الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حتى نقرأ موازنة 2021 جيدا وندرك الجهود المضنية في وضعها، لابد أن نعي ماذا يحصل في الاقتصاد العالمي.
بدأت آثار انكماش سنة الجائحة 2020 على الاقتصاد العالمي تقلق جهات وأسماء لها وزنها في عالم الاقتصاد، فقد ألمح إرني تيديشي – كبير المستشارين الاقتصاديين السابق في الخزينة الأمريكية – بأن عدة مجالات صناعية هامة بدأت تدخل نفق المعاناة من الإخفاقات التجارية، وتراجع في الإنفاق وتحول فقدان الوظائف في 2020 الذي أعتبر مؤقت إلى دائم، مما يساهم في تعميق معدلات البطالة من جديد وهي من الإشارات الدالة على احتمال مواجهة ركود اقتصادي في 2021.
كما أن اقتصاديين كبار أمثال البروفيسور كامبل هارفي – أستاذ الاقتصاد في جامعة ديوك الأمريكية الشهيرة – والبروفيسور محمد العريان – رئيس كلية كوينز في جامعة كمبريدج البريطانية العريقة – قد أبديا قلقهم مما يطلق عليه اصطلاحا بالركود المزدوج، وهي حالة ركود أولى – وهنا هم على اتفاق مع تيديشي – ولكن تتبعها مرحلة تعافي مؤقتة ليدخل اقتصاد العالم حالة ركود جديدة.
مثل هذه المخاوف قائمة على إشارات جادة مثل البيانات العالمية من قطاعي الصناعة والخدمات، ومناشدات هيئة الأمم المتحدة المتكررة للحصول على مبلغ 35 مليار دولار لدعم أعمالها الإنسانية في 2021 وهو مبلغ يفوق ما طلبته في سنة الجائحة بحوالي 40%، وحراك البنك الدولي لشراء سندات أوروبية تصل إلى ما يقارب 2 ترليون يورو حسب ما ذكرته رئيس البنك – كريستيان لاجارد – لدعم اقتصادات الاتحاد الأوروبي، وتنبيه المدير التنفيذي للصندوق الدولي – كريستالينا جورجيفا – إلى أن عملية التعافي في 2021 ربما تواجه نكسات، وكل هذه الإشارات تدعم فرضية الركود، مما يتطلب مزيدا من الانفاق الحكومي وتخفيض نسب الفائدة وتقليل جاذبية الادخار لدفع حركة الاستهلاك.
للمملكة، لا يمكن انكار أن التحديات أمام اقتصادها الكلي ليست بالسهلة، بحكم أنها جزء من هذا العالم ومن ضمن أكبر عشرين اقتصاد فيه، خاصة أن لها الدور الأساس فيما يتعلق باستقرار امدادات أسواق النفط في حالة عدم يقين من صعود واستقرار الطلب على النفط كما كان الوضع قبل الجائحة، وقيادتها لجهود “أوبك +” في معالجة فوائض المخزونات، ومع توقع أن يتذبذب سعر البرميل عند متوسط ٥٠ دولار لمزيج برنت، يعني أن التزامات المملكة الدولية عامل ضغط اقتصادي عليها في المرحلة القادمة.
أما محليا، فبانشغال العالم في احتواء آثار الجائحة – التي متوقع ألا تنتهي قبل نهاية 2021 – وتعطل أجزاء في اقتصاداتها سينتج عنه بطئ في التبادلات التجارية، ومع ضبابية مستويات الاستهلاك المحلي فربما نرى ضغط إضافي على القطاع المصرفي للتوسع في اقراض القطاع الخاص لدعم مكافحة ضعف الأداء المتوقع وانعكاساته على الربحية ومعدلات البطالة، ومع احتمالية عدم فك كامل القيود على السفر من وإلى بعض الوجهات، ستتأثر مواسم السياحة والعمرة والحج، وكل هذا يؤثر أيضا على اقتصاد المملكة.
ولكن في ظل عملية التعافي العام لاقتصادات العالم مع التخوف من الركود المحتمل في بعضها، تشير مؤشرات صندوق النقد الدولي بأن المملكة ستحقق نمو في نطاق 3% وهو المعدل المتوقع في اقتصادات دول العشرين، مما يعني أنها سائرة – برغم الضغوط عليها – بجرأة وثبات في مسار انعاش اقتصادها وتعافيه بما تمتلكه من خبرة ثرية في إدارة المواقف، وبموارد كفيلة بالحفاظ على خططها وضبط أوضاعها المالية العامة في عام 2021 وما بعده، والميزانية الجديدة ستكون حُبلى بالمبشرات بمشيئة الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال