الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل أشهر تم الإعلان عن مسودة نظام الشركات الجديد، حيث سيساهم هذا النظام الجديد في تحسين المناخ الاقتصادي للنمو بالقطاع الخاص وزيادة مساهمته في زيادة الناتج المحلي للمملكة. من ضمن الشركات الجديدة التي أُدرجت في النظام، هي الشركات غير الربحية. إدراج هذا المسمى في نظام الشركات، يعتبر من وجهة نظري محاولة احتواء القطاع الغير ربحي ومساعدته على أن يكون له دور فاعل في الاقتصاد. لكن، دعونا نفكر في مسألة أن نظام الشركات هو نظام يهدف الى تنظيم الشركات الهادفة للربح، وتحقق ارباحاً لمالكيها والمساهمين فيها. لكن الشركات غير الربحية على العكس تماما، فالهدف من تحويل بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية الى شركات غير ربحية هي تحقيق أرباح مادية من أجل مساعدة القطاع العام والخاص في التنمية الاقتصادية والدعم الاجتماعي على حسب توجه هذه الشركات وسبب انشائها. وبالتالي، فالشركات الغير ربحية سوف تواجه الكثير من التحديات القانونية والإدارية بسبب أن ما ينطبق على الشركات الربحية لايمكن ان ينطبق عليها لاختلاف الهدف من إنشائها. لذلك، فهذا النوع من الشركات يحتاج الى نظام مستقل عن نظام الشركات الربحية بكافة اشكالها وانواعها.
من ضمن التحديات التي ستواجه الشركات الغير ربحية، هي تنظيم مسألة المشتريات والعقود الحكومية. في المقال السابق، تحدثت عن ضرورة السماح للمؤسسات الغير ربحية للمشاركة في المشتريات الحكومية لتنويع مصادر دخلها. ولو فعلا تم تطبيق ذلك، فسوف تواجه هذه المؤسسات مشاكل قانونية تتعلق بالمشتريات والعقود الحكومية والأرباح و التلاعب المالي و الإداري. خاصة أن غالبية الأبحاث وآراء المختصين بنظام المنافسات والمشتريات الحكومية تتمحور حول الشركات والمؤسسات الربحية والمؤسسات الحكومية. وعلى الرغم من أن ممارسات الشراء الجيدة ضرورية لنجاح أي مؤسسة ، فإن هذا ينطبق بشكل خاص على المؤسسات غير الربحية. لأنه في الواقع، عند إعطاء المؤسسات الغير ربحية صلاحية تكوين مصادر دخل خاصة فيها عن طريق السماح لها بالدخول في المنافسة على المشاريع و المناقصات الحكومية، إلا أن سياسة المشتريات للمؤسسات غير الهادفة للربح تختلف عن المؤسسات الهادفة للربح، حيث غالبا سيستمر دعم المؤسسات الغير ربحية من خلال التمويل الحكومي بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي، فيجب أن يكون هناك نظام مستقل يتولى عملية تنظيم الشراء بشكل يجعل القائمين على إدارة الشركات الغير ربحية ملتزمين باللوائح والإرشادات التي تكون بمثابة خارطة الطريق للإستفادة بشكل حقيقي وعملي من اعطائها صلاحية الدخول في المنافسات والعقود الحكومية. ايضا، من ضمن الأسباب التي نحتاج فيها الى نظام مستقل للشركات الغير ربحية، ان الشركات الربحية غالبا لا تتلقى دعم حكومي إلا في حالة وجود جائحة مثل جائحة كورونا، وبالتالي القائمين على إدارتها يسعون في غالب الاحيان الى تحقيق الارباح لان هذه الأرباح تصب في مصلحة الشركة الربحية. اما الشركات الغير ربحية، غالبا ماتلقى الدعم المالي الحكومي كمصدر للدخل، وبالتالي، لا يمكن التعويل فقط على امانة القائمين على إدارتها ورغبتهم الحقيقية في تحقيق مصلحة الشركة وزيادة أرباحها، لذلك يجب تنظيم عملية استثمار هذا الدعم المالي للتأكد من إنفاق الأموال بحكمة لضمان نمو المنظمة.
أحد التحديات ايضاً تتعلق بمسألة تعارض المصالح واستغلال العمل لتحقيق المصالح الشخصية. هذه المسألة من وجهة نظري يجب تنظيمها بشكل واضح وصريح وعدم الاحالة الى اي نظام اخر لتعريفها او توصيفها. من أكبر التحديات التي ستواجه هذا النوع من الشركات هذان الموضوعان والسبب ان من يعمل بها قد يستغل موارد هذه الشركات ليغذي مصالحه الشخصية. وعندما اقول مصالحه الشخصية، قد تكون هذه المصالح متعلقة بالجانب المادي مثل التلاعب بالارقام من خلال استغلال سلطته داخل هذه الشركة واختلاس هذه الأموال، قد تكون من خلال الدخول في علاقات تجارية مع شركات تخدم بشكل مباشر أو غير مباشر مصلحة القائمين على ادارة وقيادة الشركات الغير ربحية. كذلك، من ضمن التحديات هي أنه لا يوجد ضمان على إخلاص على من يعمل في هذه الشركات، وبالتالي تعارض المصالح أو حتى استغلال الوظيفة للمصالح الشخصية قد لا يكون بهدف الاضرار بهذه الشركة بقدر ما هو اعتقاد بأن ما يقوم به هو من أعمال الخير، مثل التعاقد مع شركة اخرى لتقديم خدمات معينة وهي ليست على المستوى المطلوب، والهدف هو تحقيق منفعة لصاحب الشركة الربحية بحكم ان هدف الشركات الغير ربحية هو دعم المجتمع والاقتصاد.
هناك ايضا الكثير والكثير من التحديات التي ستواجه الشركات الغير ربحية و التي يجب تنظيمها بنظام مستقل عن نظام الشركات الربحية، مثل عملية التحقيق في بعض المخالفات، تشكيل مجالس إدارتها وعملية التصويت وتفويض التصويت، حوكمة هذه الشركات ..الخ. الشركات الغير ربحية تعتبر أكثر تعقيدا من الشركات الربحية، لأنها ستشارك القطاع العام والخاص في عملية التنمية. القطاع الثالث وشركاته يعتبرون قطاع ضخم وكبير ومستقل عن القطاعات الأخرى، وبالتالي، التحديات التي تواجهه الآن والتي ستواجهه في المستقبل، لا يواجهها القطاع العام والخاص. لذلك، فمن وجهة نظري، يجب تولية تنظيم الشركات الغير ربحية بنظام مستقل يجمع ما بين تنظيم موارد الدخل والرقابة والادارة وتشكيل مجالس ادارتها والتصويت فيها وغيرها من القضايا والمواضيع التي تهم هذا النوع من الشركات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال