البيتزا والإنتاجية

بالتأكيد لا تتوقع مني أن أقول لك أنَّ تناوُل البيتزا يزيد من الإنتاجية في العمل، لكن سأخبرك بالرابط بينهما بعد هذه الأسطر. التواصل بين أعضاء فريق العمل هو أمر حتميّ، لكن هل يمكن لزيادة التواصل أن يؤثر على أداء وإنتاجية فريق العمل؟ هذا ما يؤمن به جيف بيزوس مؤسس عملاق التجارة الإلكترونية أمازون، حيث يرى أن على المنشآت أن تعمل على إيجاد طريقة لفرق العمل للتواصل بشكل أقل مع بعضها البعض، وإلا يصبح الاتصال والتواصل علامة من علامات الخلل في فريق العمل. يفضّل بيزوس أن تكون المنشأة لا مركزية وغير متشابكة، حيث يُمكن للفرق الصغيرة الابتكار والتجربة واختبار رؤيتهم، وينبغي لهذه الفرق من وجهة نظره أن تتمتع بقدر معقول من الاستقلالية. 

لذا وضع بيزوس في بدايات شركة أمازون قاعدة مهمة ساعدته في زيادة أداء وإنتاجية فرق عمله، وهي ألا يتكون فريق العمل من عدد لا تكفي لإطعامه اثنان من البيتزا، فإذا كان فريق العمل أكبر من أن تكفيه اثنان من البيتزا هذا يعني أن فريق العمل كبير وبالتالي يصبح هناك كثير من التنسيق والتواصل ومزيد من البيروقراطية، مما يؤثر في النهاية على أداء أفراد الفريق ومشاركتهم وتقليل الإنتاجية. فبطبيعة الحال كلما كبر فريق العمل كلما زادت المشاكل العملية التي يواجهّا أفراد الفريق في تنفيذ عملهم ومهامهم الجماعية. 

وبزيادة عدد أفراد فريق العمل، تزداد الروابط التي تُنشأ بينهم بشكل متضاعف، وكلما زادت الروابط كلما زادت مخاطر سوء الإدارة وسوء التفسير وسوء التواصل، مما يزيد الجهد والوقت المطلوبين لإبقاء فريق العمل بشكل متوافق وعلى نفس الصفحة. فعند إضافة أعضاء جدد لفريق عمل، قد يستغرقوا بعض الوقت حتى يصبحوا منتجين، بالإضافة إلى قضاء أعضاء الفريق أصحاب الخبرة بعض الوقت في تدريبهم على المشروع أو المهام التي يعملون عليها، كذلك هناك بعض المهام التي لا يمكن تقسيمها بسهولة على عدد أكبر من أجل إنهائها بشكل أسرع. 

بزيادة أعضاء الفريق لعدد غير مطلوب قد يؤدي إلى فقدان الحافز والشعور بالمسؤولية، حيث كانت هناك تجربة قام بها ماكس رينجلمان الأستاذ في الهندسة الزراعية، طلب خلالها من المتطوعين شدّ الحبل بأقصى قوة ممكنة، فوجد أنه عندما كان شخص واحد فقط يسحب الحبل كان الجهد الفردي المبذول 100%، ومع إضافة مزيد من الأشخاص انخفض الجهد الفردي، وعند تطبيق هذه التجربة على العمل، فإنه عند زيادة عضو جديد في فريق العمل، فعلى الرغم من الزيادة الإجمالية لإنتاجية الفريق، إلا أن إنتاجية كل عضو قد تقل بزيادة عدد أعضاء الفريق. وعندما يشعر أعضاء الفريق بالتراخي وعدم الشعور بالمسؤولية، يتأثر الفريق ككل، وتصبح المشاريع والمهام أقل كفاءة، حيث يقل الضغط على أفراد الفريق وتقل المسؤولية، لأنه يُصبح من الصعب تقييم الأداء الفردي بشكل صحيح وسط عدد كبير من أفراد الفريق، وهذا ما أكدته بيب لاتاني أستاذة علم النفس. 
لذا تسعى العديد من المنشآت في تطبيق العمل المرن Agile work لمواجهة تحديات المشاريع والمهام الكبيرة التي تحتاج إلى عدد كبير من الأفراد لتنفيذها، والذي قد نتناوله بمزيد من التفصيل في مقالات قادمة بمشيئة الله تعالى.