الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مناقشة القضايا المتعلقة بالنفط، كأسواق النفط والتغير المناخي و ذروة الطلب على النفط، من غير المختصين تسبب ضررا متزايدا لموثوقية الطلب على النفط. فاستخدام التحليل الفني عوضا عن اساسيات الأسواق لمناقشة أسواق النفط، وربط التغير المناخي بالنفط وليس الانبعاثات، والتطرق الى توقعات بعض المؤسسات التي تتوقع أن يصل الطلب على النفط الى ذروته قبل نهاية العقد، كلها تحليلات غير احترافية وتؤثر على الرأي العام وتفضيلات المستهلكين والمستثمرين، وتؤثر كذلك سلبا على صانع القرار. لا بد من التصدي لهذه التحليلات عن طريق بناء قدرة إعلامية من الخبراء والحاويات العلمية.
وسائل الإعلام الإخبارية هي مؤسسات هادفة للربح، فهي ليست مؤسسات خدمة عامة. عندما تجد وسائل الإعلام أنها تزيد جمهورها، فإنها تستمر في التأكيد على المحتوى الذي يجذب الجمهور الأكبر، سواء كان المحتوى حقيقة أو رأيًا، أو حتى في بعض الحالات مضللا. يشكل انتشار المعلومات المضللة عبر وسائل الاعلام والإنترنت تحديا خطير للمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وبالأخص، أثبتت منصات التواصل الاجتماعي أنها أرض خصبة بشكل خاص للمعلومات المضللة. تتكون الأخبار المضللة من معلومات خاطئة متعمدة تحت ستار كونها أخبار حقيقية، ويتم نشرها عبر بعض وسائل الإعلام، ويتم إنتاجها بهدف معين مثل زيادة الدخل، أو الترويج أو تشويه سمعة شخصية عامة، أو منظمة.
تحتفظ وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية لدرجة ما بآلية لضمان الدقة في الأخبار والتحليلات، لكن لا يتوقع أن يحتوي الإنترنت المفتوح على هذه الآلية، فل مكان لتحري الحقيقة والدقة، واضف الى ذلك زيادة عدد مصادر الأخبار والمعلومات المتاحة للشخص العادي بشكل هائل. فبسبب نزعة التحيز التأكيدي، يبحث المستخدمون عن المحتوى الذي يتوافق مع اهتماماتهم وتحيزاتهم في الفضاء الواسع من الأفكار على الإنترنت.
لا يلزم سوى قدر قليل من الأخبار المضللة وتضخيمها للتشويش وتشتيت الانتباه، عن الحقيقة والاخبار الأهم. غالبًا ما تعتمد الأخبار المضللة على الإسناد الخاطئ للذاكرة لها وهي حالات يمكننا فيها استرداد الأشياء من الذاكرة ولكن لا يمكننا تذكر مصدرها لتأكيد صحتها. يمكن أن يزيد تكرارها من الشعور بأن المعلومات الخاطئة صحيحة. قد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم لتصديق الأخبار المضللة، لكن الجميع في خطر. الأشخاص الأكثر تعلما لديهم قدرة قوية على ربط الكلمات المختلفة وهم أقل عرضة للتعرض للإسناد الخاطئ للذاكرة. إذ قد يخلق التكرار تصورًا عاما لدى المجموعة ما، يصعب على الافراد الأكثر تعلما مقاومتها.
هناك جانب اخر، وهو انتشار التحليلات غير الاحترافية، والتي تُتناول من غير الأكفاء في قضايا لا يمكن ان يناقشها الا المختصون في مجالهم. غالبًا ما تكون الموضوعات العلمية معقدة للغاية ويصعب تقديمها للجمهور، خاصة لغير الخبراء. كما أن التقدم السريع في كل من البحث العلمي والابتكار التكنولوجي وأثرهما على المجتمع يعني زيادة صعوبة معاصرة العلم والتكنولوجيا وشرحهما للجمهور بشكل متكامل. ايضا، تحتم التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي والذي أحدثه الانتشار السريع لمناقشة القضايا العلمية في وسائل الإعلام الجديدة خلق العديد من التحليلات غير الاحترافية لها. هناك الآن المزيد من الفرص للعلماء للعب دور أكبر في إنشاء محتوى العلوم على المستوى الشعبي والتعاون مع وسائل الإعلام في توصيل ومعاصرة العلوم والابتكار التكنولوجي.
من جهة اخرى، فبعض التحليلات العلمية لها نتائج سياسية واقتصادية مؤثرة كقضية التغير المناخي. بمجرد أن تدخل السياسة في التغطية العلمية لآراء الخبراء، يتم البحث عن خبراء بعينهم واقتباسهم على نطاق واسع حيث يرتفع معدل ظهورهم في وسائل الإعلام بشكل كبير. عندما يصبح العلم مرتبطًا بالسياسة ويتقدم في الأخبار جدول أعمال علماء يعملون في مجالات حساسة سياسيًا، تفقد التغطية العلمية حيادها العلمي ويفقد العلماء المنخرطين في ذلك امانتهم العلمية، لذلك لا ينتظر ان يسيس العلم الا غير الخبراء، ويصبح التقييم الصحيح للخبير المزعوم ومدى مصداقيته أكثر صعوبة، حيث يتحدثون عن قضايا معقدة مع علم غير كاف للتصدي لتأثير القضايا المختلفة على المجتمع والاقتصاد.
لا بد من استحداث الية وطنية لمراقبة الاخبار، وقياس تأثيرها، ومقاومة أثرها. إن محاربة الأخبار المضللة سيف ذو حدين: فمن ناحية، فإن تحذير مستهلكي الأخبار والترويج للأدوات ليكونوا على دراية بمصادر المعلومات وتحديهم أمر إيجابي للغاية، بينما من ناحية أخرى، قد ننتج مستهلكي أخبار قد لا يثقوا في كل الأخبار، حتى بالأخبار جيدة ووثيقة المصدر. فقد نحقق حالة عامة من الارتباك، حيث يكون مستهلكو الأخبار غير مهتمين أو غير قادرين على تحديد مصداقية أي مصدر إخباري.
دفعت مكافحة المعلومات الخاطئة بعض باحثين لاستكشاف طرق وقائية للتخفيف من حدة المشكلة. نحن بحاجة إلى التكنولوجيا لخوض هذه المعركة. يتيح الذكاء الاصطناعي العثور على الكلمات والأنماط التي تشير إلى أخبار مضللة بكميات هائلة من البيانات، حيث تعمل شركات التكنولوجيا بالفعل على ذلك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال