الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وصلنا الى نهاية عام يعد هو الأصعب اقتصادياً وصحياً, ولا أعتقد انه اصبح يخفى على احد الان, الاثار الجسيمة التي تسببت بها هذه الأزمة, والتي حتى وأن اختلفت التسمية بين كوفيد-19 أو كورونا , ألا اننا جميع نتفق أنها أصعب أزمة ضربت البشرية في القرن الحالي.
وصلتنا هذه الجائحة في الخليج متأخرة نوعاً ما مقارنة بدول أوروبا ودول ما يسمى بالعالم الأول, والتي كانت تعاني وفي أصعب مراحل الخوف والهلع.
فالمواطن الإيطالي على سبيل المثال يرى نظامه الصحي ينهار أمامه وحكومته تصرح ” فقدنا السيطرة “, ومواطن أسباني ليس منه ببعيد يعيش رعب نقص المستلزمات الطبية والخوف من المصير الإيطالي.
أما المواطن الأنجليزي كان يعيش حرباً داخلية مع حكومته لإقناعها في اتخاذ إجراءات أكثر حزم تحدُ من انتشار المرض ورئيس حكومته يرد بالرفض لأضرارها الاقتصادية ويصرح ” أستعدو لفراق أحبائكم “.
وصلنا في ذلك الوقت الى شلل شبه تام في أقتصاد العالم وأنهيار لأسعار النفط ووصولها الى مستويات منخفضة جداً, أثرت سلباً على الأسواق وجعلت الخلافات بين الدول المنتجة في مستويات ليس لها مثيل.
توقفت الحياه توقفاً شبه تامً, أصبحت الجائحة في أوجه قوتها وأنتشارها, أنعدمت الرؤية لدى العالم وأضطرت بعض الحكومات الى التضحية بصحة المجتمع مقابل الاقتصاد.
في هذه الأثناء تصدّر المشهد موطني بقرارات احترازية وحازمة من مقام خادم الحرمين الشريفين والتي تحمل في طياتها رسائل مطمئنة تؤكد بأن الغالي والنفيس يسخّر لسلامة المواطن والمقيم على هذه الأرض.
كانت هذه القرارت شجاعة وذكية شاملة لكل الجوانب الصغيرة والكبير, ساهمت بعد توفيق الله على احتواء الازمة داخلياً جعلتنا اليوم من أقل الدول في العالم تأثرً بالجائحة.
أما خارجياً, قاد المشهد الأقتصادي سمو سيدي ولي العهد حيث ساهمت توجيهاته في التوصل إلى الاتفاق التاريخي اوبك-بلس والذي ساهم في رفع اسعار النفط من قرابة 18 دولاراً للبرميل الى أن جعل متوسط سعر البرميل في هذا العام هو 42 دولاراً.
حافظ هذا الاتفاق على استقرار أسواق الطاقة وبالتالي اقتصاد العالم, وعودت تركيز دول العالم على محاربة الجائحة.
واليوم مع أعلان ميزانية 2021, نرى أن المملكة حققت انخفاضاً في الايرادات المتوقعة لعام 2020 بقرابة 63 مليار ريال عند مستويات 770 مليار ريال بعد ان كان توقعاتها عند 833 مليار ريال.
ألا انها استمرت في انفاقها للمحافظة على صحة المواطن والمقيم حتى تجاوزت الانفاق المعتمد (1020 مليار ريال) بقرابة 48 مليار ريال عند مستويات 1068 مليار ريال وهو يعد قريباً جداً من أعلى انفاق سنوي في تاريخ المملكة, ومحققه عجزاً يقارب 298 مليار ريال.
قدمت المملكة نموذجاً رائعاً ومرونة مميزة في إدارة الأزمة تفوقت به من وجهة نظري وبكل وضوح على ما يسمى بدول العالم الأول, خصوصاً ان التحديات كانت كبيرة جداً بين انخفاض حاد في الايرادات وضرورة ملحة على رفع الانفاق للمحافظة على صحة الأنسان.
هذا النموذج السعودي كان درساً مجانياً للجميع في فن إدارة الأزمات وترتيب الأولويات, لا أستبعد تدريسه يوماً ما في أرقى الجامعات في العالم.
لم تكن الأزمة كما تبدو صحية واقتصادية فقط, بل أبعد من ذلك بكثير, كانت أزمة ثقة.
كانت اختباراً حقيقياً لمصداقية الحكومات, واضطرت ان تختار فيه ما بين الإنسان أو الاقتصاد, كان من وجهة نظرهم الاقتصاد هو الأهم واختاروه, لذلك فقد الإنسان الثقة بهم واستمرو في المعانات وعدم الخروج من الأزمة.
وفي ميزانية 2021, يستمر وطننا الغالي في الانفاق حيث يبلغ إجمالي الإنفاق المعتمد 990 مليار ريال وهو يعد مرتفعاً خصوصاً بعد ما مر به الأقتصاد في العام السابق, ولكن نرى في هذا الرقم الرغبة الكبيرة من الحكومة في تحفيز ومساندة الانشطة الاقتصادية, خصوصاً بعد معرفة أن الإيرادات المتوقعة هي قرابة 849 مليار ريال.
وتستهدف الدولة خفض عجز الميزانية في عام 2021 الى قرابة 141 مليار ريال, والإبقاء على معدلات الدين العام عند معدل 32.7% من الناتج المحلي بعد ان كانت عند 34.3% في هذا العام.
وتصدرالانفاق حسب القطاعات, قطاع التعليم حيث شكل ما يقارب 19% (186 مليار ريال) من الميزانية, يليه الصحة والانفاق العسكري ب 18% (175 مليار ريال) لكل منهم.
كان عام 2020 عاماً شاقاً وتاريخياً للعالم, نجحت فيه المملكة في اكثر من محفل, اقتصادياً, صحياً , وتنظيمياً.
سوف يكون عام يتذكر فيه العالم مشاقه وبفضل من الله عز وجل سوف نتذكر فيه أنجازاتنا.
لذلك أقول, ان كنت مواطن أو مقيم في هذا الوطن فأنت بفضل الله ثم القيادة الحكيمة لم تتعرض للأزمة الحقيقية.
وختاماً أتسائل, هذا وطنا من يباهينا بوطن !!!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال