الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وضعت جائحة كوفيد-19 العالم كله في حالة هلع من مواجهة ظلام اقتصادي دامس مفاجئ لتصنع كارثة اقتصادية عالمية، إلا أن المملكة كانت من أكثر دول العالم استعدادا لمواجهتها، بسبب دخولها المسبق في معترك خطط تحول الرؤية الكبرى خاصة في اقتصادها وماليتها.
هذا ساهم في نجاح التعاطي مع الجائحة كأحد تحديات الاصلاح، خاصة أن المملكة كانت قد أسست وبدأت تنفيذ خطة جريئة للتحول الاقتصادي الوطني من خلال برنامج التحول الوطني 2020، وبرنامج التوازن المالي بأجندة للإصلاح وبأهداف رئيسة مثل التنويع للمداخيل والبعد عن الاعتماد على دخل النفط فقط، وتحسين القدرة التنافسية وبيئة الأعمال، وتعزيز زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، والعمل على مشاركة القطاع الخاص الفعلي في بناء الاقتصاد غير النفطي.
وبعد نجاح المملكة في إدارة الموقف الصعب وقد وضعت الانسان وسلامته نصب عينيها في 2020، أتت أرقام وبنود موازنة 2021 المعلنة في مساء الثلاثاء 15 ديسمبر لتبدأ المملكة العمل على تشافي اقتصادها مما حصل، وقد تعدى عرض الموازنة الجديدة الموقف الجاف المعتاد للأرقام ليتحول العرض إلى تشويقي، خاصة أن الأرقام مبشرة وقد استقبلت بارتياح عام.
عوامل الطمأنة هذه كانت نتاج مجهود راقي في إشراك المواطن خطوة بخطوة منذ انطلاق رؤية المملكة، ففي خلال السنوات الماضية، رأى المواطن بيانات ما قبل الموازنة والتي تعّرف فيها على استراتيجيات المالية العامة، وأيضا بيانات الميزانية السنوية وما حصل من خلالها من تحسينات وتعديلات، بحيث يكون المواطن على اطلاع بكل التفاصيل، هذا إضافة إلى تقارير الميزانية وما يتعلق بها من أمور وقضايا، وتقارير نهاية السنة والتوقعات وماهي أسباب أي تغير في المسار، وتقارير أداء الميزانية الربع سنوية التي تشير إلى أي تطورات طارئة.
هذا الواقع الملموس أنعكس أيضا على تحسن أداء المملكة في مؤشر الميزانية المفتوحة لشراكة الموازنة الدولية، وارتفاع مكانة المملكة في ميزان درجة الشفافية العالمي حتى وصلت إلى مرتبة عالية مع نهاية عام 2019، ومازال هناك مساحة واسعة لمزيد من المبشرات المستقبلية، حيث أن الإدارة المالية تعمل على تطوير أداء المزيد من السياسات الاقتصادية والمالية، خاصة فيما يتعلق بأطر إدارة الأصول والخصوم السيادية، مما سيقدم تقييمات أعلى وضوحا نحو اتخاذ قرارات متعلقة بالاستثمارات – على سبيل المثال – وتأثيرها على الميزانية العمومية بإيجابية في المستقبل القريب.
ما هو أهم من الأرقام يكمن في بناء إدارة مالية فاعلة ومُطَمئِنة، وهنا لابد من الإشادة بجهاز إدارة المملكة المالية – المتمثلة في وزارة المالية – التي وضعت نفسها أمام اختيار واحد لا ثاني له بغرض كسب ثقة الجميع، وهو العمل والظهور بمصداقية قائمة على مفهوم الأداء والنتائج بكفاءة وفعالية ومن خلال اعتبار أفضل الخيارات، وفي ظل التزام لا مساومة عليه بالشفافية والمساءلة والمحاسبة في أعلى معاييرها، وهذا يعكس مدى التقدم المحرز وفي فترة وجيزة لخطط إصلاحات الرؤية نحو التحديث المؤسسي العام للدولة، والتي سيكون لها نتائج إيجابية مستدامة على الاقتصاد والمجتمع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال