الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“اعرف نفسك”، مقولة للفيلسوف اليوناني سقراط، تناسب ما ستقرأه في السطور التالية، ولكن سقراط المقصود بالمقال ليس نفسه الفيلسوف، سقراطنا هو بودكاست “سقراط” للأستاذ عمر الجريسي، وموضوعنا بالتحديد يختص بحلقته مع نائب وزير الصناعة المهندس أسامة الزامل.
استمعت للحوارمع نائب الوزير واستمتعت به لعدة أسباب، منها ما هو خاص ويعود لاهتمامي بالصناعة وتنميتها، والأغلب لشعوري بشغف المهندس أسامة وصلته بالصناعة وقصتها في المملكة، بدأ القصة منذ بداية الصناعة في البلد ومرورا بمراحل تشكل المنظومة الصناعية والمتمثلة برجال الأعمال الصناعيين والجهات الحكومية الداعمة، ثم تكلم عن الجهود المشتركة، وكيف بدأ الدعم الحكومي وموقع صندوق التنمية الصناعية من القصة وبعض المقتطفات عن صناعاتنا المختلفة، حتى وصلنا لمرحلة برنامج صناعة 2030 الذي مهد لإنشاء وزارة مستقلة للصناعة، ويرتكز البرنامج على ثلاث ركائز وهي التشاركية بين القطاع الخاص والعام، وتوحيد صوت الصناعيين، والمواءمة مع الرؤية.
وأكثر ما عجبني في الحوار هو خروجي منه بتصور جيد للسياق الصناعي للبلد، كيف بدأ القطاع وأين يتجه، وهذه القصة ممكن تكون معروفة لأهل الصناعة لكن قد لا تتضح لمن هو خارج القطاع، فبالنسبة لغير الصناعيين قد لا تمثل الصناعة إلا مجموعة من الهناجر المكتظة بالمعدات المكلفة مع كثرة العمالة الوافدة وحاجة متذبذبة للمستودعات والدعم اللوجستي، بينما أهل الصناعة يتضح لهم بشكل أكبر سياقها العام وموقعهم فيه وما ينقص المنظومة الصناعية وكيف يتكاملون مع غيرهم لإكمال القصة والجدوى من الاستثمار، لذا نجد بعض ممن لم يتعرف على الصناعة ويتحاشاها قد يخاطر في الاستثمار بمجالات أكثر خطورة منها مثل المطاعم لأنها مألوفة لديه فهو عميل للمطاعم وصادف وصفة أو خدمة تعجبه فيميل نحو التفاؤل بها، ليكتشف ان المجال أصعب مما يظن.
ذكرني حوار سقراط بمصمم إيطالي تعاملت معه، كان يتحدث بوضوح عن المنظومة الصناعية في بلده ضمن سياق يمتد من الماضي للحاضر، من كلامه أتضحت لي الصناعة الإيطالية المرتبطة بمجال تعاوننا وكيفية الخوض فيها.
حالة مشابهة مرتبطة بالشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا، المشهورة عالمياً ب “Mittlestand” ويعتمد عليها القطاع الصناعي الألماني بشكل كبير، وأغلبها شركات عائلية صناعية تجذرت في مجتمعاتها وشكلت السياق الصناعي لها، الأجيال المتعاقبة لهذه الشركات العائلية هي الصلة بين الحاضر والمستقبل، وبقائها واستمرارها أصبح شأن عام تحرص عليه وتدعمه الحكومة الألمانية.
قبل فترة بسيطة صرح وزير الصناعة الأستاذ بندر الخريف بأحد التحديات الكبرى التي تواجه الصناعة السعودية وهو جذب المستثمرين من خارج القطاع، وهو تحدي صعب، قد يساعد على تحقيقه لو كشفنا لمستثمري وعاملي كل منطقة قصة وسياق ومنظومة الصناعة حولهم وفي مدنهم، ربما يحفزهم ذلك للإقدام والتكامل مع غيرهم لكتابة الفصل التالي منها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال