اقتصادية وجيولوجية بحتة أهمها تناقص الاحتياطي النفطي الذي يبلغ 400 مليون برميل مكافئ. أما الجانب الآخر فهو أن الإنتاج الدنماركي وصل لذروته في عام 2004 للنفط حيث بلغ الإنتاج أعلى مستوى له عند 380 ألف برميل وبدأ بتناقص ليبلغ أقل مستوى له عند 68 ألف برميل في عام 2020 وهو ما يمثل نسبة تراجع بمقدار %82. كما انه يجب معرفة ان معظم الآبار النفطية لدولة الدنمارك تقع في بحر الشمال لذلك يجب الاستثمار بشكل مستمر للمحافظة على الإنتاج المتهاوي، وهو ما أصبح مكلف خصوصا مع تراجع أسعار النفط الحالية. وبالحديث عن الجانب الاقتصادي فالعائد النفطي يشكل فقط ما نسبة %1.1 من إجمالي الناتج المحلي لدولة الدنمارك لذلك لا يشكل تهديدا لميزانية الدولة. هذه هي الدوافع الحقيقة وراء تحول الدنمارك للطاقة النظيفة.
هذا الهجوم المتكرر والغير مُبرر والغير مقنع على أحد أهم مصادر ايراداتنا يدفعنا إلى سرعة إنشاء هيئة إعلامية سعودية متخصصة في الشأن النفطي ليس للدفاع ومواجهة الحجة بالحجة ولكن أيضا لإعطاء صورة صحيحة من مصادر موثوقة لسد الثغرة التي طالما استغلها الإعلام النفطي العالمي لتمرير اجندته. كلي ثقة بالكفاءات السعودية على تبنّي ذلك والدفع به قُدماً لأن نكون صانعين للمعلومة النفطية وليس مجرد ناقلين
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال