الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تسبب الوباء في أن يتحول العام 2020 اقتصاديا من عام اعتيادي إلى أن يكون العام الأسوأ على الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، اتجه صندوق النقد الدولي إلى تعديل تقديراته للاقتصاد العالمي عدت مرات حتى وصل إلى تصوره في أكتوبر الماضي بأن الاقتصاد العالمي سيشهد انكماش بما يعادل 4.4% في 2020 متحسن بشكل بسيط عن تقديراته السابقة بنهاية الربع الأول والتي كانت عند 4.9% وبجانب هذا الانكماش خفض الصندوق تقديراته للنمو الاقتصادي للسنوات الثلاث التالية هكذا كان عمق الأثر المقدر لهذه الجائحة التي غطت العالم بأكمله.
كان من المقدر للمملكة أن تكون وسط هذه التحديات رئيس لمجموعة دول العشرين وهذا ما جعل السعودية بالإضافة إلى دورها القيادي في الاقتصاد العالمي مؤثر رئيس في قيادة العالم وسط هذه الأحداث الاستثنائية إن كان ذلك في الاجتماعات التي أدارتها والخاصة بمواجهة الوباء عمليا واقتصاديا كذلك أو في إتمام الحدث الأضخم في إدارة قمة مجموعة العشرين افتراضيا.
التقديرات السابقة لميزانية المملكة للعام 2020 أن تبلغ إيرادات الدولة 833 مليار ريال وأن تكون إجمالي النفقات لهذه السنة 1,020 مليار ريال وجاءت الأرقام الفعلية لإيرادات الدولة 770 مليار ريال منخفضة 8.18% هذا الانخفاض يقل عن الأثر المقدر للجائحة وتوقف الاقتصاد وفي هذا تحكم في حجم الأثر و في الوقت ذاته ارتفعت النفقات للدولة إلى 1,068 مليار ريال بزيادة 48 مليار ريال. بلغ العجز 298 مليار ريال بالمقارنة مع التقديرات السابقة 187 مليار ريال بزيادة 111 مليار ريال. تعتزم الحكومة الإبقاء على أوجه الإنفاق للقطاعات الرئيسية بمستويات تحفظ لها قدرتها المشاركة في عكس النمو الاقتصادي ليصل إلى التوقعات عند 3.2% في 2021 بمشاركة صندوق التنمية الوطني وصندوق الاستثمارات العامة ليأخذوا حصتهم من الإنفاق الرأسمالي بجانب الإنفاق الحكومي المباشر وهذا من شأنه بناء أرضية ملائمة لاستثمارات القطاع الخاص في اتجاهات جديدة تعزز تنمية المحتوى المحلي في المملكة وتزيد من إقبال القطاع على الاستثمار.
أطلقت دول العالم حزم تحفيز لحماية اقتصاداتها من أثار الجائحة وكانت خطط التحفيز لمجموعة دول العشرين بالمتوسط عند 9.7% من حجم الاقتصاد. وضعت المملكة حزم تحفيزية تجاوزت قيمتها 218 مليار ريال تمثل 3.1% من حجم الاقتصاد وبالرغم من أن خطة التحفيز في المملكة اقل من متوسط نظيراتها في مجموعة العشرين إلا أن أثر الخطة كان فعالا وهذا أظهرته تقديرات الصندوق بالمقارنة مع متوسط انكماش 6% لاقتصادات مجموعة العشرين, كذلك تأتي أرقام مؤشر مديري المشتريات لدول المجموعة دلالة إضافية بأن الخطط التحفيزية والتعامل في مواجهة الجائحة قد أحدث أثرا إيجابيا مباشرا في الاقتصاد السعودي فقد كانت قراءات المؤشر الأقل تراجعا خلال ذروة الجائحة والأسرع تعافيا مع بداية عودة الأنشطة مره أخرى انعكس ذلك على تعافي التوظيف في القطاع الخاص بين شهري مايو 2020 و أكتوبر 2020 ب 3.6% .
من يقرأ الأرقام ويقارن الأحداث يستطيع الحكم على ما قدمته حكومة المملكة العربية السعودية للإنسان وللاقتصاد من موازنة بين التصدي للجائحة والمحافظة على الاقتصاد عند مستوى منخفض من الضرر جراء هذا الوباء فقد شهدنا هذا العام توقف تام للحياة وأسعار تاريخية منخفضة للنفط بل حتى سالبة لخام نايمكس. كانت الجائحة بمثابة اختبار مفاجئ لخطط كانت تعمل عليها المملكة منذ إطلاق برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030 والذي تظهره الأرقام بأن التنوع في الإيرادات وإدارة الموارد في المملكة قد وصلت إلى مستويات متقدمة.
ختاما بجانب كل هذه التوازنات بين ما حدث ويحدث أمام صانعي السياسات المالية في المملكة تحدي مهم للحفاظ على دوران العجلة من الجانبين العام والخاص حيث كان ولا زال الانفاق الحكومي يؤثر بشكل مباشر على دوران العجلة الاقتصادية وبجانب ذلك تحفز المبادرات الحكومية القطاع الخاص للمشاركة في دعم دوران العجلة ما يدفع الاقتصاد في نهاية المطاف للوصول إلى محركات اقتصادية متوازنة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال